وجهات نظر

لا قوات أردنية في غزة

لا قوات أردنية في غزة


هذا زمن وقف إطلاق النار، زمن فرض ارادة المجتمع الدولي التي تأخرت كثيراً بسبب التعنت الاسرائيلي الذي مارسته الدولة الاحتلالية المارقة

حين يقول جلالة الملك عبد الله، لن أرسل قوات اردنية الى غزة، فهو يشتبك وبقوة وصلابة وبموقف سياسي واضح يفتخر به الأردنيون، والعرب وكل من آمن بضرورة الدفاع عن الحق الفلسطيني.

لن يضع الأردن يده في النار ولن يمدها لتحترق، فاسرائيل المحاصرة بارادة المجتمع الدولي واهتزازات الداخل الاسرائيلي تستجلب الحرب والعدوان وتسعى اليه وهي تثير كل أسباب الفوضى في المنطقة.

ولن يدخل الأردن الى المدخنة ليتسخ بما تركه الاحتلال من دخان وسخام وركام وجرائم

لقد ظل الاردن يمشي على الحبل طوال أيام واشهر العدوان الاسرائيلي التي بلغت أكثر من سنتين وما زالت الأوضاع قابلة للتفجر، وظل يحسب مصالح القضية الفلسطينية التي هي قضيته، كما ظل يتمثل بالحكمة التي أدركها بالمعاناة، سواء فترة احتلال العراق أو ما جرى في سوريا من حرب شنها النظام السابق على شعبه، وكانت أطرافاً وقوى دولية تريد زج الأردن فيها.

إذن من موقع الاشتباك السياسي، أكد جلالة الملك في مقابلة مع قناة BBC البريطانية، أنه لن يرسل قوات أردنية الى غزة، مهما كانت الذرائع ووسائل التزيين فليس هكذا تورد الإبل وهو يدرك الأهداف والمرامي من ذلك

ولن يسير دوريات ولن يلوث سلاحه ، بل سيبقى جيشه وقواته الأمنية نظيفة في مناقبية عالية ظلت تقف الى جانب أمتها وفي كل معاركها بفخر واعتزاز.

الأردن على استعداد، كما قال الملك، لتدريب الشرطة الفلسطينية، وله في ذلك باع طويلة في تدريب الشرطة لدى السلطة الوطنية الفلسطينية، وما زال على استعداد ليؤدي هذه المهمات وأن يشارك في مهمات عديدة، إنسانية طبية، من خلال مستشفياته المتنقلة التي كانت قبل الحرب الأخيرة على غزة وفي اثنائها وما زالت،حتى اليوم وستبقى وهو الوحيد الذي لم تنقطع امداداته ومساعداته دون منّة أو تفاخر.

لن يكون الاردن في خندق غير خندق القضية الفلسطينية، أكد ذلك باستمرار وفي كل الخطابات واللقاءات الملكية، فلن يسير دوريات ولن يرسل جنودا ولن يساعد الاحتلال في أي خطوة تكرس الاحتلال.

الملك سمى القوات المرسلة قوات الاجبار والملك لن يقبل لنفسه ولا لشعبه أن يجبر على شيء لايؤمن به ، وقد قال أمام مجلس النواب في خطاب العرش أنه لا يخاف ولا يخشى غير الله، اعترف بقلقه، والقلق شيء مشروع لدى الانسان، أمام أي خطوة يتخذها، وقلقه هو قلق كل الأردنيين، ويحق له ان يقلق وهو يرى غول العدوانية الاسرائيلية يقفز فوق الشرعية الدولية ويمارس أبشع أنواع التطهير العرقي وحرب الابادة وما ينسحب على غزة ينسحب على الضفة الغربية التي حذر الملك من تفاقم الأوضاع فيها نتاج استمرار سياسة الاحتلال العدوانية، لأن ذلك دون "خرط القتاد" كما يقال في العربية القديمة، ومن المستحيل ان يكون في السجل الملكي أو الأردني ما يشي بذلك.

العالم معنا في مواجهة العدوان سياسياً، وسيظل الى ان ينزاح العدوان الذي بدأ وحتى الولايات المتحدة الأمريكية تتحسس منه وقد تنقلب عليه وتنتقل الى الصف العالمي المعترف بالدولة الفلسطينية.

الأردن مع وقف اطلاق النار في غزة وفي تدفق المساعدات التي يساهم فيها، ومع اعادة الأعمار ومع منع التهجير ومع مبادرة الرئيس الأمريكي ترامب، التي اقرت في شرم الشيخ ومع كفلاء "الوفا والدفا" كما يقال في التقاليد الأردنية، ومع مصر الشقيقة التي تقاسم فلسطين (غزة حدودها) ومع انفاذ الاتفاق وقطع الذرائع الاسرائيلية بخطوات عملية.

قوات.. أي قوات الى غزة من العالم على تنوعها، يجب ان تكون لصيانة السلام وخطته وليس لتكريس الاحتلال وأهدافه، كان ذلك واضحاً من المواقف الأردنية التي لا تقبل التأويل.

الأردن بوابة فلسطين ومدخلها، وشريكها في السراء والضراء وقضيتها، تصنف على أنها جزء من الأمن الوطني الأردني، والدولة الفلسطينية لا بد أن تقام على أرض فلسطين وعاصمتها القدس، وهي ممتدة في وحدة جغرافية لتشمل الضفة الغربية وشرق القدس وغزة، هذا هو التصور الأردني الذي دافع الأردن عنه، وما زال وقد دفع ثمن الامساك بمواقفه التي لم يتزحزح عنها قيد أنملة، رغم كل أشكال الضغوط المتزايدة عليه

نعم الملك قلق، ولكنه شجاع بشعبه وارادته وهو يواجه ضغوطاً قوية منذ سنوات ازدادت بفعل العدوانية الاسرائيلية ولكنه صامد واتخذ قراره وأعلنه وسلح به شعبه، فلا ضغوط تمكن ان تجعله ينحني، فالأردن دولة مستقلة لها قرارها وهذا الموقف هو أحد تجلياته وهو لا يخفي مخاطر ما تمثله الحكومة الاسرائيلية القائمة التي أعلن الملك عدم ثقته فيها وتحديداً في رئيسها