وجهات نظر

لم تتوقف الحرب لهذه الأسباب

لم تتوقف الحرب لهذه الأسباب


كان متوقعا انهيار الاتفاق الذي تم توقيعه في شرم الشيخ، لأن الكل يدرك أن الهدف الأساسي هو استعادة الأسرى الإسرائيليين فقط.

هذا اتفاق تم توقيعه بحضور إقليمي ودولي، إلا أنه كان ملغما منذ البداية، والألغام موزعة على عدة عناوين؛ أبرزها استعادة رفات القتلى برغم استحالة ذلك في أغلب الحالات بسبب الأنقاض والقصف الذي دمر كل شيء ولم يترك أثرا لبناء أو إنسان، ثم نزع السلاح، وما فيه من إشكالات متعددة، وملف إعادة الإعمار المشروط.

طبقت إسرائيل على غزة ذات النموذج اللبناني، أي الوصول إلى اتفاق وكسره كلما أرادت، والذرائع متوفرة وسهلة الصناعة.

ما يقال اليوم إننا لسنا أمام اتفاق قائم، بل أمام بقايا اتفاق تكتيكي يتيح للاحتلال فعل كل شيء، من البقاء في قطاع غزة، وتقسيمه جغرافيا، إلى التحكم بالإعمار ضمن معيار عقاري يرتبط بالمطور الأميركي والإسرائيلي، وصولا إلى نقطتين، أولهما اقتطاع مساحات واسعة من القطاع واحتلالها بشكل دائم وتصغير المساحة السكنية، في قطاع ضيق أصلا، ثم المرحلة التالية أي فتح معبر رفح والإعلان عن مبادرات لتهجير الفلسطينيين إلى دول عربية وأجنبية.

في خط مواز تواصل تل أبيب اجتياح الضفة، والاعتقالات وهدم البيوت، وفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة واقع لا ينتظر قراءة نهائية من الكنيست لإقراره، لأن الواقع يؤشر على ذلك من خلال هدم المخيمات ودخول المدن والاستيطان والتجفيف الاقتصادي.

كل هذا يقول إن الحرب لم تتوقف، والذين تم توجيه النقد لهم لاعتراضهم على اتفاق شرم الشيخ، كانوا هم الأدق في تقييم الموقف، فالحرب لم تتوقف وتواصلت الغارات كل يوم، وتم تسليم أهم ورقة بيد الفلسطينيين أي الأسرى، لنسأل اليوم عن الوسطاء والمفاوضين، في ظل حالة استفراد بالفلسطينيين.

كان هناك اتجاه قوي في السياسة العربية يقول إن على الفلسطينيين تسليم الأسرى لإحراج واشنطن وتل أبيب، وإنهاء حجج تل أبيب باستهداف القطاع، وقد تم تسليم الأسرى، فمن هو الأكثر حرجا هنا، الاحتلال أم الذين ضمنوا الاتفاق، وتحديدا واشنطن، ويرون اليوم كيف تقوم إسرائيل يوميا بعمليات حربية، وتمنع تدفق المساعدات.

لا تدار السياسة من خلال التوقعات منخفضة الصدقية، فالذين قالوا عليكم أن تسلموا الأسرى لإنهاء الحرب، يرون اليوم استمرار الحرب بنمط مختلف قليلا، لكن النتيجة واحدة، بل تمنح واشنطن تغطية كاملة للاحتلال، ولو تم تسليم كامل رفات القتلى سيجد الاحتلال ذريعة ثانية لاستمرارها، لأنه ليس أمام عملية عقابية ضد تنظيم بقدر كونه أمام مشروع إستراتيجي يشمل فلسطين ودولا ثانية وسوف يواصله.

الاستخلاص هنا أن مخطط التهجير من قطاع غزة مقبل على الطريق، والضمانات الأميركية بمنع التهجير مجرد وهم تم بيعه للمنطقة، وهو وهم يضاف إلى بقية الضمانات التي نرى سقوطها يوميا، فلماذا ستمنع واشنطن التهجير، وهي التي سمحت بكسر الاتفاق أصلا، وستكون شريكة في إكمال كل المخطط؟.