وجهات نظر

كنتم تصنعون الاخبار .. فأصبحتم خبراً

كنتم تصنعون الاخبار ..  فأصبحتم خبراً


يا صحفيو غزة الأبطال، اسرائيل تريد بقتلكم إخفاء الجريمة، جريمة الإبادة، وقد فضحتوها وكشفتم عنها الغطاء الذي أسدله عليها حلفاؤها من القتلة والمتواطئين واشتروا لها الوقت ومكنوها.ولكنها عارية ومكشوفة لكل ذي عقل وعينين

اسرائيل تقتل الشهود رغم حضور الدم والجثث ورغم ما اعترفت به وما زالت تعترف وهي تقدم فتاوى مصدرها دينها تبيح قتل الصحفيين والاطفال.

اسرائيل احترفت قتل الأطباء وطواقم المستشفيات وقتلت من الصحفيين اكثر من 260 منذ بدء عدوانها

قدمت مبررات عديدة تسجل باسم هذه الدولة الإرهابية المارقة التي تستحضر التراث النازي وتمارسه، فلها براءة حرب التجويع وبراءة قتل الأطباء والممرضين والمسعفين وبراءة قتل الصحفيين، وهذا يسجل في تاريخها أنها الدولة الأولى في ذلك والتي تنفرد بهذه الجرائم عن العالم كله

الذين قتلوا في الجريمة الاسرائيلية المتجددة ضمن حرب الابادة، هم مقدمة لعمل فظيع يستهدف قتل الفلسطيني في حلقة قادمة من حرب الابادة دون كاميرات او تصوير او أصوات

قتل من تريد اسرائيل خنقهم في المحتشدات والقيتوات التي تريد اقامتها لتفريغ القطاع وقتل أهله. يتحدثون عن دولة فلسطين، ليجبروا بخاطر الايتام والشهداء والمشردين والموقوفين للقتل، والسؤال كما قالت خبيرة الأمم المتحدة، "ما قيمة الدولة الفلسطينية وشعبها يباد".

الذين اغتيلوا اليوم هم مجموعة ممتدة منذ العدوان على غزة، في قائمة طويلة

لم يعد قتل الصحفيين يهم اسرائيل، فقد قتلت بدم بارد عديدا منهم، نذكر شيرين أبو عاقلة، التي مررت اسرائيل اغتيالها ولم تعاقب، فقد آمنت العقوبة وواصلت الجريمة وهي تغتال اليوم الشريف وقعيقع، وهما من أنشط الصحفيين وأكثرهم كفاءة، وكانت قد هددت انس الشريف من قبل وبعد استشهاد والده لتثنيه عن العمل في نقل جرائمها ولكنه شجاع لم يخف ولم يتردد، فاتهمته بالمقاومة، وكأن المقاومة تهمة، وتناست ان انس وغيره هي بارهابها من سببت المقاومة كرد على احتلالها وهي ترى كلما كان يقول الارهابي جابوتنسكي ابو اليمين المتطرف أن الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت وتهمتهم انهم يقاومون جرائمها بنقل هذه الجرائم للعالم بالكاميرا والكلمة والصحافة

فاتهمته لانس انه، ارهابي، دون أن تقول ماذا كانت تريد منه ان يعمل إذ أن صفة ارهابي في ترجمتها تعني مواطنا غزيا، فغزة ليست حماس ولا الجهاد ولا حتى الفصائل، أنها شعب اجبرته ظروف الاحتلال بالحصار والقتل ونزع كرامته في كل يوم على ان يقاوم ولا خيار غيرذلك اذا ما قرأنا اشتراطات بنيامين نتنياهوالمعلنة

القائمة طويلة لم تبدأ بشيرين أبو عاقلة ولا بمحاولة اغتيال وائل الدحدوح الذي بقي شاهداً على حرب الابادة ولا من اغتيال اسماعيل الغول والمصور سامر ابو دقة

او محمد نوفل ومحمد الخالدي وحمدي الدحدوح وابراهيم ظاهر والقائمة تصل الى اكثر من 200، اسماؤهم محفورة في وجدان شعبهم لانهم شهود على الابادة

أمس بكت الكاميرات وهطل دمع عدساتها عليك يا انس ويا محمد، فقد جعلتم الشعب المظلوم والجريح الذي يباد الآن، يرى فعل الجلاد ماثلاً امام الواقع والعالم، جعلتمونا نفطر على مشهد جثث الأطفال التي تمزقت ونتغدى عليها ونتعشى كذلك لزمن يقترب من السنتين نصبح ونمسي ولا نرى للجريمة النكراء والابادة البشعة غيابيا وإنما تجديدا ومواصلة

صورالجثث المغطاة بالأكفان وما يستر القطع المشوهة ورأينا ذلك في كل مكان من غزة ومنهم من لم يخرج من تحت الانقاض حتى الآن، ومنهم من نهشت جثته الكلاب الضالة في الشوارع والاحياء، ومنهم من القي في الخلاء مقيدا وممثلاً في جثته،

الكاميرا وصلت الى البعض ولم تصل الى الكل، وقدمتم جثثا لم تكن بحاجة الى الأكفان والأغطية، فقد رآها العالم يغطيها عظامها من القفص الصدري حيث تمتد الأرجل والايدي النحيفة من التجويع كالحبال ويذوي الجسد الذي منعت عنه الحياة قسرا

رأينا كل ذلك وأصبح العالم شاهدا وها هو يحتج في كل شوارعه ومدنه الحرة ويدين الجرائم، ويرى أن شهادة ميلاد اسرائيل لم تعد شرعية لأن ولادتها كانت شق التوم بولادة الدولة الفلسطينية في التقسيم عام 1947، أي قرار 194، في الامم المتحدة،وقد ذكر الامين العام للأمم المتحدة، غوتيريش، بذلك، ولكن اسرائيل اغتالت يومها الدولة الفلسطينية، ونسيت أن هناك بذوراً عادت تنمو وشعباً عاد للمطالبة بحقوقه الشرعية رغم سؤال غولدا مائير ذات صباح، "أين هو الشعب الفلسطيني؟" وها هو الشعب الفلسطيني ماثل أمام قادة الارهاب من الدولة التي لا تعيش الاّ بالحروب ولا تسقى الاّ بالدم، وقد وجدت حليفاً لن يدوم مهما طال الزمن وستصبح حليفتها وحيدة طالما ظلت أرواح الفلسطينيين الذين قتلتهم تحوم وتقول (الهامة اسقوني ).

ماذا نستطيع أن نقول في هذا اليوم المآساوي من قتل الصحفيين في مهماتهم الصعبة، فقد كان القول انها مهنة المتاعب بل مهنة الموت والصحفي في الميدان أمام الدولة الارهابية هو كالجندي، وها هي اسرائيل لا تخجل حيث تصفهم بالارهابيين وعددهم يفوق عدد من قتلوا في الحرب العالمية الثانية من الصحفيين.

نقرأ وصية أنس الشريف، وما يقوله وائل الدحدوح، وما أنجزته شيرين أبو عاقلة، لقد احترفوا صناعة النبأ الخبر فكانوا انبياء في أعمالهم وشهداء عند ربهم يحشرون

أنهم صوتنا جميعا نحن الصحفيون المتألمون....