ودمعٌ لا يكفكفُ يا دمشق
كان الأمير فيصل، الذي كان ملكاً على المملكة العربية السورية، قد عاد ومعه اتفاقاً مع كلمنصو (الفرنسي) يمكن السوريين من إقامة حكومة سورية على كامل الأراضي السورية (سوريا الكبرى) ما عدا لبنان (حكم ذاتي) وجبل الدروز، تفاهمات محددة اثر نشوب ثورة سلطان الأطرش.
أراد الملك فيصل انشاء حكومة مستقلة في سوريا باسم والده، الشريف حسين وذلك في اكتوبر عام 1918، ووضع دستور على أساس الملكية الدستورية، ومبايعة الأمير فيصل ملكاً، ولكن المؤامرات كانت تحاك، ففي موازاة ما رجع به فيصل من اتفاق مع كلمنصو، كان مؤتمر سان ريمو، 26/ 4، قد تسرب منه وثائق سايكس بيكو، والتي جعلت سوريا تحت الانتداب الفرنسي الكامل، مع تفاهمات مع الحليفة بريطانيا، وبدأ الانجليز ينسحبون من دمشق، التي كان وصلها الجنرال اللنبي بعد دخوله القدس ومساعدوه. فنكث الانجليز بوعودهم للسوريين حين تركوهم لمواجهة الفرنسيي?.
لم يعترف الحلفاء بالكيان السوري الجديد، وفيه اعلان الاستقلال لسوريا حيث طلب الملك فيصل من سكرتير، جمعية العربية الفتاة، التي كان يقودها الأمير فيصل، والتي دعت الى حرية العرب واستقلالهم ودعاه أن يقرأ اعلان استقلال سوريا من شرفة القصر في ساحة المرجة، وقد فعل دروزة باعتزاز وكان قد قدم من نابلس.
أسقط مؤتمر سان ريمو اتفاق، فيصل كلمنصو، الذي أثار جدلاً واسعاً في قيادة الملك فيصل، التي اجتمعت بناء على دعوته لتقرر، موقفها بخصوصه وكانت القيادة اكثرها من اعضاء جمعية العربية الفتاة المناهضة للتتريك، ومنهم توفيق السويدي وعوني عبد الهادي، وأحمد قدري ومحمد رستم حيدر، ورفيق التميمي وعادل النكدي والأمير عبد الله بن الحسين، لم يحضر الاجتماع معين الماضي ونسيب البكري الذي كان الأمير فيصل يقيم في منزلهم في القابون.
بدأ الجو صاخباً وعميقاً حول المطالب الفرنسية المجحفة، وجرى اقتراح بالتصويت على ما جاء به الملك فيصل من اقتراح فرنسي، وبدأ التصويت وسقط المشروع، ونظر الملك فيصل للحضور، وقال باللغة التركية من اين جاء هذا الدروزة (عن عزت دروزة) سكرتير الجمعية،، ولما خرج القرار برفض مقترح الانتداب الفرنسي.
ورفض فصل فلسطين عن سوريا الكبرى، حتى لاينفرد بها وعد بلفور، الذي كان صدر في عام. 1917
وجرى الاعتراض على أي مكانة انفصالية لجبل الدروز..
وقد جرى ارسال الخبر للنشر وعلى الفور وجه المندوب السامي الفرنسي، انذارا لحكومة الملك فيصل لمدة أربعة أيام، تحل فيه المملكة السورية وتسلم العهدة، وسكك الحديد ويحل حزب الاستقلال وجمعية العربية الفتاة.
واحتار المؤتمرون، وقال لهم الملك فيصل، اننا لا نملك سلاحاً للمقاومة والانجليز كشفوا عن تأييدهم للفرنسيين، واقتسامهم معهم اذ تعطى الموصل للانجليز وسوريا للفرنسيين، والأردن والعراق لبريطانيا، ولن نحصل على اي سلاح، ولذا فإن المقاومة لن تقوى على الصمود، وقد تخلى الجميع فماذا انتم فاعلون فناشدوه مساعدة الأمريكيين في زمن الرئيس (ويلسون) ولم تكن استجابة من أي طرف، وأصر القائد يوسف العظمة قائد قوات المتطوعين على المقاومة، وكذلك الشهبندر وهنانو، وتابع الجنرال غوابية الفرنسي مواقف حكومة فيصل التي تأخرت في الرد، حيث ?ختار السوريون المقاومة وجرى اعتقال ياسين الهاشمي رئيس مجلس الشورى العسكري في حكومة فيصل.
