ديني

هل الغفوة تبطل الوضوء .. كم مدة الغفوة لنقض الوضوء شرعاً؟

هل الغفوة تبطل الوضوء ..  كم مدة الغفوة لنقض الوضوء شرعاً؟

للعلّم - نعم الغفوة تبطل الوضوء، إلا إذا كانت قصيرة، وكان النائم متمكناً من الأرض، ولم يكن مستغرقاً في النوم، ولم تكن كثيرة بحيث يسقط النائم قاعداً، وهو الرأي الراجح.

اختلفت أقوال العلماء في الإجابة على التساؤل هل الغفوة تبطل الوضوء أم لا، فقد قال بعضهم بأن النوم يُبطل الوضوء، كثيره ويسيره، لما ورد عن صفوان بن عسال رضي الله عنه في السنن، قال: ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفَرًا أَنْ لا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ إِلا مِنْ جَنَابَةٍ ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ)، وهو دليل على بطلان الوضوء للنائم.

الرأي الآخر يرى أن النوم لا ينقض الوضوء، لما ورد عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنه قال: (كان أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّ اللهُ عليه وسلَّم ينتظرونَ العِشاءَ الآخِرةَ حتَّى تخفِقَ رؤوسُهم، ثمَّ يُصلُّون ولا يتوضَّؤون).



والرأي الراجح في المسألة هو ما أقره جمهور العلماء، حيث استطاعوا الجمع بين الرأيين، اعتماداً على مدة الغفوة، ووضع النائم، وشعوره بمحيطه من عدمه، والأحوط في المسألة أن النوم مبطل للوضوء، إلا إذا كانت غفوة قصيرة، وكان النائم غير مستغرقاً في النوم، وأن يكون جالساً متمكناً من الأرض، بحيث يكون متأكداً من عدم خروج شيئاً من أحد السبيلين ينقض الوضوء.

هل الغفوة تنقض الوضوء ابن عثيمين
يرى الإمام ابن عثيمين أن الغفوة اليسيرة للقائم أو القاعد لا تنقض الوضوء.


قال الشيخ ابن عثيمين في مقدار النوم الناقض للوضوء: (والنوم الناقض على المذهب: كل نوم إلا يسير نوم من قائم، أو قاعد)، ويقصد بالمذهب: (مذهب الحنابلة)، فالنوم الذي لا يشعر فيه النائم بأنه أحدث يعتبر نوماً كثيراً ناقضاً للوضوء، فيجب على النائم الوضوء.

أما الغفوة التي لا تنقض الوضوء عند الحنابلة فقد قدروها بمقدار صلاة ركعتين، بشرط ألا تتغير هيئة النائم، فيجب أن يكون جالساً متمكناً من المقعد، ولا تتغير جلسته بعد نومه، كأنه يسقط، أو يميل، أو نحو ذلك، كما أن النوم الطويل الذي يصل لساعة يعتبر ناقضاً للوضوء عند الحنابلة.

بشكل عام لا يعتبر النوم ناقضاً للوضوء في حد ذاته، بل هو مظنة وقوع حدثاً ينقض الوضوء، فإن كان الشخص قادراً على الشعور بجسمه، ويستطيع تحديد ما إذا كان أحدث أم لا كان نومه خفيفاً لا ينقض الوضوء طالما أنه متأكداً من عدم وقوع ما ينقض وضوئه.


مدة الغفوة لنقض الوضوء شرعاً
ليس لها وقتاً محدداً، ولكن بشكل عام هي المدة التي لا تكفي أن يستغرق الإنسان في النوم، ويصبح غير مدركاً لوضعه، وما يدور حوله، وتتغير جلسته، ويغلبه الظن أنه أحدث.

الغفوة المبطلة للوضوء
هي النوم الكثير، وأن ينام الإنسان مضطجعاً أو ساجداً.

طبقاً لآراء العلماء هناك ثلاثة حالات للغفوة أو النوم، حالة واحدة من بينهم لا تنقض الوضوء، وهي الغفوة اليسيرة للقاعد المتمكن من الأرض، أما الغفوة التي تُبطل الوضوء فهي غفوة كلاً من:


المضطجع، سواء كان نومه يسيراً، أو كثيراً.

القائم، والساجد، والراكع، ينقض وضوئهم عند النوم في مذهب الشافعية، وبعض الحنابلة، وفي قولٍ آخر لأحمد ذهب لأن نوم القائم والساجد لا ينقض الوضوء، أما في مذهب الحنفية فلا ينتقض وضوء من نام على هيئة من هيئات الصلاة (القيام، أو الركوع، أو السجود، أو القعود)، سواءاً كان نام في صلاةٍ، أو لم يكن.

الرأي الراجح في حكم النوم المبطل للصلاة: أن النوم قائماً كالنوم قاعداً غير مبطل للوضوء، والنوم ساجداً كالنوم مضطجعاً مبطلاً للوضوء.


أما عن تحديد كثير النوم من قليله، يقول ابن قدامة أنه لا حد له، فليس هناك نصاً يحدده، إنما يتم تحديده بظهور دليل على استغراق الفرد في النوم، مثل سقوط النائم، وتغيير وضعية نومه، وإن شك النائم أنه نام نوماً كثيراً، فلا تسقط طهارته، لأن الطهارة لا تسقط إلا باليقين.

حكم الغفوة أثناء الصلاة
إذا غفا المصلي ثوانٍ أثناء صلاته، وكان جالساً متمكناً من الأرض، فإن صلاته صحيحة، لا يُنتقض وضوئه، ولا تبطل صلاته، وليس عليه إعادة.


فقد ورد في المجموع للنووي: (وحاصل المنقول في النوم خمسة أقوال للشافعي، الصحيح منها من حيث المذهب، ونصه في كتبه ونقل الأصحاب، والدليل أنه إن نام ممكنا مقعده من الأرض أو نحوها لم ينتقض، وإن لم يكن ممكنا انتقض على أي هيئة كان في الصلاة وغيرها).

كان النبي لا يُنتقض وضوئه بالنوم
ثبت عن النبي صلَّ الله عليه وسلم أنه كان يغط في النوم ويستيقظ فيصلي، ولا يعيد وضوئه، وذلك من خصائص نبوته صلَّ الله عليه وسلم، وليس لأحدٍ غيره أن يفعل ذلك، فمن استغرق في النوم يجب عليه الوضوء قبل الصلاة، حتى لا يختلط الأمر على أحدهم، فيظن أن الأدلة الواردة في ذلك تعم على الجميع.


فقد ورد عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: (نِمْتُ عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَقُمْتُ عَلَى يَسَارِهِ، فَأَخَذَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ، وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ، ثُمَّ أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ فَخَرَجَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ).

فالرسول صلَّ الله عليه وسلم لا يُنتقض وضوئه حتى وإن نام مضطجعاً، لأنه كان ينام، فتنام عينه، ولا ينام قلبه، فلو أحدث لعلم بذلك، حتى وإن كان مستغرقاً في نومه.