وجهات نظر

"إعلام يخترق الحصار .. لا يُخاطب نفسه"

"إعلام يخترق الحصار ..  لا يُخاطب نفسه"


لم يعد مقبولًا، لا مهنيًا ولا وطنيًا، أن يظل الإعلام يُحدّث نفسه، يُعيد رسائله داخل نطاقه الجغرافي، ويكتفي بإقناع الداخل بمواقف يعرفها ويقدّرها جيدًا. لقد تجاوزت التحديات حدود الداخل، وتعددت الجبهات، وأصبحت الحرب اليوم حرب رواية وكلمة وصورة، لا تقل ضراوة عن ميادين السلاح.

إن مواقف الأردن، العروبية والقومية والأخلاقية، بقيادة شريف الأمة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، في الدفاع عن قضايا الأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ليست بحاجة إلى إثبات بقدر ما هي بحاجة إلى إعلام بحجمها، إعلام قادر على اختراق الفضاءات الإقليمية والدولية، وتقديم الخطاب الأردني بلغة العصر وبمنطق استراتيجي لا يقف عند حدود التكرار أو المجاملة.

نحتاج إلى منصات إعلامية مؤثرة، تُخاطب الخارج، وتتصدى لما يُبث من سموم عبر قنوات مأجورة، وأصوات مأزومة، وجهات لا يهمها سوى الطعن في المواقف المشرفة، وبث الشك في نفوس الشعوب.

إن الذباب الإلكتروني، وقنوات التحريض، لا تُواجه بالشعارات، بل تحتاج إلى جيش إلكتروني وطني، مدرّب، واعٍ، مؤمن برسالته، يُتقن أدوات الاتصال الحديث، ويُجيد فن الاشتباك الرقمي الذكي، ويعرف متى يتقدم ومتى يصمت، ومتى يفضح الكذب بالحقيقة، لا بالصراخ.

هذه دعوة لإعادة النظر في أدواتنا الإعلامية، وفي كيفية تصدير موقفنا، لا تبريرًا له، بل تأكيدًا على صوابيته وعدالته وسبقه الأخلاقي. فقد ملّ العالم من الصوت المرتبك، والمشهد الضبابي، والخطاب الذي لا يُقنع إلا كاتبه.

نحن بحاجة إلى إعلام مبادر لا مفعول به، يُشبه موقف الأردن، ويُشبه قائده، ويليق بتاريخ هذا الوطن ومكانته.