سوالف

تأثيرات إيجابية للموسيقى على الدماغ: بين تحسين المزاج وتنشيط الذاكرة

تأثيرات إيجابية للموسيقى على الدماغ: بين تحسين المزاج وتنشيط الذاكرة

للعلّم - لطالما اعتُبرت الموسيقى وسيلةً للتعبير عن المشاعر وتوثيق اللحظات، لكن الأبحاث الحديثة تكشف أن تأثيرها يتجاوز المتعة السمعية، ليصل إلى أعماق الدماغ ووظائفه. فالموسيقى لا تقتصر على الترفيه، بل تحمل تأثيرات إيجابية قوية على الدماغ من النواحي النفسية والعصبية وحتى السلوكية. في هذا المقال، نستعرض أبرز التأثيرات الإيجابية للموسيقى على الدماغ، مدعومة بما أظهرته الدراسات الحديثة في علم الأعصاب.

1. تحفيز المشاعر وتحسين المزاج
تؤثر الموسيقى بشكل مباشر على المناطق الدماغية المسؤولة عن تنظيم المشاعر، مثل الجهاز الحوفي (Limbic system).

يمكن لأغنية مفضلة أن تطلق الدوبامين، وهو ناقل عصبي مرتبط بالشعور بالسعادة والمكافأة.

تساعد الألحان الهادئة في تقليل مشاعر القلق والتوتر، بينما ترفع الإيقاعات السريعة مستوى النشاط والحيوية.

2. تعزيز التركيز والذاكرة
أظهرت أبحاث أن الموسيقى يمكن أن تعزز الأداء المعرفي، خاصةً في المهام التي تتطلب تركيزًا وإبداعًا.

ما يُعرف بـ"تأثير موزارت" يشير إلى أن الاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية قد يحسن مؤقتًا القدرة على التفكير المكاني وحل المشكلات.

كما وُجد أن الأشخاص المصابين بألزهايمر أو ضعف الذاكرة يستطيعون تذكر معلومات ومواقف بشكل أفضل عند الاستماع إلى موسيقى مألوفة.

3. تنشيط مناطق متعددة في الدماغ
الموسيقى تحفّز الدماغ بطريقة معقدة وفريدة، إذ تشارك عدة مناطق دماغية في معالجتها، منها:

الفص الجبهي (للتحليل والتركيب)،

الفص الصدغي (لتفسير الأصوات)،

والمخيخ (للتنسيق الحركي، خاصة لدى العازفين).
هذا النشاط المتعدد يعزز من مرونة الدماغ (Neuroplasticity) ويساعد في بناء مسارات عصبية جديدة، ما يُعد مفيدًا في إعادة التأهيل بعد الإصابات العصبية.

4. المساعدة في تقليل الألم
الموسيقى ليست مجرد وسيلة لصرف الانتباه، بل يمكنها أن تُقلل من الإحساس بالألم الفعلي عبر تقليل التوتر وتحفيز إفراز الإندورفين، وهو مسكن طبيعي يفرزه الجسم.

وقد استُخدمت الموسيقى في غرف العمليات، ووحدات العناية المركزة، وحتى في علاج الأمراض المزمنة، لتخفيف شعور المرضى بالألم والقلق.

5. تحسين جودة النوم
الاستماع إلى موسيقى هادئة قبل النوم يمكن أن يحسّن نوعية النوم ويقلل من الأرق، عبر تهدئة الجهاز العصبي وخفض مستويات هرمون الكورتيزول المرتبط بالتوتر.

6. تعزيز مهارات التواصل والتعلم لدى الأطفال
أثبتت دراسات أن إدخال الموسيقى في تعليم الأطفال يعزز من قدراتهم اللغوية والرياضية، ويقوي مهاراتهم الاجتماعية، ويزيد من تركيزهم وتحفيزهم للتعلم.

الموسيقى ليست مجرد ترف أو ترفيه، بل هي غذاء حقيقي للدماغ والروح، تؤثر فينا على مستويات أعمق مما نتخيل. من تحفيز المشاعر إلى تحسين التركيز وتخفيف الألم، تُظهر الموسيقى قدرتها الفريدة على إحداث تغيير إيجابي ملموس في حياتنا. لذا، فإن دمج الموسيقى في روتيننا اليومي، سواء عبر الاستماع أو التعلم أو العزف، قد يكون من أفضل الاستثمارات في صحتنا النفسية والعقلية.