منوعات

الجوع وأثره على الجسم .. رحلة الحرمان من الغذاء

الجوع وأثره على الجسم ..  رحلة الحرمان من الغذاء

للعلّم - في مناطق الصراع مثل غزة والسودان، يواجه آلاف الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات أزمة غذائية خانقة تهدد حياتهم، إذ يؤدي النقص الحاد في الطعام إلى سوء تغذية خطير قد ينتهي بفشل الأعضاء الحيوية والموت.

عند انقطاع الغذاء، يبدأ الجسم باستخدام مخزونه تدريجيًا؛ فيستهلك أولًا الطاقة المتوفرة من الجليكوجين في الكبد خلال أول 48 ساعة، ثم ينتقل إلى تفكيك الدهون والعضلات للحصول على الطاقة. ومع طول فترة الجوع، تتدهور الكتلة العضلية ويضعف الجهاز المناعي، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض خطيرة مثل الالتهاب الرئوي، أحد أبرز أسباب الوفاة في حالات الجوع المزمن.

وتوضح خبيرة التغذية علا عنبتاوي وزميلتها بيرتا فالنتي أن الحد الأدنى من الطاقة المطلوبة في حالات الطوارئ هو نحو 2100 سعرة حرارية يوميًا، موزعة على الكربوهيدرات (50-60%)، البروتينات (10-35%)، والدهون (20-35%)، إلى جانب فيتامينات ومعادن أساسية مثل الحديد، فيتامين A، اليود والزنك، لضمان المناعة والنمو والتطور العقلي.

يمر الجسم خلال الجوع بثلاث مراحل رئيسية:

المرحلة الأولى (حتى 48 ساعة): استهلاك الجليكوجين للحفاظ على مستوى السكر في الدم.

المرحلة الثانية: إنتاج الغلوكوز من الأحماض الأمينية والغلسرين، ما يؤدي إلى فقدان العضلات.

المرحلة الثالثة: الاعتماد على الأجسام الكيتونية الناتجة من الدهون كمصدر بديل للطاقة، وهي علامة على أزمة أيضية متقدمة.

ومع استمرار الحرمان، يبطئ الجسم معدل الأيض ويحرق الدهون، ثم يلجأ لتكسير العضلات بشكل كبير، ما يسبب مضاعفات قد تكون مميتة. كما يرافق الجوع أعراض نفسية حادة مثل القلق، الاكتئاب، والانشغال المستمر بالطعام، بينما يؤدي عند الأطفال إلى توقف النمو وتلف دائم في الدماغ.

ويحذر الخبراء من مخاطر متلازمة إعادة التغذية عند إدخال الطعام فجأة بعد فترة جوع، إذ قد تؤدي التغيرات المفاجئة في الأنسولين والمعادن إلى قصور في القلب أو ضيق في التنفس. لذلك، يعتمد العلاج على بروتوكولات خاصة تشمل الحليب العلاجي F-75، والطعام العلاجي الجاهز، وأملاح الإماهة، والمكملات الدقيقة، لاستعادة الصحة تدريجيًا وبأمان.