وجهات نظر

مصر المحروسة على الخط

مصر المحروسة على الخط


مصر سند الأمة ورصيدها والمعول عليها في الشدائد وحين البأس، وقد جربت مصر كثيراً، قاتلت عن الأمة وانتصرت لها وقادت لفترات طويلة التاريخ، الموغل في عين جالوت ومعارك سيف الدين قطز، والظاهر بيبرس في بلاد الشام لرد المغول وفي الفالوجة بفلسطين حيث رابط الضابط المصري جمال عبد الناصر قبل أن يعود لمصر رئيساً.

الأردن ومصر امتداد جيوسياسي واحد، أدرك ذلك الأردن منذ نشوء المملكة وكان مع مصر في علاقات مميزة واتفاقية دفاع عربي مشترك حين كان العرب أكثر وعياً على الخطر، كانت مصر والأردن من دول ما يسمى بالطوق.

خاضت مصر والأردن عملية سلام بدأتها مصر في كامب ديفيد ثم الأردن بعد سنوات في معاهدة وادي عربة مع اسرائيل، واعتقدت الأطراف العربية ان صفحة الصراع يمكن أن تطوى بالمفاوضات وتقديم المصالح التي يحملها السلام، لكن غريزة الحرب المزروعة في كل خلايا الكيان الصهيوني الذين يتغذى بايدولوجيته على الدم والقتل والتدمير واستنساخ الفعل النازي، الذي دفع اليهود في أوروبا ثمناً له وتباكت اسرائيل عليه وحولته الى مرض معاداة السامية، هذه الغريزة العدوانية تظهر من جديد في مظاهر خطيرة جداً على شكل حرب الابادة والتجويع والتعطيش والقتل ومنع الاعمار، وكلها أدوات حرب وقتل سجلت كبراءات اختراع باسم اسرائيل التي تنتقل من حرب الابادة الى حرب الابادة بالتجويع وقد تنتقل الآن من حرب الابادة والتجويع الى حرب الابادة والحصار بمنع الاعمار لإجبار الغزيين على الهجرة حتى وإن توفر لهم الطعام والدواء

نعم نراهن على مصر وهي تستهدف اليوم ويجري التقليل من شأنها بالتشكيك والحملات الاعلامية التضليلية لثنيها عن مواقفها، وقد تنبه الأردن لذلك ولفت انتباه مصر اليه.

العلاقات المصرية الأردنية الآن في أحسن أحوالها، وخاصة في البعد الأمني والاقتصادي والتعاون في كل المجالات، وهو تعاون لم يصل من قبل الى هذه الدرجة غير المسبوقة من اجل سلامة البلدين، الاردن ومصر، في وجه تحدي العدوان الاسرائيلي القائم والمستهدف للبلدين بسبب مواقفهما.

الخطة الاسرائيلية الجديدة بخصوص غزة والتي أقرها المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر والكنيست، خطيرة جداً، وهي تستهدف مصر من خلال حرب إسرائيل على غزة بابعاد 700 ألف غزي الى جيب جيتو على الحدود مع مصر ثم دفعهم بوسائل عديدة قسرية عبر الحدود الى مصر، وهذه جريمة لا تقبلها مصر ودونها (خرط القتاد ) كما يقولون بالعربية الفصحى وقد تدفع الى الصدام مع مصر التي ستدافع بكرامة وشراسة وشجاعة عن امنها الوطني وحدودها، والعالم يتفهم ذلك ويراقبه.

اتذكر الأيام الصعبة عشية الخامس من حزيران 1967، حين وصل الملك الراحل الحسين القاهرة واستقبله عبد الناصر ووقع معه اتفاقية دفاع مشترك وما قاله عبد الناصر عن شجاعة الملك وعن الموقف الأردني الملتزم

اليوم مصر مستهدفة كما الأردن بموجات من العدوان الذي يوسعه نتنياهو في خططه الجهنمية التي لا تبقي ولا تذر في غزة والضفة الغربية، وسط استنكار عالمي واسع، لا تعيره القيادة النازية الاسرائيلية اهتماما.

ولذا فإن التنسيق الأردني المصري وعلى كل المستويات وفيه الزيارة التي كانت أمس باستقبال رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي من جانب الملك بحضور الأمير حسين بعد مباحثات مع الدكتور جعفر حسان ، في اجتماع اللجنة العليا

ومن قبل لقاءات جلالة الملك المتكررة واتصالاته المستمرة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، تشير الى ارتقاء هذه العلاقات وتفعيلها وادامة التشاور الذي أضاف له جلالة الملك نتائج لقائه مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مدينة نيوم في شمال غرب السعودية.اول امس

اسرائيل تتحرش بمصر وتعبئ ضدها "لتثلم" الموقف المصري من التهجير وتعمل على ذلك بكل الوسائل لتفتح في مصر باب مصادرة رأيها وسيادتها والنيل من ترابها الوطني وارتهان اقتصادها وليتاح اقامة قناة موازية لقناة السويس، تبدأ من غزة ولأطماعها في ثروات غزة من الغاز وجعل غزة قاعدة أمنية اسرائيلية بتهديد كامل سيناء.ومصر

مصر منتبهة لذلك ويعتقد كثير من المراقبين ان معركة مصر والأردن واحدة، وأنهما يقفان على نفس الخط من التعبئة واستشعار الخطر، وان الجولات الملكية الدولية الناجحة كانت وما زالت لاطفاء الحرائق التي تشعلها اسرائيل وما زالت في الاراضي الفلسطينية وفي غزة تحديداً بحرب الابادة وأنها تريد بذلك حرق المنطقة كلها.

الأردن يقظ لذلك وتنبه، ودوره يتواصل مع المجتمع الدولي وحتى مع دول المنطقة والاقليم والدول العربية وتبصير الجميع بخطواته وصورة التنسيق لمواجهة هذا الخطر الذي تواصل فيه اسرائيل اللعب بالنار.

لن يكون حزيران آخر في المنطقة العربية أبداً، ولن تنتصر اسرائيل التي يقول عنها الاسرائيليون انفسهم أنها مخطوفة على يد العصابة الفاشية الحاكمة التي لا تعرف متى تهبط عن الشجرة ومت تتوقف، أنها تقود الإسرائيليين الى خطر محتوم، مهما أخذت القيادة الاسرائيلية العزة بالاثم، فالحروب القادمة التي تريد اسرائيل فرضها ستكون حروب الشعوب ايضاً ولن تتوقف في ايام ستة أو ستين واسرائيل اختبرت ذلك بنفسها في غزة منذ ما يقارب سنتين وما زالت تنزف، وكما يقولون بالعامية "دجاجة حفرت على راسها عفرت"، هذه الامة ستبقى حية وان تأخر ردها كما قال الشاعر الراحل محمود درويش (ولست استعجل ميلاد القيامة)