منوعات

إنجاز علمي غير مسبوق في مجال تجديد الكبد وعلاج أمراضه

إنجاز علمي غير مسبوق في مجال تجديد الكبد وعلاج أمراضه

للعلّم - تمكن فريق بحثي من جامعة كيو اليابانية من تحقيق إنجاز علمي غير مسبوق في مجال تجديد الكبد وعلاج أمراضه، من خلال تطوير "عضيات كبدية" ثلاثية الأبعاد تحاكي البنية والوظيفة الطبيعية للكبد البشري، ما يفتح آفاقًا جديدة للطب التجديدي واختبارات الأدوية.

يُعرف الكبد بدوره الحيوي في عمليات الأيض، حيث يقوم بتحويل المغذيات إلى طاقة، وتخزين الدهون، وإزالة السموم. إلا أن أمراضًا مثل الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي (MASLD) باتت تشكل تهديدًا لهذه الوظائف لدى أكثر من ثلث سكان العالم. وهنا تبرز أهمية العضيات الكبدية كنماذج مختبرية دقيقة تساهم في تسريع تطوير العلاجات.

وقد نجح الباحثون، بقيادة البروفيسور توشيرو ساتو، في تحقيق تكاثر هذه العضيات بمعدل مليون ضعف خلال أربعة أسابيع فقط، مع الحفاظ على وظائفها الحيوية، وهو ما اعتُبر أقرب نموذج تم تحقيقه حتى الآن لمحاكاة الكبد الطبيعي داخل المختبر.

وأشار ساتو إلى أن زراعة هذه العضيات لطالما واجهت تحديات كبيرة نظرًا لتعقيد وظائف الكبد واحتياجاته الطاقية العالية، إذ غالبًا ما تفقد الخلايا الكبدية قدرتها الوظيفية خلال فترة قصيرة. لكن الفريق استطاع التغلب على هذه العقبة باستخدام خلايا كبدية بشرية بالغة ومجمدة، تمت معالجتها ببروتين الإشارة "أونكوستاتين إم"، الذي تنتجه الخلايا المناعية وله دور محوري في تجديد الأنسجة وتنظيم الالتهابات.

بعد تحفيز هذه الخلايا بهرمونات خاصة تنظم وظائف الكبد، بدأت العضيات بإنتاج مركبات حيوية مثل الغلوكوز، واليوريا، وأحماض الصفراء، والكوليسترول، بالإضافة إلى بروتين الألبومين بمعدلات مماثلة لما ينتجه الكبد الطبيعي. كما طورت هذه العضيات شبكات من القنوات الدقيقة لنقل أحماض الصفراء، ما يشير إلى تطور بنيوي يشبه الكبد الحقيقي.

وفي تجربة عملية، قام الفريق بزرع العضيات في فئران مصابة بفشل كبدي ونقص مناعي، ونجحت العضيات في استعادة الوظائف الحيوية عن طريق تعويض الخلايا التالفة، ما يعكس إمكانياتها العلاجية الواعدة في ظل النقص العالمي في الأعضاء المتاحة للزراعة.

وإلى جانب التطبيقات العلاجية، أظهرت هذه العضيات كفاءة عالية في اختبار الأدوية، متفوقة على الخلايا الكبدية التقليدية التي تُستخدم حاليًا وتفقد فعاليتها بسرعة. كما نجح الباحثون في تعديل جينات العضيات لمحاكاة أمراض وراثية مثل نقص إنزيم "أورنيثين ترانسكارباميلاز"، ما يعزز دورها في دراسة اضطرابات الكبد الوراثية.

ويطمح الفريق البحثي في المستقبل إلى توسيع قدرة العضيات على التكاثر لتوليد مليارات الخلايا، ودمج أنواع متعددة من الخلايا الكبدية داخل العضية الواحدة، بهدف الاقتراب أكثر من محاكاة الكبد الطبيعي بكامل تعقيده.