وجهات نظر

متى تتوقف فوضى الإعلانات على السوشيال ميديا؟!

متى تتوقف فوضى الإعلانات على السوشيال ميديا؟!


بينما كانت الإمارات تعلن بخطى واثقة عن إطلاق "تصريح معلن" لصنّاع المحتوى الرقمي، جلس بعضنا في الأردن يتأمل سيل الإعلانات العشوائية التي تنهال علينا كل يوم من "فاشينستا" تروج لماء ورد يشفي من القلق الوجودي، و"مؤثر" يوصي بمكمل غذائي يجعلك خارق الذكاء خلال 3 أيام… دون أي سؤال من أين جاء هذا "العِلم" أو هذا الإعلان.

الإمارات قالتها بصراحة: لا إعلان دون تصريح، تريد تروّج؟ تفضل، هذا النموذج، وهذه الشروط، وهذه ثلاث سنوات مجانًا لتوفيق أوضاعك، الأمر لا علاقة له بالتضييق أو الرقابة، بل بمفهوم بسيط: "نظم نفسك قبل أن تُنظَّم"، أما نحن في الأردن، فما زلنا نتعامل مع الإعلانات الرقمية على طريقة "خليها ماشية"، وكأن المحتوى الترويجي يأتي محمولًا على نسائم الحرية، لا على دفعات التحويل البنكي من حسابات لا نعرف أصلها ولا فصلها.

في الإمارات، أصبح لصانع المحتوى هوية قانونية، وعلاقة واضحة مع الجمهور، ومسؤولية أمام الجهات المنظمة، أما عندنا، فالمحتوى الإعلاني يخرج علينا من كل زاوية في إنستغرام وتيك توك، بنصوص خادعة وأحيانا موسيقى حزينة لإعلان عن عدسات لاصقة "تغير حياتك".

تخيلوا أن كل من يظهر لنا ويقول "هذا المنتج عن جد غيرلي حياتي" سيكون ملزمًا بوضع رقم تصريح رسمي في حسابه، والتأكد أن الجهة التي تعاقد معها ليست وهمية، أما هنا؟ فأنت لا تحتاج أكثر من فلتر، وشوية كريزما، وربما قهوة على الشباك، لتبدأ مسيرتك المهنية كـ"مؤثر تسويقي مستقل".

وهنا لا بد من السؤال: لماذا لا نبدأ؟

هل ننتظر إعلانًا من أحد "اليوتيوبرز" يروج لـ"بسكويت ينقّي الهالة الطاقية" قبل أن ننتبه أن هناك شيئًا ما يجب تنظيمه؟ ألا يستحق المستهلك الأردني أن يعرف متى يكون المحتوى إعلانًا؟ وألا تستحق الدولة أن تدخل هذه السوق بمهنية وعدالة و… ربما بعض الضرائب؟

تشريع مثل "تصريح معلن" في الأردن لن يقتل الإبداع، بل سينقذه من فوضى "الترندات السريعة" والإعلانات المغشوشة، وسيمنح صانع المحتوى قيمة مهنية، بدل أن يبقى عالقًا بين كونه هاويًا متحمسًا أو "مروّجًا تحت الطاولة".

نحتاج إلى "مُعلِن أردني" حقيقي… ليس الشخص، بل الإجراء، نريد أن ننظّم سوق الإعلانات الرقمية قبل أن تغرقنا عبارات مثل "خصم خاص لمتابعيني" و"لا يفوتكم هذا المنتج العجيب" دون أن نعرف: من المعلن؟ وما هو المنتج؟ والأهم… من المسؤول؟