كانت وثيقة الاستقلال قد نصبت الأمير فيصل ملكاً وهاشم الأتاسي رئيساً للوزاء، لكن زحف غورو على دمشق وقصفها المدمر بالمدافع والذي ذكره وخلد ذكرى تلك الماسأة، فيها أحمد شوقي امير الشعراء في قصيدته:
سلام من صبا بردى أرق/ ودمع لا يكفكف يا دمشق...
وآخرها:
وللحرية الحمراء باب/بكل يد مدرجة يدق.
وحين أحكم الحصار على الاجتماع الذي يقوده الملك فيصل، قال دروزة سيدي الملك يجب أن تغادر بسلام، وان الاخرين يمكن ان يبقوا وحتى لو اعتقلنا جميعا ولكننا لا بد أن نحمي الملك، ونحافظ عليه، وبالفعل جرت الاتصالات مع المقاومين في حوران لضمان مرور الملك الى فلسطين، وكانت ثورة الجولان ضد الفرنسيين مشتعلة، وارسل لويد جورج، رئيس الوزراء البريطاني.. يطلب من الملك فيصل التفهم لما يجري مع الفرنسيين وقال لويد، لا يمكننا التخلي عن حلف الفرنسيين حتى وأن اعترفت باستقلالكم عصبة الامم بسوريا دولة مستقلة، فنحن مع فرنسا، وبدأت ال?قاومة، واستشهد في ميسلون شرق دمشق، 400 وجرح الف من السوريين وفشلت مفاوضات كلمنصو مع فيصل الأول.
وعقد المجلس الأعلى للحلفاء في.. سان ريمو، 25/ 4/1920، في ايطاليا، واقر الانتداب الفرنسي على سوريا ونفذت اتفاقيات سايكس بيكو، وأعطيت فلسطين لانفاذ وعد بلفور، وصدر صك الانتداب وترك الانجليز سوريا فريسة للفرنسيين، وكان آخر اجتماع للملك فيصل مع حكومته، حيث جرى عزله بعد انذار، غورو، في 14/ 7/ 1920، وفرض الانتداب الفرنسي غير المشروط على سوريا وانفاذ معاهدة سيفر.
وغادر الملك فيصل مقره بتدبير من قيادته وقد رافقه إلى خارج القصر عزت دروزة الذي كتب ذلك في مذكراته المنشورة الى خارج القصر الذي دخله الفرنسيون وأصدروا مجموعة من المراسيم، عينوا فيها عنهم علاء الدين الدروبي، في حين استمر الشهنبدر في المقاومة، وتفرق اعضاء جمعية العربية الفتاة، وحل حزب الاستقلال، وانتقل بعضهم الى بيروت، وأخذ كامل القصاب يحث السوريين على المقاومة ويرسلهم الى ميسلون.
واصبحت هناك حكومة موالية لفرنسا، وغادر الملك فيصل من دمشق، 28/ 7/ 1920، وتوجه الى درعا بحماية المقاومة السورية فيها، ثم من درعا الى حيفا ومن حيفا الى ايطاليا، مدينة كومو، الايطالية، ومن هناك الى لندن، وهناك جرى ترتيب أن يرسل ليكون ملكا على العراق، وهو الذي أسس الجيش العراقي في 4/ 1/ 1921، وقد وضع نواته الملك فيصل الاول والتي بقيت الى ان أصبح الجيش العراقي واحداً من أهم الجيوش في المنطقة، قبل تدميره بالاحتلال الأمريكي بعد الحرب مع ايران لثماني سنوات.
يعود اليوم النفس العربي الى سوريا التي ادمى معصمها سنوات من القهر على يد النظام السابق لتعود سوريا وتتنفس الآن وتتذكر فيصل الاول معلن بيان استقلالها وتحتفل بالجلاء والعيد الوطني في الثامن من آذار يوم أعلن الملك فيصل وبصوت عزت دروزة، بيان الاسقلال من ساحة المرجة.
تعود دمشق عاصمة الأمويين الى جذورها وينشد شاعرها دمشق لنا إلى يوم القيامة، بعد اختطاف وأسر وتعذيب، لهذا كتبنا وتذكرنا المناسبة الآن ليبقى تاريخها حيّ وإن علاه الغبار.
