رياضة

المونديال .. صناعة هاشمية ومجد أردني

المونديال ..  صناعة هاشمية ومجد أردني

للعلّم - تعددت عوامل النجاح التي أسهمت بوصول المنتخب الوطني لكرة القدم إلى كأس العالم 2026، وكان كثيرون شركاء في هذا الإنجاز الأول والأبرز.

لنعترف قبل كل شيء أن الطريق لم يكن سهلاً، وأن حجة التأهل بفضل رفع عدد المنتخبات المشاركة في المونديال القادم مرفوضة، فالنشامى عبر إلى كأس العالم عن جدارة واستحقاق، وتأهله للدور الثالث من التصفيات بطلاً للمجموعة، ومن ثم حسمه لذلك قبل نهاية التصفيات بجولة، لدليل على أحقية حضوره في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك صيف العام المقبل في المحفل الرياضي الأكبر في العالم دون شك.

في هذا الإنجاز، يشار بكل فخر واعتزاز إلى القدامى من لاعبين ومدربين وإداريين الذين وضعوا اللبنة الأساسية للبناء، مروراً بالجماهير على مدار التاريخ وصولاً إلى النشامى الحاليين والجهاز الفني والقائمين على إدارة كرة القدم الأردنية، فجميعهم وفي مختلف مواقعم بلا استثناء، شكلوا منظومة واحدة أدخلت الفرح في ربوع الوطن وداخل قلب كل أردني، ولكن الشمس لا تغطى بغربال، فهذا الإنجاز جاء بصناعة الهاشميين، أبناء هذا الوطن وبناة نهضته وصانعو أمجاد الوطن.

نعود ونؤكد أننا لن ننكر أصحاب الإنجاز وصناع الفرح ومن جد واجتهد من لاعبين ومدربين وإداريين ومن عمل في الكواليس من جنود مجهولين وموظفين وداعمين وجماهير وإعلاميين، فجميعهم كانوا مخلصين، لكن وراء كل قصة نجاح أردنية، رياضية واقتصادية وتعليمية وصحية وسياسية ومجتمعية هاشميون عاهدوا الله على حمل الأمانة بصدق، وحملوا على أكتافهم مسؤولية رفع اسم الأردن والأردنيين في كافة المحافل والميادين، فهم من نستلهم منهم الهمم.

إن أدوار جلالة الملك عبدالله الثاني الدائمة تجاه الشباب والرياضة ومتابعته الحثيثة لكل صغيرة وكبيرة على المستوى الرياضي، لطالما شكلت دافعاً لتحقيق النجاحات، وخلال هذه الرحلة في التصفيات المونديالية تحديداً كان جلالته حاضراً بقوة.. يدعم ويحفز النشامى وواثقاً بهم، وولي عهده الأمين الأمير الحسين بن عبدالله لم يكل أو يمل، بل سار خطوة بخطوة وشحذ الهمم، جنباً إلى جنب مع ربان سفينة كرة القدم الأردنية سمو الأمير علي بن الحسين، فكانوا والهاشميون جميعاً كلمة السر وراء هذا الإنجاز وكافة ما تحقق سابقاً من نجاحات.

من الرعيل الأول في القيادة الهاشمية الحكيمة كان الاهتمام بالرياضة والشباب حاضراً وبكل قوة، والإصرار على رعاية هذين القطاعين كان عنوان التوجيهات الملكية على مدار سنوات طويلة، فلم يكن الهاشميون يناظرون عن بعد، بل يراقبون المشهد من قرب، ويتابعون كل صغيرة وكبيرة لأن الأردن لديهم أولاً في كل شيء.

في عام 1993 حمل جلالة الملك عبدالله الثاني راية قيادة كرة القدم الأردنية عندما تولى رئاسة الاتحاد حتى عام 1999 حين تولى سلطاته الدستورية، وإبان ذلك يستذكر التاريخ مواقف ومشاهدة راسخة في الأذهان، فلم يكن رئيساً للاتحاد فحسب، إنما ملهماً لذلك الجيل من النشامى الذي حقق تحت إشراف المدرب الوطني محمد عوض أول الإنجازات بلقب الدورة العربية في بيروت عام ١٩٩٧ ومن ثم كرر هذا الإنجاز في دورة الحسين 1999.

ما تحقق في تلك الفترة شكل دافعاً لمستقبل أكثر إشراقاً، ليأتي بعد ذلك سمو الأمير علي بن الحسين ليكمل مسيرة البناء على المكتسبات، فحمل المسؤولية بكل أمانة وإخلاص، مستلهماً في مهامه، ما صنعه جلالة الملك من إنجازات ومستنداً في الوقت نفسه على دعم جلالته الذي لم ينقطع أبداً حتى يومنا الحاضر.

بعد التربع على قمة دورة الألعاب العربية عامي ١٩٩٧ و١٩٩٩، دخلت كرة القدم الأردنية مع سمو الأمير علي بن الحسين الباب القاري عندما تأهل المنتخب الوطني لأول مرة إلى نهائيات كأس آسيا في الصين ٢٠٠٤ وبإشراف المرحوم المصري محمود الجوهري، ووقتها ظهر النشامى علامة فارقة في السماء بفضل ما تحقق من نتائج انتهت أمام اليابان في الدور الثاني وفي مشهد وطريقة لن تغيب عن الذاكرة.

في الصين، كان جلالة الملك عبدالله الثاني حاضراً مع النشامى، يساندهم ويشد مع الأمير علي على أيديهم، وهناك كانت البدايات الآسيوية، ليتواصل الظهور بعد ذلك في ٤ نهائيات قارية، لم يكن خلالها النشامى مجرد ضيف، إنما قاتل بشراسة ونافس حتى الرمق الأخير، لتتكلل هذه المشاركات بأفضلها حين فاز المنتخب الوطني بالمركز الثاني بنسخة قطر ٢٠٢٤، بعد سلسلة من النتائج أكدت للجميع أن قطار النشامى يسير بقوة والقادم سيكون أفضل.

وبالفعل، أثبت النشامى أن كأس آسيا ٢٠٢٤ ما هي إلا نقطة بداية لما هو أقوى، فالوصول للمونديال كان أولوية وهدفاً يراد تحقيقه، ليدخل المنتخب الوطني هذه التصفيات بكل عزيمة وإصرار وثبات على ترجمة الخطط والطموحات.

وكالعادة ظهرت العائلة الهاشمية داخل هذا المشهد بعمق وبكافة حذافيره، ولأن حلم الترشح إلى كأس العالم يراود الجميع وبات قريباً، التف الأردنيون بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني وولي عهده الأمين وسمو الأمير علي وكافة الهاشميين من الأمراء والأميرات، في دائرة أحاطت النشامى الذين لم يخيبوا الظن وكانوا عند التوقعات وقدر المسؤولية، فخرج من هذه الدائرة شعاعاً براقاً جعل الكرة الأردنية نجمة لامعة في سماء كرة القدم العالمية.