ديني

المراهقة في الإسلام: متى تبدأ .. وهل هو محاسب على أفعالة؟

المراهقة في الإسلام: متى تبدأ  ..  وهل هو محاسب على أفعالة؟

للعلّم - سن المراهقة في الإسلام من البدع التي ليس لها أصل؛ فلا يوجد في الإسلام لفظ شرعي يماثل المعنى المقصود بالمراهقة وإن كان قريباً منه كما في البلوغ.

المراهقة هي مجرد لفظ لقالب ضيق المدى يضع بعض أهل اليافعين فيه أبناءهم عَنوةً؛ ليبرروا فشلهم في التعامل مع المراهق أو التواصل معه، وهي أقرب ما تكون لسن البلوغ فليست من مراحل الطفولة أو الشباب، وبالرغم من ذلك فهي مختلفة عن معناها المعاصر المأخوذ عن ثقافة الغرب، فباتت تدل على الحقبة الضيقة والحاسمة في حياة الأسرة التي يحتمل فيها كسب الأبناء أو ضياعهم.

تقول فكرة المراهقة الدخيلة على الإسلام أن اليافع أو الصبي ستتم معاملته كالمريض النفسي التائه بين العاطفة والعقل؛ وبالتالي لا تجوز محاسبته على بعض الأخطاء التي يُحدثها في هذه المرحلة كونه معذوراً، وهو ما يخالف فكرة الشرع التي تقتضي أن العقل مناط التكليف، ومما يسوء هذه الفكرة أيضاً إطالة عمر الطفولة لتتداخل مع الشباب بحيث يجرد الشاب أو المرأة من العقل لعلة عدم النضج وهو ما يبرر ذنوباً اقترفاها لتمضي بلا عقاب.


المراهق المسلم محاسب أم غير محاسب

إذا كان المقصود بالمراهقة المرحلة ما قبل البلوغ والتكليف فلا يحاسب عما اقترف، أما إذا كان بالغاً فعليه الحساب عن الذنوب المقترفة والعقاب عليها.

يجمع أهل العلم أنما يأتي به العبد المسلم قبل سن المراهقه إذا عُدّت سن الرشد والبلوغ من سيئات ليس عليها حساب، ويعامل حينها كمعاملة الصغير غير المميز أو فاقد العقل لغياب التكليف، قال النبي الأكرم ﷺ: “رُفِع القَلمُ عن ثلاثةٍ: عن النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعن الصَّبي حتَّى يحتلِمَ، وعن المجنونِ حتَّى يَعقِلَ”، فإن لم يؤدي الصلاة أو أنه آذى الآخرين لا عقاب عليه، ولكن لا يؤخذ الحكم على إطلاقه متى أتى فاحشةً أو أطلق لسانه في سب وشتم الآخرين.


عدم التكليف لا يعني إباحة المحرمات، فليس للصغير غير البالغ أن يزني أو أن ينظر لما حرّم الله، كما ليس له يسرق مال الناس أو يعتدي عليه بغير حق، ومن واجب الأهل تأديب ولدهم ومنعه عن ارتكاب الذنوب من باب التربية والحث على أركان الإيمان كضربه للتقصير بالصلاة في العاشرة بأمر النبي وهديه.

مفهوم المراهقة في الإسلام
إن أقرب معنى في الإسلام لمصطلح المراهقة هو مستوى النضج العقلي، ومدى فهم اليافع لذاته واستيعابه بأنه القادر على العطاء أو الإنجاز بعد أن يصنع كيانه كفتى مسلم ومحافظ.


يختلف المعنى المضمون في هذا الشرح عن الذرائع التي يمتطيها البعض لتقليل شأن أخطاء الأبناء كما هو الحال في الثقافة الغربية التي غزت الإسلام، والواقع أن مرحلة العمر بين الـ 14 – 20 عام “سن الأزمة في الغرب” ما هو إلا سن اليقظة واتزان الأفعال في الإسلام، ولعل سطور التاريخ الإسلامي مليئة بالشواهد المقتضبة من نجاحات فتيان الإسلام، ومنهم ابن عم الرسول ﷺ الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه؛ الذي بات أقوى وأعظم فتى في الإسلام.

لدى مراجعة سير الأنبياء -سلام الله عليهم- لم يُعلم شيء من قبيل المراهقة، فهذا نبي الله يوسف –عليه السلام- الذي امتحنه الله طفلاً وصبياً ويافعاً وشاباً وكهلاً، وكان مؤمناً منذ طفولته معصوماً عن الخطأ؛ كظم غيظه من صنع أخوته ورضي بحكم الله وحمل الرسالة بأمانة، وحفظ دينه في صدره وعقله وهو صبياً يافعاً، فكان فطيناً حكيماً يحتكم إليه الرجال فيما عجزوا عن حله، ولم نعلم عن الأنبياء والصالحين أخطاءً لم يحاسبوا عليها لذريعة المراهقة وعدم التكليف، والأفضل على المسلم التفقه بدينه وضوابطه وتحسب الأخطاء.

