وجهات نظر

الدولة الأردنية هي صاحبة السيادة

الدولة الأردنية هي صاحبة السيادة

أثارت قضية استهداف الأمن الوطني الأردني من قبل مجموعة خلايا متطرفة كشفت عنها الدولة نقاشا وتفاعلا مستمرا في الفضاء العام الأردني المفتوح والمحكوم بأطر دستورية وقانونية وذاتية مشتركة توافقية تنتج عقلا جمعيا اردنيا.

ومن الواضح ان هنالك أغلبية ساحقة من الرأي العام الأردني تقف وتدعم الخطوات والاجراءات المتعلقة بهذه القضية من قبل اجهزة الدولة المختلفة وبالذات الامنية والقضائية منها. ولكن وفي نفس الفضاء المفتوح هنالك ايضا مجموعة تأخذ موقفا ضبابيا. ويركز على سياق تبريري والتقليل من حدّة ما حصل وان ما جرى هو اندفاعة غيورة نتيجة لما يحصل في غزة وان الأمر يجب ان يترك للقضاء ولا داعي لتجييش الرأي العام ضد هذه المجموعات المتهمة بزعزة الامن الوطني الأردني.

وهنا اود القول ان الدولة والمواطن الأردني يحترمان القضاء ويؤمنان بدوره الأساسي في توفير العدالة والمساواة ولكن المسألة ليست كلها قضائية، انها امر يتعلق بالأمن الوطني بأبعاده المختلفة السياسية والاجتماعية وبالتالي من حق المواطن ان يتفاعل ويناقش؛ لذلك هو ليس تجييشا وانما يمثل حالة صحية ووعياً متقدماً للفضاء العام المفتوح والذي يتم التواصل والحوار فيه حول القضايا العامة المطروحة وبالذات القضية المعضلة ألا وهي قضية الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، وهذا أولاً.

ثانياً: أن هذا الحادث شكل صدمة للعقل الجمعي الأردني وتفاعل معه بكل وجدانية واعتقد انه لا داعي للحديث كثيرا واعادة طرح الموقف الكلي للدولة قيادة وشعبا من القضية الفلسطينية فلا احد ولا جماعة ولا دولة تستطيع ان تدعي انها الأقرب لفلسطين من الاردن.

ثالثاً: لو ان كل فرد او جماعة غيورة في الاردن وبحجة القضية الفلسطينية قامت بما قامت به هذه الخلايا بعيداً عن سيادة الدولة لكانت الفوضى لا سمح الله هي النتيجة.

ودعني هنا اقتبس ما تحدث به واحد من اشهر فلاسفة العبثية الفيلسوف الفرنسي البير كامو في كتابه الشهير الثائر عن وصف الفوضى (انها شكل من أشكال العبودية)، إذا كان فلاسفة العبثية يرفضون الفوضى فما الذي جرى للذين يدعون العقلانية والحرص على استقرار الأردن.

رابعاً: عندما يتم الحديث عن دور القضاء الآن الم يدر في خلد هذه المجموعات والمدافعين عنهم ان القضاء جزء من دولة هي المسؤولة وفق الاطر الدستورية والقانونية والسياسة والعقد الاجتماعي الأردني عن تنظيم أمور الناس والامن الوطني واحتكار السلاح وتملك ادوات القوة المشرعنة وبالتالي صاحبة السيادة لا الجماعات.

يجب التعاطي مع الدولة الأردنية في سياقها الكلي الجمعي لا انتقائياً مثل صندوق او علبة شوكولاته تختار فقط ما تريد. العقلانية والحزم مطلوبان ولكن إلقاء الملامة على التجييش والرأي العام لا يفيد وانما مراجعة الذات والاجتهادات التي ادت لنتائج غير مرغوب بها هي الطريق الصحيح.