جيش إلكتروني .. لم لا؟
بعد أسابيع من توقف الإمدادات الإغاثية لقطاع غزة ومحاولة حصرها بأطراف تسيطر عليها إسرائيل لتحول عملية توزيع المساعدات إلى مصيدة للفلسطينيين لدرجة ظهور فئة جديدة من الشهداء أطلق عليها الإعلام العربي (منتظري المساعدات)، تمكن الأردن من توجيه أكثر من قافلة لقطاع غزة في جزء من واجبه الوطني والقومي، والوطني ليست كلمة تزيد في هذا السياق، لأن الأردنيين يعتبرون القضية الفلسطينية وما يختص بأشقائهم الفلسطينيين شأنًا وطنيًا، ولكن ذلك لا يبدو واضحًا لكثير من المتابعين خارج الأردن في ظل فوضى المفاهيم السائدة والتي تغذيها مواقع التواصل الاجتماعي بالأهواء العفوية التي تفتقد للوعي، أو الموجهة التي لا تخلو من القصد.
أعلنت الجهات المعنية في الأردن عن توجيه القوافل إلى غزة ووصولها، في اختبار لاستئناف المساعدات من الطرق البديلة مع استمرار اغلاق معبر رفح الذي يعد المدخل الطبيعي والمنطقي للقطاع، وإصرار إسرائيل على ذلك، لدرجة أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وقف أمام المعبر ليوجه نداءً للعالم حول الأوضاع المتفاقمة في غزة، وكأنه ليس رئيسًا لدولة كبرى ومؤثرة.
غاية الإعلان هي طمأنة الأردنيين إلى استمرار الالتزام الوطني والأخلاقي تجاه الأشقاء في قطاع غزة، والدعوة للدول الشريكة والصديقة للمساهمة في جهود الإغاثة، خاصة أن مئات الشاحنات التي يمكن أن توفرها الدولة الأردنية وأجهزتها لا تستطيع أن تلبي الاحتياجات القائمة في القطاع، والمطلوب هو جهد دولي، والأردن لم يعلن بأنه أنهى الأزمة أو في طريقه لإنهائها، ولكنه أخبر العالم بأنه يمكن الوصول إلى الغزيين وأن السلبية أو الانتظار ليست ضمن الخيارات المتاحة أمام الضمير الإنساني.
وعند هذه النقطة، بدأت عملية شبه منظمة للنيل من الخطوة الأردنية، فأولًا قالت بعض المصادر بأن المساعدات لم تصل، وعندما فضحت الصور التي نشرت لمئات الغزيين ممن يحملون أكياس المساعدات أصبح الحديث عن مدى كفاية المساعدات الأردنية في التعامل مع المأساة الإنسانية الجارية في غزة، وهو الأمر الذي لم يزعمه الأردن والأردنيون، والذين على الرغم من تحركهم المنفرد، يعرفون قبل غيرهم أن ما يقدمونه هو نقطة في بحر الاحتياجات، وأن الحلول يجب أن تكون أكثر جذرية، ولكن لم يفكر أحد في أن هذه الخطوة تساوي العالم بأكمله بالنسبة لآلاف الأطفال ممن يعانون المجاعة، والذين ستترك بصماتها عليهم.
لماذا يطلق البعض حملات التجريح والتشويه على الأردن، ويضطرونه للدخول في جدال حول موقف إنساني والتزام كامل يفترضه من طبيعة الأشياء.
قبل اللوم على أي طرف، والحديث عن ذباب إلكتروني، وهذه أمور قد تكون موجودة، إلا أن السؤال الرئيسي يجب أن يدور حول تواجدنا الإعلامي بالصورة التي تشرح وجهة نظر الأردن وتقدمه للعالم العربي في وسط الهيمنة شبه الكاملة لبعض المنصات الإعلامية التي تستطيع أن توجه الحقائق لما يخدم مصالحها أو رؤاها، وهي غير معنية بالأردن ووجهات نظره.
الاستقبال الفاتر لدعوة رئيس مجلس الأعيان الأردني فيصل الفايز وحديثه عن جيش إلكتروني يخوض هذه المعارك بتوازن وعقلانية يدلل على تعمق الأزمة في الرؤية الوطنية الأردنية للإعلام، فالأفضل بطبيعة الحال أن يكون تواجدنا استراتيجيًا على ساحات التجاذب بدلًا من (الفزعة) التي يطلقها شباب الأردن المتحمسون والتي يتورطون خلالها في نفس المنهج الذي يتبعه الذباب الإلكتروني.
تصحيح المفاهيم ومواجهة التجني القصدي أو النابع عن الجهل وقصور الرؤية يمكن أن يتحول إلى مشروع إعلامي وطني، خاصة أن الأردن، وقبل أحداث غزة كلها، وفي مفاصل كثيرة، كان يتعرض لمثل هذه الحملات أو يكون دائمًا موضعًا للتشكيك، لأن دوره العربي يتطلب منه التحرك والمبادرة، وبالتالي يضعه تحت الأضواء والمتابعة، ولأنه في الوقت نفسه، لا يمتلك ذات الأدوات الإعلامية التي تتوفر للآخرين مما يضخمون في أدوار محدودة أو مضطربة.
