الميلاد في حضرة الملك: وحدة وطن ورسالة سلام
«دأبتم على هذه السيرة النبيلة منذ خمسة وعشرين عامًا، منذ أول عيد ميلاد أعلنتموه عطلةً رسمية في عهدكم المقدّر، فلكم كل التحية والعرفان». بهذه الكلمات افتتح بطريرك القدس للاتين، الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، كلمته في قصر الحسينية العامر، خلال استقبال جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين لرؤساء الكنائس والمؤسسات الإسلامية في الأردن وفلسطين، في لقاء بات يشكّل علامة بارزة في المشهد الوطني والديني على حدّ سواء.
فمنذ عام 1999، أعلن جلالة الملك عيد الميلاد عطلةً رسمية لجميع المواطنين. وفي عام 2000، انطلق اللقاء الأول لجلالة الملك مع رؤساء الكنائس والمؤسسات الإسلامية، ليتحوّل منذ ذلك الحين إلى تقليدٍ سنويّ راسخ، لم يقتصر حضوره على القيادات المسيحية فحسب، بل شمل أيضًا رؤساء المؤسسات الإسلامية الرئيسة في الأردن، من وزارة الأوقاف، ودائرة الإفتاء، ودائرة قاضي القضاة، إضافةً إلى ممثلين عن فلسطين، ولا سيّما المسؤولين عن المسجد الأقصى وقبة الصخرة.
مشاعرٌ من المحبّة وفيضٌ من الدفء يغلفان قصر الحسينية العامر، الذي يستقبل يوميًّا رؤساء دول ومسؤولين سياسيين، يستلهمون من حكمة جلالة الملك ما يعينهم على اتخاذ القرارات المناسبة لبلدانهم ولشعوب المنطقة والعالم. وعلى مدار ربع قرن، شهد هذا القصر الكريم لقاءات تاريخية حملت مضمونات دينية عميقة، وانطلقت منه العديد من المبادرات الراقية، ونحتفل هذا العام بمرور خمسة عشر عامًا على إعلان أسبوع الوئام بين الأديان، الذي تقدّم به جلالة الملك عام 2010 من على منبر الأمم المتحدة، وتبنّته دول العالم بالإجماع، من دون أي اعتراض أو امتناع عن التصويت.
ويأتي هذا اللقاء بعد شهرين من لقاء جلالة الملك مع قداسة البابا لاون الرابع عشر، حيث جرى التأكيد المشترك على حلّ الدولتين، وهو الموقف الذي جدّد البابا الإعلان عنه قبل أيام قليلة عقب زيارته إلى لبنان، ويتقاطع بوضوح مع الدبلوماسية الأردنية الهادئة والسلمية التي يقودها جلالة الملك بثبات ومسؤولية.
وفي كلمته، نقل البطريرك بيتسابالا إلى جلالة الملك صورةً حيّة من غزة، التي «منحه الله أن يزورها ثلاث مرات في العام الماضي، إحداها خلال الحرب»، مشيرًا إلى صمود الكهنة والراهبات والعائلات التي وجدت في الكنيستين ملجأً ودفئًا وحماية. وأكّد أنّ هؤلاء جميعًا يثمّنون الجهود الدبلوماسية والإنسانية التي يبذلها جلالة الملك نصرةً لغزة وأهلها.
ومن غزة، انتقل الحديث إلى القدس، حيث حمل البطريرك لجلالة الملك محبة المسيحيين والمسلمين معًا، مؤكدًا أنّ جلالته الحامي للأمانة التاريخية التي تمثّلها القدس، والحافظ للوحة الفريدة المشكلة من التقاليد والمقدسات الدينية. كما وجّه نداءً لعودة الحجّاج الذين كانوا يزورون القدس بكثافة معهودة أن يعودوا أيضًا إلى زيارة الأراضي المقدسة، لما تحمله هذه الزيارات من بعد روحي وإنساني.
