التنمر الأكاديمي .. الوجه الصامت للعنف
لم يكن التنمر يومًا مشكلة تختص بالأطفال وحدهم؛ بل هو أزمة صامتة تتسلل إلى مقاعد الدراسة وقاعات الجامعات وغرف الأساتذة، فنخسر معها شبابًا يبحثون عن مكانهم في هذا العالم.في مدارسنا، قد يأخذ التنمر شكلًا صارخًا أحيانًا، لكنه في الجامعات يتخفى خلف ابتسامات باردة وكلمات جارحة تقال على عجل، أو في رسائل إلكترونية متعالية، أو في جلسات إشراف يغيب عنها العلم وتحضر فيها السلطة.أخطر أشكال التنمر ما يمارسه بعض أعضاء هيئة التدريس على طلبة الدراسات العليا، حين يُثقل على الطالب في كل خطوة، أو يُحبط جهده بكلمة قاسية أمام زملائه، أو يماطل في مراجعة أعماله دون مبرر، أو يجعله يشعر بأنه “لا يستحق” الحلم الذي يسعى إليه. هؤلاء الطلبة لا يمتلكون القدرة على رفع الصوت، فيصمتون، بينما تتكاثر في داخلهم خيبات تُطفئ شغفهم شيئًا فشيئًا.لكن التنمر الأكاديمي لا يقتصر على العلاقة بين الأستاذ والطالب فقط؛ بل يتسلل أحيانًا إلى العلاقة بين أعضاء هيئة التدريس أنفسهم، حين يستغل البعض طيبة زملائهم أو احترامهم لذواتهم ومواقعهم الأكاديمية والاجتماعية، فيمارسون التضييق والتهميش والتقليل من قدر الآخرين لجني مكاسب مالية أو إدارية أو شخصية. حينها يصبح العلم وسيلة لتصفية الحسابات بدلًا من أن يكون جسرًا للمحبة والمعرفة.في مجتمع يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية؛ لسنا بحاجة إلى مزيد من الأعباء النفسية التي تهدم الثقة في نفوس الطلبة وتقتل فيهم الرغبة في التعلم، ولسنا بحاجة إلى جامعات تتحول إلى ساحات خوف صامت، بل إلى بيئات تعليمية تصون كرامة الطالب، وتؤمن بأن التعليم لا يكتمل إلا بالكرامة الإنسانية.لا يحتاج الطالب إلى أستاذ كامل، بل إلى أستاذ إنسان. ولا يحتاج إلى من يُظهر له الخطأ بتعالٍ، بل إلى من يرشده بمحبة، ويحتويه حتى وهو يخطئ. ولا يحتاج زميل العمل إلى من يُضيّق عليه رزقه أو يهمّشه، بل إلى زميل يفرح بإنجازه.يمكننا أن نضع أنظمة لمكافحة التنمر، لكنها ستظل أوراقًا معلقة على الجدران إن لم نؤمن بأن التعليم رسالة إنسانية قبل أن يكون مهنة، وأن كرامة الإنسان هي أساس كل إصلاح.في مدارسنا وجامعاتنا، لا نريد أن نخسر الطلبة والأساتذة الصامتين، ولا أن نعيش في صمت بارد تجاه هذا العنف المقنّع. الإصلاح يبدأ حين نقرر أن نكون بشرًا قبل كل شيء، وأن نعيد للعلم رسالته الحقيقية في بناء إنسان حر، واثق، مؤمن بأن الاحترام حق لا مكرمة.
لم يكن التنمر يومًا مشكلة تختص بالأطفال وحدهم؛ بل هو أزمة صامتة تتسلل إلى مقاعد الدراسة وقاعات الجامعات وغرف الأساتذة، فنخسر معها شبابًا يبحثون عن مكانهم في هذا العالم.في مدارسنا، قد يأخذ التنمر شكلًا صارخًا أحيانًا، لكنه في الجامعات يتخفى خلف ابتسامات باردة وكلمات جارحة تقال على عجل، أو في رسائل إلكترونية متعالية، أو في جلسات إشراف يغيب عنها العلم وتحضر فيها السلطة.أخطر أشكال التنمر ما يمارسه بعض أعضاء هيئة التدريس على طلبة الدراسات العليا، حين يُثقل على الطالب في كل خطوة، أو يُحبط جهده بكلمة قاسية أمام زملائه، أو يماطل في مراجعة أعماله دون مبرر، أو يجعله يشعر بأنه “لا يستحق” الحلم الذي يسعى إليه. هؤلاء الطلبة لا يمتلكون القدرة على رفع الصوت، فيصمتون، بينما تتكاثر في داخلهم خيبات تُطفئ شغفهم شيئًا فشيئًا.لكن التنمر الأكاديمي لا يقتصر على العلاقة بين الأستاذ والطالب فقط؛ بل يتسلل أحيانًا إلى العلاقة بين أعضاء هيئة التدريس أنفسهم، حين يستغل البعض طيبة زملائهم أو احترامهم لذواتهم ومواقعهم الأكاديمية والاجتماعية، فيمارسون التضييق والتهميش والتقليل من قدر الآخرين لجني مكاسب مالية أو إدارية أو شخصية. حينها يصبح العلم وسيلة لتصفية الحسابات بدلًا من أن يكون جسرًا للمحبة والمعرفة.في مجتمع يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية؛ لسنا بحاجة إلى مزيد من الأعباء النفسية التي تهدم الثقة في نفوس الطلبة وتقتل فيهم الرغبة في التعلم، ولسنا بحاجة إلى جامعات تتحول إلى ساحات خوف صامت، بل إلى بيئات تعليمية تصون كرامة الطالب، وتؤمن بأن التعليم لا يكتمل إلا بالكرامة الإنسانية.لا يحتاج الطالب إلى أستاذ كامل، بل إلى أستاذ إنسان. ولا يحتاج إلى من يُظهر له الخطأ بتعالٍ، بل إلى من يرشده بمحبة، ويحتويه حتى وهو يخطئ. ولا يحتاج زميل العمل إلى من يُضيّق عليه رزقه أو يهمّشه، بل إلى زميل يفرح بإنجازه.يمكننا أن نضع أنظمة لمكافحة التنمر، لكنها ستظل أوراقًا معلقة على الجدران إن لم نؤمن بأن التعليم رسالة إنسانية قبل أن يكون مهنة، وأن كرامة الإنسان هي أساس كل إصلاح.في مدارسنا وجامعاتنا، لا نريد أن نخسر الطلبة والأساتذة الصامتين، ولا أن نعيش في صمت بارد تجاه هذا العنف المقنّع. الإصلاح يبدأ حين نقرر أن نكون بشرًا قبل كل شيء، وأن نعيد للعلم رسالته الحقيقية في بناء إنسان حر، واثق، مؤمن بأن الاحترام حق لا مكرمة.