كان الأمير فيصل، الذي كان ملكاً على المملكة العربية السورية، قد عاد ومعه اتفاقاً مع كلمنصو (الفرنسي) يمكن السوريين من إقامة حكومة سورية على كامل الأراضي السورية (سوريا الكبرى) ما عدا لبنان (حكم ذاتي) وجبل الدروز، تفاهمات محددة اثر نشوب ثورة سلطان الأطرش.
أراد الملك فيصل انشاء حكومة مستقلة في سوريا باسم والده، الشريف حسين وذلك في اكتوبر عام 1918، ووضع دستور على أساس الملكية الدستورية، ومبايعة الأمير فيصل ملكاً، ولكن المؤامرات كانت تحاك، ففي موازاة ما رجع به فيصل من اتفاق مع كلمنصو، كان مؤتمر سان ريمو، 26/ 4، قد تسرب منه وثائق سايكس بيكو، والتي جعلت سوريا تحت الانتداب الفرنسي الكامل، مع تفاهمات مع الحليفة بريطانيا، وبدأ الانجليز ينسحبون من دمشق، التي كان وصلها الجنرال اللنبي بعد دخوله القدس ومساعدوه. فنكث الانجليز بوعودهم للسوريين حين تركوهم لمواجهة الفرنسيي?.
لم يعترف الحلفاء بالكيان السوري الجديد، وفيه اعلان الاستقلال لسوريا حيث طلب الملك فيصل من سكرتير، جمعية العربية الفتاة، التي كان يقودها الأمير فيصل، والتي دعت الى حرية العرب واستقلالهم ودعاه أن يقرأ اعلان استقلال سوريا من شرفة القصر في ساحة المرجة، وقد فعل دروزة باعتزاز وكان قد قدم من نابلس.
أسقط مؤتمر سان ريمو اتفاق، فيصل كلمنصو، الذي أثار جدلاً واسعاً في قيادة الملك فيصل، التي اجتمعت بناء على دعوته لتقرر، موقفها بخصوصه وكانت القيادة اكثرها من اعضاء جمعية العربية الفتاة المناهضة للتتريك، ومنهم توفيق السويدي وعوني عبد الهادي، وأحمد قدري ومحمد رستم حيدر، ورفيق التميمي وعادل النكدي والأمير عبد الله بن الحسين، لم يحضر الاجتماع معين الماضي ونسيب البكري الذي كان الأمير فيصل يقيم في منزلهم في القابون.
بدأ الجو صاخباً وعميقاً حول المطالب الفرنسية المجحفة، وجرى اقتراح بالتصويت على ما جاء به الملك فيصل من اقتراح فرنسي، وبدأ التصويت وسقط المشروع، ونظر الملك فيصل للحضور، وقال باللغة التركية من اين جاء هذا الدروزة (عن عزت دروزة) سكرتير الجمعية،، ولما خرج القرار برفض مقترح الانتداب الفرنسي.
ورفض فصل فلسطين عن سوريا الكبرى، حتى لاينفرد بها وعد بلفور، الذي كان صدر في عام. 1917
وجرى الاعتراض على أي مكانة انفصالية لجبل الدروز..
وقد جرى ارسال الخبر للنشر وعلى الفور وجه المندوب السامي الفرنسي، انذارا لحكومة الملك فيصل لمدة أربعة أيام، تحل فيه المملكة السورية وتسلم العهدة، وسكك الحديد ويحل حزب الاستقلال وجمعية العربية الفتاة.
واحتار المؤتمرون، وقال لهم الملك فيصل، اننا لا نملك سلاحاً للمقاومة والانجليز كشفوا عن تأييدهم للفرنسيين، واقتسامهم معهم اذ تعطى الموصل للانجليز وسوريا للفرنسيين، والأردن والعراق لبريطانيا، ولن نحصل على اي سلاح، ولذا فإن المقاومة لن تقوى على الصمود، وقد تخلى الجميع فماذا انتم فاعلون فناشدوه مساعدة الأمريكيين في زمن الرئيس (ويلسون) ولم تكن استجابة من أي طرف، وأصر القائد يوسف العظمة قائد قوات المتطوعين على المقاومة، وكذلك الشهبندر وهنانو، وتابع الجنرال غوابية الفرنسي مواقف حكومة فيصل التي تأخرت في الرد، حيث ?ختار السوريون المقاومة وجرى اعتقال ياسين الهاشمي رئيس مجلس الشورى العسكري في حكومة فيصل.
