مجتمعات

الزعبي : تعديلات نظام "الأمن الغذائي" خطوة استراتيجية لتعزيز التنسيق الوطني

الزعبي : تعديلات نظام "الأمن الغذائي" خطوة استراتيجية لتعزيز التنسيق الوطني

للعلّم - اكد الخبير في الامن الغذائي الدكتور فاضل الزعبي ان مجلس الوزراء أقرّ بتاريخ 28 حزيران نظامًا معدلاً لمجلس الأمن الغذائي، يعكس الأهمية المتزايدة لهذا الملف في ظل التحديات الإقليمية والدولية المتسارعة.

وبين الزعبي انه وقد جاء أبرز ما في التعديل برفع مستوى رئاسة المجلس من وزير الزراعة إلى رئيس الوزراء مباشرة، بما يعكس المكانة الاستراتيجية للأمن الغذائي في أجندة الدولة، ويعزز قدرة المجلس على التنسيق الفعّال بين الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة، بما فيها الصناعة، التخطيط، المياه، الصحة، البيئة، والقطاع الخاص.

واشار الزعبي ان النظام المعدل يسعى إلى تمكين المجلس من قيادة السياسات والخطط الاستراتيجية بشكل أكثر تكاملاً، من خلال توفير مرجعية موحدة تتعامل مع قضايا الأمن الغذائي بمنهج شمولي واستباقي. وقد أقر المجلس ضمن هذا الإطار خطة عمل الأمن الغذائي للأعوام 2025–2027، إلى جانب اعتماد مصفوفة الإجراءات التحسينية التي تدمج مؤشرات دولية كـ "مؤشر الجوع العالمي" وتقرير "صوفي"، مع تكليف لجنة التخطيط بإعداد خطة تفصيلية للعام الجاري.

ومن الخطوات التنفيذية التي أُقرّت لتعزيز هذا التوجه، متابعة تطوير نظام وطني لإدارة معلومات الأمن الغذائي، وإنشاء مرصد إقليمي بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، إضافة إلى بحث إنشاء مركز إقليمي للاستجابة الإنسانية الطارئة بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي، ليكون الأردن مركزاً محورياً في مواجهة الأزمات الغذائية على مستوى المنطقة.

وقال الزعبي، كما يتضمن النظام إطلاق حملات توعية وطنية للحد من هدر الغذاء، ودعم البحوث التطبيقية في هذا المجال، مع إشراك طلاب الدراسات العليا والجامعات الوطنية، بما يعزز من الابتكار ويغذي المنظومة الوطنية بقاعدة معرفية متقدمة.

وفي السياق ذاته، تم تضمين بنود رئيسية في النظام الجديد، منها آليات استجابة سريعة لأزمات الغذاء، وتعزيز المخزون الاستراتيجي، وخاصة من السلع الخمس الأساسية (القمح، الأرز، الزيوت النباتية، السكر، الأعلاف الحيوانية)، إلى جانب توسيع وتحديث صوامع التخزين، ودعم الإنتاج المحلي عبر تقديم حوافز للمزارعين وتمويل مشاريع الري الذكي، فضلًا عن وضع نظام إنذار مبكر للأسعار ومكافحة الاحتكار، وتنويع مصادر الاستيراد من دول بديلة لتقليل المخاطر الجيوسياسية.

واشار، تبرز الأهمية الاستراتيجية لهذا النظام في قدرته على معالجة أحد أخطر التحديات التي يواجهها الأردن، وهو الاعتماد المفرط على الاستيراد (بنسبة تتجاوز 85% من الغذاء)، في ظل محدودية الموارد المائية وتأثيرات التغير المناخي. كما يسهم في تحقيق استقرار الأسعار، وترشيد استخدام الموارد، وجذب الاستثمارات إلى قطاعي الزراعة والصناعات الغذائية، من خلال سياسات ضريبية مشجعة.

رغم ما يحمله النظام من تطور مؤسسي مهم، إلا أن تطبيقه سيواجه تحديات واقعية أبرزها ندرة المياه، والحاجة إلى تمويل مستدام، وضرورة تفعيل التنسيق المؤسسي الكامل بين الجهات المعنية. لذلك، فإن استحداث "صندوق وطني للأمن الغذائي" وتخصيص موارد واضحة له، يمثلان عاملين حاسمين لنجاح تنفيذ هذا النظام وتحقيق أهدافه.

وذكر الزعبي ان هذا التعديل يأتي في سياق استجابة الأردن لتداعيات أزمة الغذاء العالمية (2022–2023)، والتي كشفت عن هشاشة سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وهو ما دفع باتجاه إرساء بنية مؤسسية أقوى وأكثر تكاملًا تتماشى مع التوجيهات الملكية ورؤية التحديث الاقتصادي 2033، وتربط الأمن الغذائي بالأمن الوطني في أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.