وجهات نظر

الحزن والغضب يلف الأردنيين جميعا !

الحزن والغضب يلف الأردنيين جميعا !


ما قاله الملك عبد الله الثاني، عن آثار الحرب على غزة وهو يعبر عن غضبه وقلقه، أنها شكلت صدمة نفسية عميقة على الأطفال والشباب مما يؤثر على مستقبل الاستقرار والأمن في المنطقة لاجيال قادمة

إذن الحرب، أحدثت صدمة لن تمحى، وموقف الملك من الحرب تحول الى شعارات ومانشيتات وعناوين يرفعها المتعاطفون مع غزة والمتظاهرون لوقف الإبادة والتجويع عنها ويأتي هذا تأكيدا على قول الملك وهو يناشد الأردنيين ويبادلهم الحزن والقلق والغضب

حتى المتظاهرين الإسرائيليين في شوارع تل أبيب والقدس وغيرها رفعوا مضمون الشعارات الملكية لقد صنع الملك من خلال تصريحاته ورؤيته المتبادلة مع قادة عالميين محتوى جديدا للشعارات المطالبة بوقف الحرب، وقال الكثيرون انهم استلهموا مواقفهم من الروية الملكية كما قال المستشار الالماني ميرتس

كما اشتقت المظاهرات في تل ابيب من مضامين الكلام الملكي القول بان الحرب على غزة أسست لخراب أخلاقي وهو الخراب الذي سيحتاج أجيالاً بأكملها، ويؤسس لمراحل من التراجع القيمي والأخلاقي.وسقوط المثل الإنسانية وانحطاطها كما عبر الملك عن ذلك امام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ حين وقف النواب الأوروبيون ليصفقوا للكلمة الملكية خمس مرات لانها أشعرتهم بالواقع غير الإنساني والإحساس بالإثم ازاء التصرفات الهمجية الاسرائيلية في قتل الأطفال بالقصف والتجويع والإبادة

نعم أطلقت اسرائيل نازيتها من عقالها وتبارى قادتها النازيون المعروفون الذين وضعت اسماء بعضهم في قوائم سوداء عالميا وفي منع من دخول دول في العالم بدأت بهولندا وستتواصل التصريحات السامة الإسرائيلية تطلق دون خشية من عقاب أو ردود قوية من المجتمع الدولي،اذ يراهن القادة الاسرائيليون على قدرة اسرائيل على ابتزاز الموقف الدولي والقفز عن كل خطوطه الحمراء، طالما توفر الولايات المتحدة الحماية، والحاضنة بتواطؤ من الإدارات الاميركية على حساب مصالح الشعب الاميركي الذي بدأ يتنبه لمخاطر العدوانية الصهيونية على الأمن والسلام الدوليين وعلى مصالحه وسمعته في حماية العدوان ويصبح حال اسرائيل حال من أمن العقوبة وقع في الخطأ.

النازية الاسرائيلية المتفشية في سلوكها وشعاراتها بدأت تخيف الإسرائيليين انفسهم بعد استعمال لغة التهديد والهذيان من السنة المتطرفين وهم يتبارون في الحديث عما سيفعلونه في غزة، فهناك من يطالب باستمرار الابادة والقتل ومنع دخول الدواء والطحين والمساعدات والتهجير والاحتلال والاستيطان واعتبار غزة ارض اسرائيل وهناك من يرى قتل الأطفال طبيعياً، باعتبارهم كلهم حماس، وأن حماس تستعمل الاطفال دروعاً بشرية، حيث ما زالت ماكينة الإعلام النازية الاسرائيلية التي تذكر بوزير الإعلام النازي، جوبلز، الذي كان يقول "أكذب ثم أكذب ثم اكذب حتى تصدق نفسك" وهذا ما تفعله اسرائيل وما يفعله المرضى النفسيون من قياداتها واولهم نتنياهو، الذي لو عرض على طبيب نفسي لأوقفه عن العمل ومنعه من المسؤولية. وحجر عليه ليس لخطورته على العالم والسلام، وإنما ايضا لخطورته على الاسرائيليين أنفسهم، فنتنياهو هو من حرض على قتل رابين ،ومحاصرة المعارضة واستغلال أهالي المخطوفين بدوام الابتزاز والاعلام المضلل عن الحرب منذ السابع من اكتوبر.

نتنياهو وعصابته بن غفير وسموترتش ، يخطفون اسرائيل، كما تقول صحيفة هآرتس الاسرائيلية، وهم يجعلون من المجتمع الاسرائيلي برمته بعد ارتفاع نسبة المعارضة فيه رهينة لبقاء العصابة الحاكمة في السلطة.

