اسس بناء المجتمع المسلم: وأبرز سماته وضوابطه
للعلّم - اسس بناء المجتمع المسلم تقوم على أساس السنة النبوية المطهرة، وكاتب الله وما جاء فيه من ضوابط، وطبقاً لفهم سلف الأمة في شتى مجالات الحياة حسب ما أجمع عليه العلماء.
وهذا يعني أن أسس المجتمع قائمة على ما جاء في القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة من نصوص شرعية مبينة لهذه الأسس، حيث جاء فيها أساس اعتقاد المسلمين، وعباداتهم، وأساس معاملتهم وقوام العلاقة فيما بينهم، والأسس التي تقوم عليها العلاقات بين المسلمين، وضوابط سلوكهم وتصرفاتهم والتحاكم فيما بينهم، وتشريعاتهم والمرافعات التي تقوم بينهم لتقوم لهم أمور الحياة.
كما جاء القرآن الكريم وما فيه من آيات وما ورد من أحاديث نبوية صحيحة في السنة النبوية المطهرة عن أساس النظام العام للمجتمع الإسلاميّ فضلاً عن الطريقة الأمثل لتطبيقه وحفظه، حيث في حال تم تطبيق هذه الأسس على المجتمع، فسوف يكون مجتمع قوي وشامخ رائد في شتى مجالات الحياة، ويقود بمواطنيه إلى الخير.
وفي حال تخطى هذه القيم والأسس فسوف يكون مجتمع واهن وضعيف ومفكك، ويصيبه التشتت والتمزق، ويتمكن منه عدوه، وسوف يكون تابعاً لكل شيء، وفي حال النظر في خصائص المجتمع الاسلامي عبر تاريخ الأمة العربية والإسلامية القديم والحديث فسوف يجد الشواهد على ذلك، والله تعالى أعلم.
سمات بناء المجتمع المسلم
السكينة والرحمة.
صلاح الزوجين.
منازله قائمة على الإيمان.
أفراده ملتزمون بالصلاة.
أَفراده ملتزمين بالذكر والطاعة.
تبدأ تلك السمات التي خص بها الله عباده المؤمنون من الفرد وتنعكس على العائلة وبالتالي على المجتمع، ولقد أنعم الله تعالى على عباده الصالحين بأن هيَّأ لهم بيوتاً يأوون إليها ويسكنها لتقيهم حر الصيف وبرد الشتاء ولتستر عوراتهم وجعل بينهم مودةً ورحمة وجعلها سكينة لهم، كما جاء في سورة النحل قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا}، وفيما يلي أبرز سماته:
السكينة والرحمة: خص الله تعالى منازل عباده الصالحين بالسكينة والرحمةً، وألبسهم لبس الموَّدة، يعد البيت الَلبِنة الأساسية التي يتم عليها بناء المجتمع الملتزمِ بالقيم التي أمرنا الله عز وجل أن نعلمها لأولادنا من أجل بناء مجتمع قوي مسلح بدين الإسلام.
صلاح الزوجين: فأساس بيت المسلم الزوجين الصالحين، فالبيت الذي صلحت أعمدته (الزوج والزوجة) صلح بقية أفراده، لذا على الرجل اختيار الزوجة الصالحة ليكون بيته صالح بإذن الله، وقد روى أبو هريرة -رضى الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ أنه قَالَ: “تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك”.
منازله قائمة على الإيمان: عندما يكون بيت المسلم قائم على العمل الصالح والإيمان، فستكون الرابطة بينهم بالإيمان وسوف يلحق الأبناء بوالديهم الصالحين ويكونوا مثلهم، قال تعالى في سورة الطور الآية 21: {والَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}.
أفراده ملتزمون بالصلاة: فإحدى أبرز سمات بيت المسلم التزام أهله بالصلاة، فرجاله يسرعون للصلاة في المساجد، ونسائهم تصلي الفرائض في منزلها، وعلى الرجال الحرص بأداء الصلوات النافلة والسنن أيضًا، بدليل ما ورد في صحيح مسلم عن النبي أنه قال: “إِذَا قَضَى أَحَدُكُمُ الصَّلاَةَ فِي مَسْجِدِهِ فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبًا مِنْ صَلاَتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلاَتِهِ خَيْرًا”، لأن الصلاة تنير البيوت وقلوب أصحابها.
أَفراده ملتزمين بالذكر والطاعة: لأن الذكر حصن للمسلم، وطاعة للخالق، ويبعد عن المنزل الجن والشياطين.
سمات أخرى: (العلم والعمل – الحياء والابتعاد عن الرذيلة والخلق السيء الذميم – التعاون على البر والتقوى وعلى طاعة الله ورسوله الكريم – إكرام الجار والضيف – المحافظة على الفطرة السليمة فعلى الرجل أن يحافظ على رجولته والمرأة على أنوثتها.
ضوابط بناء المجتمع المسلم
أداء الأمانات وتحمل المسؤولية.
العدل.
إقامة شعائر الدين الإسلامي، وتعظيم لشريعة، وترسيخ الإيمان.
