وجهات نظر

رجال أعمال يبيعون الوهم!

رجال أعمال يبيعون الوهم!

كنّا نلوم عدداً من المسؤولين عندما يرفعون سقوف توقعاتهم حيال عدد من المشاريع أو حيال الأداء الاقتصادي ونطالبهم بألا يسجلوا التزاماً قبل ان يصبح واقعاً على الأرض حتى لا يقعوا في فخ تسجيل انجازات وهمية يتبعها سيل من الاتهامات بالفساد والهدر او اخفاء الحقائق.

هذه العدوى انتقلت بقصد أو من دون قصد إلى بعض رجال الأعمال فمارسوا الخطأ نفسه.

في فترة ما لمع بعض رجال الأعمال بعد ان ارتبطت اسماؤهم بإعلانات رنانة عن مشاريع ضخمة فحصلوا على أراضٍ واسعة في جنوب المملكة وأطرافها بدعوى تنفيذ مشاريع مليارية ومضت السنون ولم يحدث شيء فسحبت الأرض لحسن الحظ لكن من دون ان يدفع رجل الأعمال هذا أي تكلفة على سبيل الغرامة عن تضييع الفرص والوقت وكنت في حينها أتابع هذه الإعلانات بشغف وانتظار وأمل مثل كل المواطنين قبل ان اصاب بخيبة أمل فكيف يمكن لرجل أعمال ما أن ينفذ مشروعا ملياريا بينما يعجز عن سداد ثمن بضعة أسهم اشتراها في شركة ما!

يجب على الحكومة ألا تترك لبعض رجال الأعمال بيع الوهم على إطلاقه وإلزامهم بالإعلان عن مشاريعهم المستقبلية عندما تكون جاهزة للتنفيذ والتمويل حتى لا تقع في ذات خانة الاتهام. لا بل يجب أن تحاسب هؤلاء على عدم مصداقيتهم ولا أبالغ إن قلت معاقبتهم على بيع الوهم وتحميل الدولة ما لا تحتمل في مثل هذه الظروف الاقتصادية.

‎في وقت مضى كان دخول مشترين عرب على شركة مغمورة في البورصة يصعد بسعر سهمها 240% في غضون اقل من شهر ونصف الشهر حتى من دون خطط واضحة لغايات هؤلاء المشترين إلا من تصريحات معلقة في الهواء تتناقلها صحف ومواقع إخبارية.

‎فقط كان التحشيد الدعائي وراء صعود السعر وإقبال المستثمرين والمضاربين، وبينما كانت هيئة الأوراق المالية توجه استفسارات عن مجريات أقل شأناً حول حركة أسهم أخرى لم تعر اهتماما للتركيز الذي ناله السهم الذي بدا وكأنه استيقظ فجأة وأصبح مركز تداولات البورصة.

‎هذه السياسة لا تقوم على قواعد متينة من الجدية والقدرة على الإنجاز التقطها بعض رجال الأعمال ولا اعرف ما هي المكاسب التي يمكن أن تتحقق من ذلك لكني اعرف مدى النتائج السلبية لمثل هذه السياسة على الناس وعلى الاقتصاد وعلى المصداقية..

‎الصفقات والاتفاقيات التي تنتهي بالتوقيع، ليست وليدة اللحظة، فهي على الأقل تعود في مفاوضاتها الى ستة أشهر؛ فكيف يمكن أن تولد فجأة فكرة في مؤتمر ما وتصبح حقيقة بلا أية قواعد او حقائق إلا من استعراض لا يعني شيئا!

‎المستثمر أو رجل الأعمال الذي يشطح يعرف انه لا يتحمل مسؤولية تصريحاته الصحفية فهو يعرف أنها في الهواء بينما انه يجب ان يخضع للمساءلة بموجب القانون والأخلاق تحت طائلة جرم الإيهام..