سوالف

كيف أتخلّص من وسواس التحرّش بطفلي؟ رحلة أمّ من الخوف إلى الطمأنينة

كيف أتخلّص من وسواس التحرّش بطفلي؟ رحلة أمّ من الخوف إلى الطمأنينة

للعلّم - ليس هناك ما هو أثمن عند الأم من أمان طفلها، ولا ما يؤرقها أكثر من احتمالية أن يتعرض لأي أذى، وخاصة الأذى الجنسي. ومع ازدياد الأخبار المنتشرة عن حالات التحرش، يزداد القلق داخل الكثير من الأمهات حتى يتحوّل أحيانًا إلى وسواس دائم يرهق القلب ويعكر صفو الحياة اليومية. في هذا المقال، سأحدثك بصيغة قريبة من قلبك، بلغة امرأة مثلك، عن وسواس التحرش بالأبناء: ما أسبابه؟ متى يصبح طبيعيًا؟ ومتى يتحوّل إلى اضطراب؟ والأهم، كيف يمكن أن تتغلبي عليه وتعيشي بطمأنينة دون أن تهملي حماية طفلك؟

أولًا: أفهم نفسي، هل خوفي طبيعي أم مرضي؟
كأم، من الطبيعي أن أخاف على طفلي، لكن عندما يتحوّل هذا الخوف إلى تفكير مستمر طوال اليوم، وإلى تفتيش مفرط لكل من يقترب منه، أو إلى نوبات هلع تبكيني ليلاً، عندها أحتاج أن أتوقف وأسأل نفسي: هل أنا ما زلت أحمي، أم بدأت أؤذي نفسي نفسيًا؟

الوسواس القهري المرتبط بالخوف من التحرش بالأطفال هو نوع معروف من اضطراب الوسواس القهري (OCD)، ويصيب كثيرًا من الأمهات الحريصات والحساسات. يبدأ بتفكير بسيط: "ماذا لو..." ويتضخم حتى يصبح دائرة لا تنتهي من القلق والخيالات المقلقة التي قد لا تعكس واقعًا.

ثانيًا: أواجه مخاوفي بدلاً من الهروب منها
واحدة من خطوات العلاج المهمة هي الاعتراف: "نعم، أنا خائفة على طفلي، وأفكاري تتعبني، لكنها ليست دائمًا واقعية." الهروب من هذه الأفكار أو محاولة قمعها يجعلها أقوى. ما أحتاجه هو أن أتعامل معها بوعي لا بخوف.

أقول لنفسي:

الخوف لا يمنع الخطر، بل يعطل حياتي.

أنا أستطيع أن أكون حريصة دون أن أكون مهووسة.

مشاعري ليست حقائق، ويمكنني أن أراجع نفسي بهدوء.

ثالثًا: أتعلم الفرق بين الوقاية والوسوسة
الوقاية تعني:

أن أعلّم طفلي عن خصوصية جسده بلغة تناسب عمره.

أن أراقب بشكل عام دون أن أزرع فيه الخوف أو أتهم الآخرين دون دليل.

أن أكون حاضرة ومهتمة، لا متوترة ومنهارة.

أما الوسوسة فتعني:

أن أشك في كل شخص، حتى الأقرباء.

أن أتخيل مواقف مؤلمة لم تحدث وأعيش في قلقها.

أن أنقل توتري لطفلي، فيشعر أنه محاصر أو أن جسده عيب أو خطر دائم.

أنا كأم قادرة على الحماية، لكن لا ينبغي أن أتحوّل إلى سجّانة لطفلي باسم الحرص.

رابعًا: أطلب الدعم عندما أحتاجه
ليس عيبًا أبدًا أن أقول: "أنا متعبة نفسيًا". بل هذه علامة على وعيي ورغبتي في أن أكون أفضل لي ولطفلي. إذا شعرت أن الأفكار القهرية تسيطر عليّ ولا أستطيع التخلص منها، يمكنني أن ألجأ إلى مختصة نفسية تفهم طبيعة الوسواس وترافقني في رحلة العلاج.

العلاج قد يكون سلوكيًا معرفيًا (CBT) يساعدني على تفكيك الأفكار السلبية، أو يتضمن تمارين استرخاء ومواجهة تدريجية للمواقف التي تثير الوسواس. وفي بعض الحالات، يكون هناك علاج دوائي مؤقت بإشراف طبي.

خامسًا: أعتني بنفسي لأعتني بطفلي
كلما كنتِ أنتِ بخير، كان طفلك أكثر أمانًا. الاهتمام بصحتك النفسية ليس رفاهية، بل ضرورة. خصصي وقتًا لنفسك، مارسي هواية تحبينها، خذي قسطًا من الراحة، ولا تعيشي دور "الأم الخارقة" التي لا تخطئ ولا تتعب. أنت إنسانة، ولست جهاز إنذار يعمل على مدار الساعة.

طفلك بحاجة إلى أم هادئة، مطمئنة، تمنحه الأمان من خلال حنانها لا من خلال خوفها المبالغ فيه.

الخوف على الطفل نعمة، لكن الوسواس نقمة. والفرق بينهما هو الوعي. عندما أبدأ بفهم ذاتي، وتحديد مشاعري، والتفرقة بين الحماية والوسوسة، سأبدأ بالخروج من دائرة القلق إلى مساحة الأمان. لا عيب في أن أشعر بالخوف، لكن العيب أن أستسلم له. أنا قادرة، كأم، أن أحمي طفلي من العالم الخارجي، وأحمي نفسي من العالم الداخلي المرهق. الخطوة الأولى هي أن أقرّ بأنني أستحق أن أعيش بسلام، كما أريد لطفلي أن يعيش.