واستذكر المتحدّثون لقاء جلالة الملك قبل أيام مع شخصيات مسيحية من الشرق، حيث برز هاجس ثابت لدى جلالته يتمثّل في الحفاظ على الهوية العربية المسيحية، باعتبارها ركيزة أساسية من ركائز التعددية الراقية في هذه المنطقة. ولم تغب الأوضاع الصعبة في الضفة الغربية عن كلمات المتحدثين، إذ أُشير إلى المخاطر اليومية التي يعيشها الفلسطينيون هناك، مقابل إصرارهم العميق على الحياة والحرية.
أما في الأردن، فأكّد البطريرك بيتسابالا أنّ المؤسسات الكنسية تواصل رسالتها اليومية في خدمة الإنسان، عبر مؤسسات روحية وتربوية وإنسانية، تخدم الأردنيين بمسيحييهم ومسلميهم، إلى جانب اللاجئين والمهاجرين الذين وجدوا في الأردن ملاذًا آمنًا.
وعبّر الحاضرون عن أملهم في عودة الزخم إلى السياحة الدينية في الأردن وفلسطين، مؤكدين أنّ ذلك يتطلّب بيئة من الاستقرار والسلام، تتيح للحجّاج أن ينالوا ما يرجونه من نعم روحية في حجهم المقدّس إلى بلادنا العزيزة.
إنه اجتماعٌ راقٍ في مضمونه ورسائله، يعبّر عن لحمة وطنية أصيلة بين القيادة الهاشمية الحكيمة والشعب بكل أطيافه، كما يجسّد اللحمة التاريخية بين المسلمين والمسيحيين في هذه الأرض. غير أنّ هذه الصورة المضيئة تظل بحاجة إلى مقوّماتها الأساسية: أمنٍ سياسي، واستقرارٍ دائم، ووقفٍ شامل لإطلاق النار في غزة وفي عموم فلسطين، وصولًا إلى تمكين الشعب الفلسطيني من نيل حريته واستقلاله، وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف.
وفي هذه الأيام الميلادية، ما تزال الترانيم والصلوات ترتفع بأن يحفظ الله الأردن، ملكًا ووليّ عهدٍ وشعبًا، آمنًا مستقرًا، ليبقى السند الأكبر والأقرب للشعب الفلسطيني، وللإنسانية المجروحة في عالمٍ أحوج ما يكون إلى الحكمة والسلام.
وكل عام وأنتم بألف خير.
فمنذ عام 1999، أعلن جلالة الملك عيد الميلاد عطلةً رسمية لجميع المواطنين. وفي عام 2000، انطلق اللقاء الأول لجلالة الملك مع رؤساء الكنائس والمؤسسات الإسلامية، ليتحوّل منذ ذلك الحين إلى تقليدٍ سنويّ راسخ، لم يقتصر حضوره على القيادات المسيحية فحسب، بل شمل أيضًا رؤساء المؤسسات الإسلامية الرئيسة في الأردن، من وزارة الأوقاف، ودائرة الإفتاء، ودائرة قاضي القضاة، إضافةً إلى ممثلين عن فلسطين، ولا سيّما المسؤولين عن المسجد الأقصى وقبة الصخرة.
مشاعرٌ من المحبّة وفيضٌ من الدفء يغلفان قصر الحسينية العامر، الذي يستقبل يوميًّا رؤساء دول ومسؤولين سياسيين، يستلهمون من حكمة جلالة الملك ما يعينهم على اتخاذ القرارات المناسبة لبلدانهم ولشعوب المنطقة والعالم. وعلى مدار ربع قرن، شهد هذا القصر الكريم لقاءات تاريخية حملت مضمونات دينية عميقة، وانطلقت منه العديد من المبادرات الراقية، ونحتفل هذا العام بمرور خمسة عشر عامًا على إعلان أسبوع الوئام بين الأديان، الذي تقدّم به جلالة الملك عام 2010 من على منبر الأمم المتحدة، وتبنّته دول العالم بالإجماع، من دون أي اعتراض أو امتناع عن التصويت.
