وجهات نظر

الأردن .. التحولات العالمية - الأميركية

الأردن ..  التحولات العالمية - الأميركية

الناظر إلى الحالة الدولية - الإقليمية الحالية يستطيع بكل وضوح أن يرى حجم النقاش والأدبيات المتعلقة بالتغير العالمي الجاري. وبغض النظر عن حجم جدلية هذا النقاش، فان ما يجرى من تغيّر على المستويين الدولي والإقليمي هو حقيقي وعميق وله تبعات على حياة الأفراد والمجتمعات والدول.

إنها متغيرات تفرض نفسها على كل الدول الكبيرة منها أو الصغيرة، تتطلب الاستجابة والتكيف لضمان المصالح الوطنية الاستراتيجية وبالذات وجودية وادوار الدولة. تقليديا ما يحدد القدرة على ذلك هي الإمكانات وطريقة توظيفها. وفي عالم تحكمه حالياً الواقعية السياسية القائمة على مبادئ تتعلق بنظام دولي يتسم بتنافس الدول الكبرى، وسياسة خارجية قائمة على المصالح الوطنية، وتقدير عال لعوامل جيوسياسية وقوة اقتصادية ومالية في السياسية الدولية. باختصار لا تحالفات مقدسة دائمة ولا عداوات دائمة وانما هنالك مصالح خالدة. فإن المتغيرات ا?حالية هي اشكالية حتى للدول التي تملك الامكانات فما بالك بالدول الصغيرة والتي لطالما عانت من تجاذبات سياسية دولية محكومة بواقعية سياسية لا تعطي بالاً كثيراً للهياكل الدولية ومبدأ التعاون الدولي المتعدد الذي لطالما كان واحدا من عوامل اطواق النجاه وتحقيق المصالح للدول الصغيرة.

في مثل هكذا واقع دولي وبغض النظر عن مستويات العولمة والاعتمادية المتبادلة بين الدول، فإن مسألة تنافس القوى العظمى يبقى المحدد الرئيسي للسياسة الدولية، وبالتالي تضع الدول الصغرى في معضلة كيفية الابحار بسلام في هكذا بيئة دولية غير ملائمة وكيفية تغيير سلوكها والتكيف من أجل ضمأن مصالحها ووجوديتها. وانطلاقا من هكذا قراءة مختصره فإننا هنا في الأردن غير مستثنيين من هذه التغيرات والتحولات خاصة في سياق الحديث عن العلاقة الاستراتيجية التاريخية مع الولايات المتحدة التي في معظم الأحيان نتحدث بها وكأنها راسخة ومضمومة. ?حيح أنها علاقة لها جذورها التاريخية وقوية ومفيدة لكلا الجانبين لكن هذه النزعة التغييرية في سلوك واشنطن الإقليمي والدولي القائم على إعادة تغيير دور واشنطن العالمي وإعادة علاقتها مع كل من الأصدقاء او المنافسين على أساس اميركا أولاً؛ يتحتم علينا إعادة النظر في ما يجب عمله استراتيجياً لضمان مصالحنا الوطنية.

لذلك حالياً، هناك تحدٍ للأردن كما الدول التي في حجمه فرضته هذه المتغيرات والتي تتطلب تكيفاً استراتيجياً. هنالك نقاط خلاف مع الادارة الحالية أبرزها القضية الفلسطينية وكيفية حلها وآخذين بعين الاعتبار موقف هذه الادارة من مسألة الحل وطبيعته، فإن هذه القضية تبقى اشكالية كبرى في نسيج علاقة عمان مع واشنطن. أضف لذلك هنالك إقليم يتغير ويستجيب لهذه المتغيرات الدولية وبالذات للمتغيرات التي تحاول واشنطن فرضها والتي قد تؤثر على أهمية دول المنطقة بالنسبة للدول الكبرى وبالذات الولايات المتحدة. لذلك للتعاطي مع هذه التحولا? وتداعياتها المحتملة لا بد من حتمية تطوير قدراتنا ومصادرنا الذاتية، تمتين وتعزيز علاقاتنا الثنائية والمتعددة في سياق المصالح المشتركة من خلال سياق دبلوماسي استراتيجي محكوم باهداف واضحة متطابقة مع قدراتنا ومنطق عقلاني براغماتي عالي الاشتباك عنوانه الأردن أولاً يسمح لنا بتوسيع هامش المناورة الدبلوماسية والوقت والتعاطي بفاعلية مع الضغوط المحتملة.