مجتمعات

خبراء يوصون طلبة التوجيهي بتخصصات المستقبل

خبراء يوصون طلبة التوجيهي بتخصصات المستقبل

للعلّم -
تشهد التخصصات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة، والأمن السيبراني، والتسويق الرقمي، نموًا هائلاً في الطلب عليها محلياً وعالمياً. كون هذه التخصصات لا توفر فرص عمل واعدة فحسب، بل تمنح الخريجين القدرة على الابتكار والمساهمة في حلول للتحديات المعاصرة.

​ويرى خبراء أن هذه التخصصات لم تعد خياراً تكميلياً، بل أصبحت ضرورة أساسية للطلبة الراغبين في الحصول على فرص عمل نوعية والمساهمة في بناء اقتصاد قائم على المعرفة.

ويوصي خبراء في القطاع التعليمي وسوق العمل الطلبة الناجحين في الثانوية العامة، بالتوجه نحو التخصصات الرقمية وتخصصات علوم البيانات، عند اختيارهم للجامعة. وذلك في ظل التطور التكنولوجي المتسارع وازدياد الطلب على المهارات الرقمية في مختلف القطاعات.

وفي هذا السياق يؤكد ​عميد كلية تكنولوجيا المعلومات وعلوم الحاسوب في جامعة اليرموك الأستاذ الدكتور قاسم الردايدة، إقبال الأردن على طفرة رقمية تتطلب كوادرا مؤهلة في مجالات المستقبل، لافتا إلى أن تقديرات المركز الوطني للأمن السيبراني تشير إلى حاجة السوق الأردني لحوالي 8,000 وظيفة في مجال الأمن السيبراني خلال السنوات الخمس المقبلة.

​وأوضح الدكتور الردايدة أن التخصصات الرقمية باتت مطلوبة بشدة على الصعيدين المحلي والعالمي، وأن التحول الرقمي العالمي واستخدامات الذكاء الاصطناعي خلقت تشابكاً بين علم البيانات والذكاء الاصطناعي والعلوم الأخرى، مما يفتح آفاقاً واسعة للوظائف الجديدة والمتنوعة.

​وقال الردايدة المرحلة القادمة هي مرحلة رقمية بامتياز، حيث ستعتمد بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي وعلم البيانات، نتيجة التطورات المتلاحقة في هذا القطاع، مضيفا أن علم البيانات والذكاء الاصطناعي يُعد محفزاً أساسياً للابتكار، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، مؤكداً أن المؤسسات العالمية تتوسع في الاستثمار في هذه التخصصات باعتبار أن الذكاء الاصطناعي أداة ريادية في كافة المجالات.

و شدد الدكتور الردايدة على أهمية مواكبة التطورات التكنولوجية أثناء الدراسة الجامعية، قائلاً: ليكون الطالب الخريج منافساً حقيقياً في سوق العمل، لا يكفي فقط الحصول على الشهادة الجامعية، بل يجب عليه اغتنام الفرصة أثناء سنوات الدراسة للحصول على شهادات احترافية ودورات متخصصة و نحن نشجع طلبتنا على الحصول على ما لا يقل عن أربع شهادات احترافية عالمية في مجال تخصصهم.

وأشار الردادية أن تخصص علم البيانات والذكاء الاصطناعي DSAI يحتاج ان يكون الطالب محب في الرياضيات والإحصاء وتحليل البيانات والربط بين الأشياء والغوص في باطن الأمور وبحب يتعلم علوم المستقبل، وتخصص السيبراني Cyber Security يحتاج ان يكون الطالب محبا للجانب التحقيقي والفضول والتحليل وحماية الشبكات، أما برنامج تكنولوجيا معلومات الأعمال BIT يجب أن يكون من محبي قطاع الإدارة.



وأكدت الدكتورة مارسيل جوينات من قسم الصحافة والأعلام الرقمي في جامعة اليرموك أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد مفهوم مستقبلي، بل أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية وأهدافنا المهنية، مما يفتح مجالات عمل واسعة لخريجي تخصصاته تتجاوز العمل التقليدي في شركات التكنولوجيا.