بدأ الشارع الاسرائيلي يخرج احتجاجاً على الحرب على غزة وسياسة التجويع والتعطيش، ولكن هذه الأصوات مازالت متواضعة ويجري خنقها وتشويه مواقفها، حيث تتواطئ الولايات المتحدة مع النظام اليميني الحاكم في اسرائيل، وحيث قال احد أبرز خبراء الأمم المتحدة للسلام، إن ويدكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي قد شطب جزء من مبادرة المفاوضات اخيرا و التي تتنازل فيها حماس عن حكم غزة لصالح لجنة جديدة محايدة، لا علاقة لها وقد اعتبر هذا الموقف في حينه تطورا في الموقف الفلسطيني وأثنى عليه الوسطاء، وقيل حينه أن المفاوضات قد انطلقت وأنها بصدد أن تصل إلى اتفاق وقف اطلاق النار وادخال المساعدات، ولكن ويدكوف شطب الفقرة كاملة التي توافق فيها حماس على تسليم السلطة، وخرج ليقدم مقترحاً خالياً من ذلك حتى تستمر ادانة الموقف الفلسطيني ويسهل الاستعداء عليه .

ويدكوف، ووزير الخارجية الاميركي والادارة الأمريكية الصهيونية وقادة إسرائيل لا يريدون حلاً في غزة، سوى الحل الاسرائيلي، وهم يشترون الوقت لصالح القتلة الارهابيين في حكومة تل أبيب الذين يريدون خدمة عقيدتهم الصهيونية بقتل الفلسطينيين وتصفية وجودهم على أرضها وهو نفس مفهوم تصفية الهنود الحمر في وطنهم والاستيلاء عليه بالإبادة والقتل والمعازل والترحيل

المطلوب اليوم فضح المواقف الاسرائيلية وحتى الأمريكية المتواطئة، وعلى الدول الوسيطة العربية، وغيرها من دول العالم التي بدأت تبصر الحقائق ومن لديه معرفة ودراية ومتابعة من دول عربية فضح الموقف الأمريكي الذي يوفر حاضنة لحرب الابادة والتجويع الاسرائيلية على غزة.

إذن لا يريد المبعوث الأمريكي أن تنجح المفاوضات حتى لو سلمت حماس بدورها وسلطتها سلاحها وقدمت ما هو أكثر من المطلوب علناً، فالأمر لم يعد يتعلق بحماس التي اتخذت ذريعة دائماً،لاستمرار الحرب وانما بالتصورات الاسرائيلية التوسعية الإرهابية وبكيفية التعامل مع قطاع غزة من المنظور الاسرائيلي والمصالح الإسرائيلية التي تكشفت في الغاز وقناة بديلة لقناة السويس .

يبدو أن الدوران في الحلقة المفرغة سيستمر، وما يجري الان هو إدارة الحالة في غزة وليس حلها، فاسرائيل لم تنتصر ولم تنقذ رهائن، وخسائرها تتزايد بفعل المقاومة التي إن استمرت ستهرب اسرائيل كما هروبها من جنوب لبنان في الثمانينيات

أنها حرب العض على الأصابع، حرب قتل وتجويع للغزيين لتستسلم المقاومة ويجري اجتياح القطاع واحتلاله، وفرض شروط المعتدي، وستبقى الحرب الى ان تجد اسرائيل أنها لا تطيق الخسائر، وهذا ما يجري حيث تتعاظم الضغوط الأميركية والتهديدات التي تخفي حالة التراجع والهزيمة الاسرائيلية ومحاولة الانتصار بهذه الطريقة من الابتزاز والاتهام والادانة للمقاومة بدل الانتصار في ساحة المواجهة.

الولايات المتحدة، وويدكوف، ووزير الخارجية الأمريكي الصهيوني أكثر تطرفا من كثير من الإسرائيليين يعملون ليل نهار لانقاذ اسرائيل وتحويل هزيمتها الى نصر، ويتحدثون باسمها كما لو كانوا موظفين في حكومة نتنياهو، ويزايدون حتى على معظم الاسرائيليين ويكفي لمعرفة التورط الأمريكي والتماهي الأرعن أن نقرأ صحيفة هآرتس الإسرائيلية وافتتاحياتها وأن نسمع كلام أهالي المخطوفين الذين يدركون الآن أن ابناءهم وقود لأطماع النازية الاسرائيلية غير المعنية بانقاذهم.

نعم الملك عبد الله غاضب وحزين مما يجري وشعبنا كله معه ولابد من وقف هذه الحرب الآثمة ومعنا العالم الذي بدأ يفهم هذا الوباء الخطير ويرى ضرورة وقفه بلا تأخير.