وجهات نظر

علماء الأردن وضرورة الاستماع لأصحاب الاستحقاق الحقيقي

علماء الأردن وضرورة الاستماع لأصحاب الاستحقاق الحقيقي


لنتفق بدايةً أن حال الجامعات الأردنية ليس على النحو المأمول، وأنها بحاجة إلى وقفة ومراجعة واسعة، ربما تتخطى الطموحات التي تترافق مع تقييم رؤساء الجامعات، وكأنهم الطرف الوحيد المعني وليسوا أمام مشكلات وأزمات مرحلة وبعضها يقترب من الاستعصاء، ولذلك تصبح عمليات التصنيف وأية أخبار مرتبطة بها موضوعًا حساسًا لأنها تمس سمعة قطاع حيوي في الأردن في أدواره الاجتماعية والاقتصادية.

ضمن ذلك نفهم تصريحات وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عزمي محافظة مع صدور دراسة حول النزاهة الأكاديمية وضعت الجامعات الأردنية في مواقع مقلقة، وإحالته إلى موضوع التصنيف الذي يستخدم تسويقيًا ودعائيًا من بعض الجامعات وهو ما يدفعها لتعزيز أعمال البحث العلمي والتواصل مع جهات النشر التي تتباين في تأثيرها وسمعتها، وتجيير الكثير من الأنشطة الأكاديمية لتصبح متوافقة مع منظومة التصنيف التي تحولت إلى تجارة لدى بعض جهات التصنيف، أو فتحت الطريق لفرض بعض الخبراء الذين يمتلكون مفاتيح تحسين تصنيف الجامعة بغض النظر عن أصالة وجذرية التغيرات التي تحدث في الجامعة نفسها، ومدى مواءمتها مع أهداف الجامعة وظروفها.

بقيت الأمور غائمةً لبعض الوقت، ووجود الجامعات الأردنية في الخانات الملونة بالأحمر في جداول الدراسة ضاغطةً على الرأي العام، إلى أن خرج الدكتور شاهر المومني ليتحدث بصورة علمية ويقدم ما هو أبعد من نقد الدراسة واعتمادها على معايير ضيقة، تجاه تفكيك أسباب التراجع التي يمكن أن تحدث في عملية النشر العلمي والبيئة التي تحكمه بشكل عام.

لا أحب أن نرى الدكتور شاهر متورطًا في التفاصيل الإدارية والبيروقراطية، فمكانته أهم وأسمى من ذلك، ومنجزه العلمي والمعرفي يجعله يحلق بعيدًا عن أصحاب المناصب الضيقة والمهام المحددة، ولكن لماذا لا يتحصل الرجل على الاهتمام الكافي الذي يجعل له كلمة مسموعة في أوساط الأردنيين، وهو أمر ليس جديدًا حتى في مصر الشقيقة التي وإن احتفت بعالمها المتحصل على جائزة نوبل أحمد زويل، فهي أيضًا كانت تتيح فرصة الحضور الإعلامي والتأثير لعلماء مثل الدكتور أحمد مستجير، وفي فلسطين للدكتور منير فاشه أدواه الاجتماعية والفكرية التي أتت من الثقة في مكانته العلمية والمعرفية.

أين الدكتور شاهر والفئة النخبوية من العلماء الأردنيين من الحضور في الإعلام، ومن إتاحة الفرصة لهم للحديث للناس، وللاستماع لآرائهم في ملفات التعليم والبحث العلمي؟ أين هو من التكريم الذي يجب أن تتبناه الدولة، وهل لو فكر في الحديث في منتدى عام سيجد رجال الدولة بين الحاضرين كما يذهبون إلى مناسبات تدخل ضمن المجاملات وتطييب الخاطر؟

ببساطة وبدون فذلكة، ولوجود مجموعة من الباحثين الأردنيين في مواقع متقدمة على المستوى العالمي في بعض المجالات، فرئيس الحكومة أو وزير التعليم العالي، مطالبون بدعوتهم من أجل مناقشة الوضع الراهن واقتراح الحلول التي تحسن من سمعة المؤسسات الأكاديمية بشكل عام، وتعزيز أدوارها في البحث العلمي، لأنهم أصحاب الاختصاص الحقيقيون والمستحقون فعليًا للاستماع والمشاركة والظهور، وليس أصحاب الاستحقاق الزائف ممن يعتقدون بأن الرؤية لمستقبل الأردن هي جزء من مصفوفاتهم الوظيفية المحدودة.