ويأتي هذا اللقاء بعد شهرين من لقاء جلالة الملك مع قداسة البابا لاون الرابع عشر، حيث جرى التأكيد المشترك على حلّ الدولتين، وهو الموقف الذي جدّد البابا الإعلان عنه قبل أيام قليلة عقب زيارته إلى لبنان، ويتقاطع بوضوح مع الدبلوماسية الأردنية الهادئة والسلمية التي يقودها جلالة الملك بثبات ومسؤولية.
وفي كلمته، نقل البطريرك بيتسابالا إلى جلالة الملك صورةً حيّة من غزة، التي «منحه الله أن يزورها ثلاث مرات في العام الماضي، إحداها خلال الحرب»، مشيرًا إلى صمود الكهنة والراهبات والعائلات التي وجدت في الكنيستين ملجأً ودفئًا وحماية. وأكّد أنّ هؤلاء جميعًا يثمّنون الجهود الدبلوماسية والإنسانية التي يبذلها جلالة الملك نصرةً لغزة وأهلها.
ومن غزة، انتقل الحديث إلى القدس، حيث حمل البطريرك لجلالة الملك محبة المسيحيين والمسلمين معًا، مؤكدًا أنّ جلالته الحامي للأمانة التاريخية التي تمثّلها القدس، والحافظ للوحة الفريدة المشكلة من التقاليد والمقدسات الدينية. كما وجّه نداءً لعودة الحجّاج الذين كانوا يزورون القدس بكثافة معهودة أن يعودوا أيضًا إلى زيارة الأراضي المقدسة، لما تحمله هذه الزيارات من بعد روحي وإنساني.
واستذكر المتحدّثون لقاء جلالة الملك قبل أيام مع شخصيات مسيحية من الشرق، حيث برز هاجس ثابت لدى جلالته يتمثّل في الحفاظ على الهوية العربية المسيحية، باعتبارها ركيزة أساسية من ركائز التعددية الراقية في هذه المنطقة. ولم تغب الأوضاع الصعبة في الضفة الغربية عن كلمات المتحدثين، إذ أُشير إلى المخاطر اليومية التي يعيشها الفلسطينيون هناك، مقابل إصرارهم العميق على الحياة والحرية.
أما في الأردن، فأكّد البطريرك بيتسابالا أنّ المؤسسات الكنسية تواصل رسالتها اليومية في خدمة الإنسان، عبر مؤسسات روحية وتربوية وإنسانية، تخدم الأردنيين بمسيحييهم ومسلميهم، إلى جانب اللاجئين والمهاجرين الذين وجدوا في الأردن ملاذًا آمنًا.
وعبّر الحاضرون عن أملهم في عودة الزخم إلى السياحة الدينية في الأردن وفلسطين، مؤكدين أنّ ذلك يتطلّب بيئة من الاستقرار والسلام، تتيح للحجّاج أن ينالوا ما يرجونه من نعم روحية في حجهم المقدّس إلى بلادنا العزيزة.
إنه اجتماعٌ راقٍ في مضمونه ورسائله، يعبّر عن لحمة وطنية أصيلة بين القيادة الهاشمية الحكيمة والشعب بكل أطيافه، كما يجسّد اللحمة التاريخية بين المسلمين والمسيحيين في هذه الأرض. غير أنّ هذه الصورة المضيئة تظل بحاجة إلى مقوّماتها الأساسية: أمنٍ سياسي، واستقرارٍ دائم، ووقفٍ شامل لإطلاق النار في غزة وفي عموم فلسطين، وصولًا إلى تمكين الشعب الفلسطيني من نيل حريته واستقلاله، وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف.
وفي هذه الأيام الميلادية، ما تزال الترانيم والصلوات ترتفع بأن يحفظ الله الأردن، ملكًا ووليّ عهدٍ وشعبًا، آمنًا مستقرًا، ليبقى السند الأكبر والأقرب للشعب الفلسطيني، وللإنسانية المجروحة في عالمٍ أحوج ما يكون إلى الحكمة والسلام.
وكل عام وأنتم بألف خير.