مجتمعات

صحيفة لندنية تتحدث عن تغييرات متوقعة في قيادات الاعلام الاردني

صحيفة لندنية تتحدث عن تغييرات متوقعة في قيادات الاعلام الاردني

للعلّم - تحدثت صحيفة الشرق الاوسط اللندنية في تقرير لها عن تغييرات متوقعة في قيادات الاعلام الاردني وسط دعوات إلى تطوير شامل.

وقالت الصحيفة إنه تقرّر، مطلع الأسبوع الماضي، تعيين ريم الجازي مديرة للإعلام والاتصال في الديوان الملكي الأردني، وهي الآتية من الموقع ذاته من مكتب ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني.

هذه خطوة عدتها مصادر أنها تهدف لتحقيق الانسجام المطلوب في «المرجعية الإعلامية الخاصة بأخبار الملك عبد الله الثاني ومكتب ولي العهد وبيانات الديوان الملكي الرسمية». ثم إن هذا التغيير المفاجئ، أتى بعد أقل من سنة من مغادرة المدير السابق، نارت بوران، موقعه.

جدير بالذكر، أنه لم يسبق قبل تعيين الجازي تولي سيدة قبلها هذا المنصب. والجازي، بالمناسبة، قطعت مشواراً طويلاً من الخبرات، محلياً ودولياً. وعملت سابقاً في بعثة الاتحاد الأوروبي في عمّان، وظل اسمها يتردد في اجتماعات حاسمة من منطلق موقعها في معادلة القرار الإعلامي، ومدى ارتباطه بالسياسات العامة في البلاد.

في أي حال، أثار هذا التغيير تكهنات المراقبين، الذين كانوا قد توقعوا بدء مروحة تغييرات لمواقع قيادية إعلامية في البلاد، خصوصاً على مستوى الصحف اليومية والإعلام الرسمي ومؤسساته، وذلك بالتزامن مع أخذ الخطاب الإعلامي الرسمي تصاعداً حيال تطورات الإقليم، وتهديدات الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة.

من جهة ثانية، يرتبط القرار الإعلامي في الأردن بمستويات قرار محددة، إذ إن دوائر صُنع القرار أمنياً وسياسياً، لها رأي في شكل ومضمون التغييرات، في حين يرى محللون أن هناك هوامش حركة داخل مساحات الحريات العامة لم يستفد منها أحد.

هوامش متباينة

وتتباين تقديرات المراقبين للهوامش التي تمتع بها الإعلام في الأردن عبر العقود. ففي حين يرى بعضهم أن وسائل الإعلام لم تستغل هوامش كبيرة متاحة للحركة، يعتقد آخرون أن حرية الإعلام شهدت انتعاشاً في ظل الأحكام العرفية في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي، بالمقارنة مع بدء مرحلة التحول الديمقراطي التي شهدتها البلاد إثر أحداث أبريل (نيسان) - «هبّة نيسان» - عام 1989 مع عودة عمل البرلمان في أعقاب انتخابات وُصفت بـ«الأكثر نزاهة في تاريخ المملكة» وهي انتخابات مجلس النواب الحادي عشر.

في حينه، كان الإعلام التلفزيوني حكراً على الدولة، قبل انتشار الفضائيات، وكذلك شأن الإذاعات قبل أن يتضخم المشهد الإعلامي بـ«وفرة المنتجات الإعلامية وشحّ المعلومات من خلاله».

التصنيف الرسمي

خلال السنوات الماضية، اعتمدت الجهات الرسمية تصنيفاً للإعلام المؤثر المحسوب على الخط الرسمي، فاقتصر حضور ثلاثة صحف فقط للفعاليات المُعلنة أو الاجتماعات المُغلقة. إذ كانت هناك صحيفة «الدستور»، الأقدم في المملكة، تليها صحيفة «الرأي»، ثم صحيفة «الغد»، لها الحظوة في الحضور الدائم، بينما اختصرت الحكومة أكثر من 15 تلفزيوناً محلياً بشاشتين فقط هما التلفزيون الأردني الرسمي وتلفزيون «المملكة» الذي جاء محمولاً على فكرة إعلام الخدمة العامة، وسُميّت بنظامها «قناة الإعلام المستقلة» ساعية بذلك إلى نفي أي تبعية للحكومة مالياً وإدارياً.

أزمة قيادات... أم أزمة تدخلات؟

بين الملكية الخاصة والمساهمة العامة توزّع ميلاد الصحف اليومية في المملكة. لكن شراء «المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي» باكراً للحصص الأكبر في صحيفتي «الرأي» و«الدستور» كان أول أشكال تداخل الملكية وبالتالي اختيار القيادات الإعلامية وشكل ومضمون التغطيات الصحافية وكذلك مقالات الرأي.