كانت وثيقة الاستقلال قد نصبت الأمير فيصل ملكاً وهاشم الأتاسي رئيساً للوزاء، لكن زحف غورو على دمشق وقصفها المدمر بالمدافع والذي ذكره وخلد ذكرى تلك الماسأة، فيها أحمد شوقي امير الشعراء في قصيدته:
سلام من صبا بردى أرق/ ودمع لا يكفكف يا دمشق...
وآخرها:
وللحرية الحمراء باب/بكل يد مدرجة يدق.
وحين أحكم الحصار على الاجتماع الذي يقوده الملك فيصل، قال دروزة سيدي الملك يجب أن تغادر بسلام، وان الاخرين يمكن ان يبقوا وحتى لو اعتقلنا جميعا ولكننا لا بد أن نحمي الملك، ونحافظ عليه، وبالفعل جرت الاتصالات مع المقاومين في حوران لضمان مرور الملك الى فلسطين، وكانت ثورة الجولان ضد الفرنسيين مشتعلة، وارسل لويد جورج، رئيس الوزراء البريطاني.. يطلب من الملك فيصل التفهم لما يجري مع الفرنسيين وقال لويد، لا يمكننا التخلي عن حلف الفرنسيين حتى وأن اعترفت باستقلالكم عصبة الامم بسوريا دولة مستقلة، فنحن مع فرنسا، وبدأت ال?قاومة، واستشهد في ميسلون شرق دمشق، 400 وجرح الف من السوريين وفشلت مفاوضات كلمنصو مع فيصل الأول.
وعقد المجلس الأعلى للحلفاء في.. سان ريمو، 25/ 4/1920، في ايطاليا، واقر الانتداب الفرنسي على سوريا ونفذت اتفاقيات سايكس بيكو، وأعطيت فلسطين لانفاذ وعد بلفور، وصدر صك الانتداب وترك الانجليز سوريا فريسة للفرنسيين، وكان آخر اجتماع للملك فيصل مع حكومته، حيث جرى عزله بعد انذار، غورو، في 14/ 7/ 1920، وفرض الانتداب الفرنسي غير المشروط على سوريا وانفاذ معاهدة سيفر.
وغادر الملك فيصل مقره بتدبير من قيادته وقد رافقه إلى خارج القصر عزت دروزة الذي كتب ذلك في مذكراته المنشورة الى خارج القصر الذي دخله الفرنسيون وأصدروا مجموعة من المراسيم، عينوا فيها عنهم علاء الدين الدروبي، في حين استمر الشهنبدر في المقاومة، وتفرق اعضاء جمعية العربية الفتاة، وحل حزب الاستقلال، وانتقل بعضهم الى بيروت، وأخذ كامل القصاب يحث السوريين على المقاومة ويرسلهم الى ميسلون.
واصبحت هناك حكومة موالية لفرنسا، وغادر الملك فيصل من دمشق، 28/ 7/ 1920، وتوجه الى درعا بحماية المقاومة السورية فيها، ثم من درعا الى حيفا ومن حيفا الى ايطاليا، مدينة كومو، الايطالية، ومن هناك الى لندن، وهناك جرى ترتيب أن يرسل ليكون ملكا على العراق، وهو الذي أسس الجيش العراقي في 4/ 1/ 1921، وقد وضع نواته الملك فيصل الاول والتي بقيت الى ان أصبح الجيش العراقي واحداً من أهم الجيوش في المنطقة، قبل تدميره بالاحتلال الأمريكي بعد الحرب مع ايران لثماني سنوات.
يعود اليوم النفس العربي الى سوريا التي ادمى معصمها سنوات من القهر على يد النظام السابق لتعود سوريا وتتنفس الآن وتتذكر فيصل الاول معلن بيان استقلالها وتحتفل بالجلاء والعيد الوطني في الثامن من آذار يوم أعلن الملك فيصل وبصوت عزت دروزة، بيان الاسقلال من ساحة المرجة.
تعود دمشق عاصمة الأمويين الى جذورها وينشد شاعرها دمشق لنا إلى يوم القيامة، بعد اختطاف وأسر وتعذيب، لهذا كتبنا وتذكرنا المناسبة الآن ليبقى تاريخها حيّ وإن علاه الغبار.