سوالف

خطر خفي غير متوقع قد يكون السبب وراء اضطراب النوم!

خطر خفي غير متوقع قد يكون السبب وراء اضطراب النوم!

للعلّم -
كشفت دراسة علمية حديثة عن خطر غير متوقع يكمن في المواد البلاستيكية التي نستخدمها يوميًا، إذ أظهرت أن بعض المركبات الكيميائية الموجودة فيها قد تؤثر سلبًا على ساعتنا البيولوجية، تمامًا كما يفعل الكافيين الموجود في فنجان القهوة الصباحي.

هذه النتائج المقلقة تسلط الضوء على تأثيرات جديدة وغير متوقعة للبلاستيك على صحتنا، وتفتح الباب لفهم أعمق للعواقب الصحية المحتملة لهذه المواد التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية.

فريق من الباحثين في النرويج قام بتحليل مركبات كيميائية مستخلصة من منتجات شائعة مثل أنابيب طبية وحقائب ترطيب رياضية مصنوعة من مواد مثل بولي كلوريد الفينيل (PVC) والبولي يوريثان (PUR). وتُستخدم هذه المواد في صناعة مجموعة واسعة من المنتجات، بدءًا من لعب الأطفال وحتى أثاث المنزل وعبوات الطعام.

المثير في الدراسة أن هذه المواد الكيميائية أظهرت قدرة على تعطيل الإشارات الخلوية المسؤولة عن ضبط الساعة البيولوجية، مما يؤدي إلى اضطراب في توقيت النوم قد يصل إلى تأخير قدره 17 دقيقة.

وأوضح البروفيسور مارتن فاغنر، المشارك في الدراسة من المعهد النرويجي للعلوم والتكنولوجيا، أن الساعة البيولوجية تتحكم في وظائف حيوية عديدة كالنوم والتمثيل الغذائي، وأي خلل فيها قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة. وأضاف أن النتائج تقدم دليلاً جديدًا على الأثر العميق وغير المرئي للمواد البلاستيكية على صحة الإنسان.

وقد نشرت الدراسة في مجلة Environmental International، مشيرة إلى أن البلاستيك لا يؤثر فقط على النظام الهرموني كما كانت تشير الدراسات السابقة، بل يؤثر أيضًا على ما يُعرف بمستقبلات الأدينوزين في الخلايا، وهي المسؤولة عن تنظيم إيقاع الساعة البيولوجية.

اللافت في الأمر هو أن تأثير هذه المواد يشبه إلى حد كبير تأثير الكافيين، وإن اختلفت آلية العمل. فالكافيين يعطل مستقبلات الأدينوزين لإبقاء الإنسان مستيقظًا، بينما تنشط المواد الكيميائية في البلاستيك هذه المستقبلات بشكل خاطئ، مما يؤدي إلى نفس النتيجة: تعطيل الإيقاع الطبيعي للنوم والاستيقاظ.

ويؤكد الباحثون أن التأثير الكيميائي للبلاستيك قد يكون أسرع من تأثيره الهرموني، ما يعني أن الضرر قد يبدأ في الظهور في وقت مبكر مما كان يُعتقد سابقًا. وعلى الرغم من أن التغيير الزمني في النوم يبدو بسيطًا، إلا أن هذا الانحراف الطفيف يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات أكبر في التوازن البيولوجي للجسم.

وتكمن الصعوبة في أن مادة PVC وحدها قد تحتوي على ما يصل إلى 8000 مركب كيميائي مختلف، بعضها ناتج غير مقصود لعمليات التصنيع، مما يعقّد مهمة تحديد المركبات المسؤولة عن هذه التأثيرات بشكل دقيق.

الخطوة التالية في البحث هي إجراء تجارب على أسماك الزرد، التي تتشابه مع البشر في العديد من العمليات الحيوية، بهدف توفير بيانات أقوى لدعم وضع قوانين تنظيمية أكثر صرامة، ودفع المصنعين لإعادة تصميم منتجاتهم لتكون أكثر أمانًا.

هذه الدراسة لا تمثل مجرد تحذير جديد من أخطار البلاستيك، بل تؤكد أننا لا نزال في بداية الطريق نحو فهم التأثير الكامل لهذه المواد على صحتنا. كما تشير إلى أن الحل ليس في الابتعاد عن البلاستيك بشكل كلي – وهو أمر شبه مستحيل – بل في إعادة تصميمه بشكل جذري ليصبح آمنًا وصحيًا للاستخدام البشري.