وقبل أن تدخل الصحف اليومية أزمتها المالية الحالية، كانت القرارات الحكومية وراء تغييرات جذرية على مستوى القيادات ودوائر التحرير، خصوصاً في عهد حكومتي الراحلين زيد الرفاعي ومضر بدران في سبعينات وثمانينات القرن الماضي. كذلك الحال، قبل صدور قانون ينظم عمل المطبوعات والنشر في وقت متأخر من منتصف تسعينات القرن الماضي.

صحف وأحداث

من ناحية أخرى، ارتبط مولد الصحف الأردنية والتلفزيون الرسمي والإذاعة في البلاد، بأزمات سياسية كبرى.

صحيفة «الدستور»، مثلاً، صدرت عام 1967 قبل نحو ثلاثة شهور من نكسة يونيو (حزيران)، وبقيت الصحيفة تحمل إرثاً أرشيفياً مهماً ودوراً سياسياً في تمثيل لون اجتماعي عريض في الأردن. أما صحيفة «الرأي» فأسست مطلع سبعينات القرن الماضي بفكرة من رئيس الوزراء وصفي التل، الذي اغتيل في القاهرة على يد منظمة «أيلول الأسود» بأواخر 1971، وهكذا ارتبط تمثيل الصحيفة بلون اليمين الأردني المحافظ.

بعدها، ظلت التعددية الصحافية مرهونة بعقدة «المقعد الثالث» بين الصحف اليومية، إذ سُجلت ولادات عسيرة ونهايات حتمية، فمثلت صحيفة «صوت الشعب» المعارضة حتى إغلاقها، لتأتي صحيفة «الأسواق» بلون صحافي جديد مطلع تسعينات القرن الماضي، لكنها لم تُعمر طويلاً.

ثم جاءت صحيفة «العرب اليوم» بلون مهني مختلف جذرياً بنهاية تسعينات القرن الماضي، وشكلت علامة فارقة في المعارضة، واستطاعت إطاحة أكثر من حكومة خلال مدة صدورها، لكنها أثارت جدلاً بأكثر من عنوان ومقال وتحليل لتغلق أبوابها في عام 2012.

أما صحيفة «الغد» فبقيت، منذ أسست عام 2004، هدفاً لتدخلات في أكثر من مناسبة وحدث.

تحديث الإعلام

لم تأتِ خطط وبرامج التحديث الشامل في الأردن على ذكر تطوير المنظومة الإعلامية «بنيوياً»، سواء كان على مستوى تعزيز حرية الصحافة أو استقلاليتها اقتصادياً وإدارياً. إذ تعتمد الصحف اليومية على مصادر دخل مستقرة من الإعلانات الحكومية والقضائية. وفي المقابل، حظي التحديث السياسي، وفقاً لمراقبين، والرؤية الاقتصادية والتطوير الإداري، باهتمام واسع.

وبقيت عملية تطوير جوهر الأداء الإعلامي على حالها، إذ ظهرت منصّات جديدة رقمية، لكنها عملت وفق المنظومة ذاتها، ومن دون أن تؤثر في اتجاهات الرأي العام... أو تمس قضاياه الكبرى من الداخل، وفقاً لمراقبين.

الخطة الحكومية

ويعتقد مراقبون، أن الخطة الحكومية لتطوير الإعلام، تركز على أداء المؤسسات الوطنية من حيث الرقمنة والتحديث التكنولوجي، ولكن من دون التطرق لتعريف الحاجة الأردنية من الإعلام، والأدوات اللازمة للانتقال إلى إعلام وطني قادر على تقديم وجبة المعلومات المطلوبة للرأي العام.

ثم إن ارتباك بوصلة الإعلام، بين تقليدية الأداء لمؤسسات الصحافة عموماً، ومتطلبات الثورة الرقمية في الإعلام والمتعطشة للمعلومات، خلق منافسة مجحفة مع ما تبثه منصات التواصل الاجتماعي من أخبار. وهذه الأخيرة متهمة بأنها تحفل بـ«أخبار مضللة وشائعات».

وفي هذا السياق، اتخذت نقابة الصحافيين الأردنيين خطوات متسارعة وغير مسبوقة منذ تسلم مجلس نقابة الصحافيين الجديد هيئته الإدارية، منها سلسلة من القرارات لملاحقة من وصفتهم بـ«منتحلي صفة صحافي»، شملت حتى الآن إحالة العشرات إلى القضاء.

ويشدّد مراقبون على ضرورة عدم استبعاد الإعلام من حسابات التحديث الشامل.

ويؤكد هؤلاء ضرورة إحداث نقلة على مستوى الثقة بكل ما يصدر عن المؤسسات الصحافية والإعلامية في البلاد، مع التأكيد على متلازمة الحرية والمسؤولية التي ستعيد التوازن للإعلام الأردني، والاستفادة من هوامش الحريات الصحافية التي لم يستفد منها أحد.