التدابير الإسلامية لتجاوز مخاطر بدعة المراهقة
إحسان التربية.
تعليمهم الصلاة.
التفريق بالمضاجع في العاشرة.
انتقاء الخلُّ الصالح.
الزواج للقادر.
الهداية بتعليم أصول الثواب والعقاب.
إذا ما تم تقريب مفهومي المراهقة والبلوغ باتت المراهقة من المراحل الحرجة في حياة العبد المسلم، والتي تجاوز الإسلام خطورتها بما يلي من التدابير والمحاذير الواجبة على الأهل في الأسرة، ومنها:


إحسان التربية: بالتركيز على الأخلاق الحسنة والأعمال الصالحة منذ الطفولة، فهي طُهر لجوارحه وحفظ له في الملمات، وأفضلها تحفيظ الأبناء ما تيسر من كتاب الله وأمرهم بالصلاة والاقتداء بالصالحين.

تعليمهم الصلاة: لقول رسول الله ﷺ: “مُرُوا أولادَكُم بالصلاةِ وهُم أبناءُ سبعِ سنينَ، واضرِبُوهُم عليهَا وهُمْ أبْنَاءُ عَشْرٍ وفرِّقُوا بينِهِم في المَضَاجِعِ”.

التفريق بالمضاجع في العاشرة: لأن هذا العمر فيه بذور الميل بين الجنسين على بعضهما البعض، واحتمال الاحتكاك في المضاجع فيه أمل ولادة الشهوة التي يجب أن تبتر ويمنعوا عنها.


انتقاء الخلُّ الصالح: لقول رسول الله ﷺ: “المرءُ على دينِ خليلِه فلينظرْ أحدُكم مَن يُخاللُ”.

الزواج للقادر: فهو أحفظ للنفس من المهالك، قال ﷺ: “يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ؛ فإنَّه له وِجَاءٌ”.

الهداية بتعليم أصول الثواب والعقاب: يجب أن يحكم الهداية الترغيب وليس الترهيب فيشوبها:

حسن المعاملة والرفق بها؛ فلا يغلظ التعامل إلى لسد الذرائع عن سلوك درب المحرمات.
مراقبة السلوك والصحبة بما يضمن الاستقامة.
تعليمه أن يكون كفؤ في الإعانة على أعمال البيت لإشعاره بالمسؤولية.
توعيته على ضرورة صلة الأرحام واحترام الكبار والعطف على الصغار.
تزويجه لضبط شهواته عما يهلكه.
الدعاء له بالصلاح. [4]
قصص عن نجاح الصالحين فيما يعرف بالمراهقة
جابر بن عبد الله.

عبد الله بن يزيد الأنصاري.
عبد الله بن عمر بن الخطاب.
سلمة بن الأكوع.
آخرين في مجال العلم.
الشباب أو البلوغ هو الوجه الآخر للمراهقة؛ والتاريخ الإسلامي زاخر بكم هائل من سير الشباب الصالحين المعززة بالإنجازات التي وثقها، ومنهم:

جابر بن عبد الله: الذي اشتهر بقصةٍ عن صباه في الـ 16 من عمره إذ ألحّ على أبيه أن يشارك في وقتي (بدر – أُحُد)، لكن إرادة أبيه حالت دون ذلك، ولما استشهد أبيه في أحد ما غاب عن وقعة للمسلمين حتى قضى.


عبد الله بن يزيد الأنصاري: هو من أهل بيعة الرضوان المذكورين بقوله تعالى: {لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}، إذ كان رضي الله عنه بعمر الـ 17 عام حينها وهو ممن بشروا بالجنة.

عبد الله بن عمر بن الخطاب: الذي طلب من النبي ﷺ الرخصة في القتال يوم أحد فأبى عليه ذلك، ثم أعاد الكرة يوم الخندق فأباح له، وكان فيها صبياً ذو 15 عام، كما أنه من رجال البيعة تحت الشجرة والمبشرين بالجنة وكان ذلك بعد عامٍ من وقعة الخندق.

سلمة بن الأكوع: الذي عهده النبي ﷺ غلاماً فطناً وخادماً، فكان من رجالات وقعة ذي قَرَد، كما تمكن من اللحاق بالجاسوس للمشركين في يوم حنين الذي فر فلحق به وقتله.


آخرين في مجال العلم: وهم كثر لكن أبرزهم (معاذ بن جبل – عبد الله ابن عباس – عبد الله ابن عمر – انس بن مالك – جابر بن عبد الله – زيد بن ثابت) كأشهر محدثي وفقهاء الإسلام.