وتابعت الدكتورة جوينات أن هذا التوسع في استخدامات الذكاء الاصطناعي ينطبق أيضاً على قطاع الإعلام، حيث تفتح الصحافة الرقمية مجالاً كبيراً للعمل لخريجي الذكاء الاصطناعي فهم ليسوا بالضرورة أن يكونوا صحفيين تقليديين، بل يمكنهم العمل في مجالات مثل: ​تحليل البيانات الصحفية: استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل كميات هائلة من البيانات والمعلومات للوصول إلى قصص صحفية معمقة.

ونصحت جوينات الطلبة بالتقدم الى تخصص الاعلام الرقمي حيث أنه يدخل في صناعة المحتوى الإخباري من خلال المساعدة في كتابة الأخبار أو تلخيصها، أو حتى توليد المحتوى المرئي بالأضافة إلى ​التسويق والإعلانات وتوجيه الإعلانات الصحفية بشكل دقيق إلى الجمهور المستهدف بناءً على اهتماماته وسلوكه على الإنترنت.



وأكدت جوينات ان خريج الذكاء الاصطناعي باستطاعته العمل خارج مجال مؤسسات تكنولوجيا المعلومات، مثال ذلك قطاع السياحة، الذي يثبت أن خريج الذكاء الاصطناعي يمكن أن يجد فرصاً واعدة في قطاعات متنوعة​ يمكن تسخيرها بشكل فعال باستخدام الذكاء الاصطناعي، رغم التحديات الإقليمية والمنافسة الشديدة.

وتتشير أستاذة اللغة الإنجليزية في جامعة البلقاء الدكتورة سناء عبابنة ‘لى وجود شباب يتزاحمون على مقاعد التخصصات النظرية والطبية، مقابل نماذج ناجحة لدولٍ استثمرت في العقول بدلاً من الشهادات التقليدية، ووجهت طاقاتها نحو التخصصات التقنية الحديثة.

وأشارت العبابنة إلى أن الهند، التي أصبحت قوة عظمى في سوق تكنولوجيا المعلومات، بفضل تخريجها أكثر من مليوني شاب وشابة حاصلين على شهادات صناعية واحترافية معتمدة دولياً في مجالات البرمجة، الأمن السيبراني، تحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي مؤكدة أن هذا التحول لم يكن صدفة بل جاء نتيجة تخطيط ذكي، واستشراف واعٍ للمستقبل، وإيمان بأن الاستثمار في العقول هو الطريق الأقصر للنمو الاقتصادي، ومحاربة البطالة، وتحقيق الريادة.

وأكدت العبابنة على انه يجب إعادة النظر في خريطة التعليم والتخصصات الجامعية، إذ لم يعد مقبولاً أن نستمر في إنتاج أعداد ضخمة من الخريجين في تخصصات لا يحتاجها السوق، في وقتٍ تتعطش فيه الأسواق المحلية والعالمية إلى محترفين في مجالات تكنولوجيا المعلومات والابتكار الرقمي.

وأشارت العبابنة في ظل التحوّلات السريعة التي يشهدها سوق العمل في الأردن والعالم، بات من الضروري أن يتوجّه الطلبة نحو دراسة تخصصات تتماشى مع متطلبات العصر واحتياجات التنمية المحلية، بعيدًا عن التخصصات التقليدية التي لم تعد توفر فرص العمل الكافية.

واتفق المتحدثون على أن التحول نحو التخصصات التقنية لا يعني بالضرورة التخلي عن التخصصات الطبية أو الإنسانية، بل يعني التوازن، وإعادة توزيع الموارد البشرية بما يخدم التنمية المستدامة. كما يعني إدخال مسارات تقنية حديثة حتى في التخصصات التقليدية، مثل الطب الرقمي، والتحليل الطبي المدعوم بالذكاء الاصطناعي.