وجهات نظر

العلاقة مع فلسطين .. المنيّة ولا الدنيّة

العلاقة مع فلسطين ..  المنيّة ولا الدنيّة

ما بين الأردن وبين أهلنا في فلسطين، علاقة تاريخ وجغرافيا، وجيرة، وشراكة، ومصير واحد، وعلاقة كتبت بسطور من التضحيات، وبمبدأ لا يقبل القسمة على اثنين.

وعند الحديث عن فلسطين والأردن، فإنّ القارئ يدرك أنّ هذا البلد، كان وسيقى الأقرب للقدس ونابلس والخليل وحيفا ويافا وغزة، وجميع مدن فلسطين، ليس بحكم الجغرافيا والنسب، والجيرة، وحسب، بل بحكم العروبة والقيم المشتركة، والمبدأ.

مناسبة هذا الحديث، أنه كثيراً ما يخرج علينا البعض، بوعي أو دون، وبمناسبة أو دون مناسبة، بمقالٍ أو رأي أو تحليل أقرب ما يكون إلى أحلام اليقظة، أو يكون سطحياً عابراً، منزوعاً من قراءة التاريخ، وتأمل الجغرافيا، وحتى تأمل أحاديث الأردنيين في مجالسهم، التي لطالما كانت تؤكد على بذل بلدنا، وملوكه الهاشميين، لأجل فلسطين، وسيبقى.

وإن كانت القضية الفلسطينية، وعلى مدار عقود مضت مرّت بمراحل وحقب تواترت في طبيعتها بين الثورية والكفاح المسلح والمفاوضات وتبدلت مشروعيتها مرات ومرات، فإنّ الثابت الوحيد هو العدالة المنشودة لأهلنا في فلسطين.

واليوم، يرى المتابع لجهود جلالة الملك عبد الله الثاني، ومساعيه إقليمياً ودولياً، وقوف الأردن كرأس حربةٍ في التصدي للمتغيرات الجديدة، التي تحاول سحب بساط الشرعية الفلسطينية، أو تغيير وفرض معادلات تتساوق والإمعان الإسرائيلي في التعنّت والانقلاب على مبادرات التسوية كافة.

فالمشاريع الكبيرة والأفكار النقية، وعروبة المعدن والخطاب، هي ما جمعتنا مع فلسطين سواء في الحرب أو في الوحدة أو في السلم أو التعاون اليوم والتصدي لما هو مقبل، والماضي ليس البعيد ينبئ بدروس كثيرة.

فوحدة الضفتين، وهي إحدى الشواهد القريبة من تاريخنا المعاصر، سبقتها دماء غزيرة من شهداء جيشنا العربي، ومثّلت هذه الوحدة حقيقة معاشة منذ عام 1951م وحتى عام 1967م، وما زلنا حتى اليوم نقف على سؤال كبير، لماذا لم تعترف بهذه الوحدة سوى دولتين في العالم، وحتى قرار فك الارتباط عام 1988م، هو حقيقة أخرى.

لقد مثّلت هذه العلاقة حجر الزاوية في العلاقة الأردنية الفلسطينية بالرغم مما شابها من استقطابات أحياناً، هي في العموم طبيعية، وتسعى للحفاظ على هوية البلدين والشعبين ضمن صيرورة الأحداث، وإن لم يكن أحياناً المؤامرات، أو حتى الخيبات التاريخية التي مررنا بها.

ويعلم دارسو هذه المرحلة جيداً حجم التدخلات من بعض التنظيمات الفلسطينية على الساحة والتي تعمل على فصم عرى العلاقة بين الشعبين، ولكن، في كل مرحلة تاريخية حرجة، تكشف العلاقة بين البلدين والشعبين حجم تشابك همومها وآمالها، وتعرف ذلك عند كل منعطفٍ تاريخي مدفوع بقوة عظمى ومن أمامها قوة إقليمية صاعدة.

لقد تجاوزنا كأردنيين وفلسطينيين كثيراً من المؤامرات والمخططات والبالونات «المؤدلجة».. ويقول التاريخ، إن وحدة مواقفنا كانت أكثر نفعاً وحققت على الأرض مكتسبات أكبر مما حققته لحظات فرقتنا.

وأما ما يواجهنا من ترهات وإشارات وأكاذيب بعيدة كل البعد عن المصداقية وتأبى عقيدتنا الدينية والاخلاقية واخلاقنا مثل هذه الاقوال والافعال، فسمو ملوكنا وشعبنا تترفع عن حتى الرد على مثل هذه الأكاذيب فنحن دائما نستحظر اللحظات الخاصة بهذه العلاقة الشريفة النظيفة لنتجاوز ما هو أصعب.

فالخطاب الأردني الهاشمي سيبقى ينادي بالعدالة لفلسطين قضيتها وسلامة شعبها ومقدساتها وارضها. والتضحية في سبيلها ونبقى نردد كما ردد أجدادنا على أرضها، المنية ولا الدنية..