بعد أسابيع من توقف الإمدادات الإغاثية لقطاع غزة ومحاولة حصرها بأطراف تسيطر عليها إسرائيل لتحول عملية توزيع المساعدات إلى مصيدة للفلسطينيين لدرجة ظهور فئة جديدة من الشهداء أطلق عليها الإعلام العربي (منتظري المساعدات)، تمكن الأردن من توجيه أكثر من قافلة لقطاع غزة في جزء من واجبه الوطني والقومي، والوطني ليست كلمة تزيد في هذا السياق، لأن الأردنيين يعتبرون القضية الفلسطينية وما يختص بأشقائهم الفلسطينيين شأنًا وطنيًا، ولكن ذلك لا يبدو واضحًا لكثير من المتابعين خارج الأردن في ظل فوضى المفاهيم السائدة والتي تغذيها مواقع التواصل الاجتماعي بالأهواء العفوية التي تفتقد للوعي، أو الموجهة التي لا تخلو من القصد.
أعلنت الجهات المعنية في الأردن عن توجيه القوافل إلى غزة ووصولها، في اختبار لاستئناف المساعدات من الطرق البديلة مع استمرار اغلاق معبر رفح الذي يعد المدخل الطبيعي والمنطقي للقطاع، وإصرار إسرائيل على ذلك، لدرجة أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وقف أمام المعبر ليوجه نداءً للعالم حول الأوضاع المتفاقمة في غزة، وكأنه ليس رئيسًا لدولة كبرى ومؤثرة.
غاية الإعلان هي طمأنة الأردنيين إلى استمرار الالتزام الوطني والأخلاقي تجاه الأشقاء في قطاع غزة، والدعوة للدول الشريكة والصديقة للمساهمة في جهود الإغاثة، خاصة أن مئات الشاحنات التي يمكن أن توفرها الدولة الأردنية وأجهزتها لا تستطيع أن تلبي الاحتياجات القائمة في القطاع، والمطلوب هو جهد دولي، والأردن لم يعلن بأنه أنهى الأزمة أو في طريقه لإنهائها، ولكنه أخبر العالم بأنه يمكن الوصول إلى الغزيين وأن السلبية أو الانتظار ليست ضمن الخيارات المتاحة أمام الضمير الإنساني.
وعند هذه النقطة، بدأت عملية شبه منظمة للنيل من الخطوة الأردنية، فأولًا قالت بعض المصادر بأن المساعدات لم تصل، وعندما فضحت الصور التي نشرت لمئات الغزيين ممن يحملون أكياس المساعدات أصبح الحديث عن مدى كفاية المساعدات الأردنية في التعامل مع المأساة الإنسانية الجارية في غزة، وهو الأمر الذي لم يزعمه الأردن والأردنيون، والذين على الرغم من تحركهم المنفرد، يعرفون قبل غيرهم أن ما يقدمونه هو نقطة في بحر الاحتياجات، وأن الحلول يجب أن تكون أكثر جذرية، ولكن لم يفكر أحد في أن هذه الخطوة تساوي العالم بأكمله بالنسبة لآلاف الأطفال ممن يعانون المجاعة، والذين ستترك بصماتها عليهم.
لماذا يطلق البعض حملات التجريح والتشويه على الأردن، ويضطرونه للدخول في جدال حول موقف إنساني والتزام كامل يفترضه من طبيعة الأشياء.
قبل اللوم على أي طرف، والحديث عن ذباب إلكتروني، وهذه أمور قد تكون موجودة، إلا أن السؤال الرئيسي يجب أن يدور حول تواجدنا الإعلامي بالصورة التي تشرح وجهة نظر الأردن وتقدمه للعالم العربي في وسط الهيمنة شبه الكاملة لبعض المنصات الإعلامية التي تستطيع أن توجه الحقائق لما يخدم مصالحها أو رؤاها، وهي غير معنية بالأردن ووجهات نظره.
الاستقبال الفاتر لدعوة رئيس مجلس الأعيان الأردني فيصل الفايز وحديثه عن جيش إلكتروني يخوض هذه المعارك بتوازن وعقلانية يدلل على تعمق الأزمة في الرؤية الوطنية الأردنية للإعلام، فالأفضل بطبيعة الحال أن يكون تواجدنا استراتيجيًا على ساحات التجاذب بدلًا من (الفزعة) التي يطلقها شباب الأردن المتحمسون والتي يتورطون خلالها في نفس المنهج الذي يتبعه الذباب الإلكتروني.
تصحيح المفاهيم ومواجهة التجني القصدي أو النابع عن الجهل وقصور الرؤية يمكن أن يتحول إلى مشروع إعلامي وطني، خاصة أن الأردن، وقبل أحداث غزة كلها، وفي مفاصل كثيرة، كان يتعرض لمثل هذه الحملات أو يكون دائمًا موضعًا للتشكيك، لأن دوره العربي يتطلب منه التحرك والمبادرة، وبالتالي يضعه تحت الأضواء والمتابعة، ولأنه في الوقت نفسه، لا يمتلك ذات الأدوات الإعلامية التي تتوفر للآخرين مما يضخمون في أدوار محدودة أو مضطربة.