تعتمد تلك الضوابط على القيم والمبادئ التي نصت عليها النصوص الشرعية في كتاب الله سبحانه وتعالى، والتي يجب على كل مسلم تعليمها لأبنائه من أجل بناء مجتمع آمن ومشرق، يأتي هذا من منطلق قوله تعالى في سورة النساء: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} أي أن أولادكم هي أمانةٌ بين أيديكم، ومن هذه الضوابط نذكر:
أداء الأمانات وتحمل المسؤولية: قال تعالى في سورة النساء: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، فالمسؤولية هي أمانة في أعناق أصحابها قبل أن تكون سلطة، فعلى من يحكم منزل أو شعب أو أمة أن كون أميناً برعيته، وعلى كل فرد من أفراد المجتمع أداء واجباته تجاه مجتمعه.
العدل: فعلى الحاكم المسؤول عن المجتمع أن يحكم فيه بالعدل، قال تعالى في سورة النساء: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}، وهو أمر إلهي يجب الالتزام فيه، وهذا يعني أن المجتمع يجب أن يقوم على أساس الحق لأن الحق هو جوهر العدل، ولا صلاح في مجتمع لم يطبق العدل والحق فيه، وقد ورد في سورة ص أن الحكم بين الناس يكون بالحق، قال تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}.
إقامة شعائر الدين الإسلامي، وتعظيم لشريعة، وترسيخ الإيمان: لا ينشأ مجتمع ما لم يتم توقير أحكام الشريعة فيه، وفي حال لم تتطبق الشريعة فيه فلا يرجى منه لا الصلاح ولا الفلاح ولا النجاح، قال تعالى في سورة النساء: {يَإِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}.
أحاديث عن بناء المجتمع
أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- عباد الرحمن بترسيخ القيم والضوابط الإسلامية في نفوس أبنائهم من أجل بناء جيل يحترم المبادئ الإسلامية ويطبقها، وقد ذكر ذلك في الكثير من الأحاديث النبوية الصحيحة؛ منها نذكر:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: لمَّا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أمر ببناء المسجد، وقال: يا بَنِي النَّجَّارِ ثامِنُونِي بحائِطِكُمْ، قالوا: لا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ، إلَّا إلى اللَّهِ، رواه البخاري ومسلم.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33]، قالَ: وَرَثَةً، (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) قالَ: كانَ المُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا المَدِينَةَ يَرِثُ المُهَاجِرُ الأنْصَارِيَّ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ؛ لِلْأُخُوَّةِ الَّتي آخَى النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33] نَسَخَتْ، ثُمَّ قالَ: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) إلَّا النَّصْرَ، وَالرِّفَادَةَ، وَالنَّصِيحَةَ، وَقَدْ ذَهَبَ المِيرَاثُ، وَيُوصِي له.
– قَدِمَ عَلَيْنَا عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، وآخَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَهُ وبيْنَ سَعْدِ بنِ الرَّبِيعِ، وكانَ كَثِيرَ المَالِ، فَقالَ سَعْدٌ: قدْ عَلِمَتِ الأنْصَارُ أنِّي مِن أكْثَرِهَا مَالًا، سَأَقْسِمُ مَالِي بَيْنِي وبيْنَكَ شَطْرَيْنِ، ولِي امْرَأَتَانِ فَانْظُرْ أعْجَبَهُما إلَيْكَ فَأُطَلِّقُهَا، حتَّى إذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا، فَقالَ عبدُ الرَّحْمَنِ: بَارَكَ اللَّهُ لكَ في أهْلِكَ، فَلَمْ يَرْجِعْ يَومَئذٍ حتَّى أفْضَلَ شيئًا مِن سَمْنٍ وأَقِطٍ، فَلَمْ يَلْبَثْ إلَّا يَسِيرًا حتَّى جَاءَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعليه، وضَرٌ مِن صُفْرَةٍ، فَقالَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَهْيَمْ. قالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأنْصَارِ، فَقالَ ما سُقْتَ إلَيْهَا؟. قالَ: وزْنَ نَوَاةٍ مِن ذَهَبٍ، أوْ نَوَاةً مِن ذَهَبٍ، فَقالَ: أوْلِمْ ولو بشَاةٍ.
وهذا يعني أن أسس المجتمع قائمة على ما جاء في القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة من نصوص شرعية مبينة لهذه الأسس، حيث جاء فيها أساس اعتقاد المسلمين، وعباداتهم، وأساس معاملتهم وقوام العلاقة فيما بينهم، والأسس التي تقوم عليها العلاقات بين المسلمين، وضوابط سلوكهم وتصرفاتهم والتحاكم فيما بينهم، وتشريعاتهم والمرافعات التي تقوم بينهم لتقوم لهم أمور الحياة.
كما جاء القرآن الكريم وما فيه من آيات وما ورد من أحاديث نبوية صحيحة في السنة النبوية المطهرة عن أساس النظام العام للمجتمع الإسلاميّ فضلاً عن الطريقة الأمثل لتطبيقه وحفظه، حيث في حال تم تطبيق هذه الأسس على المجتمع، فسوف يكون مجتمع قوي وشامخ رائد في شتى مجالات الحياة، ويقود بمواطنيه إلى الخير.
وفي حال تخطى هذه القيم والأسس فسوف يكون مجتمع واهن وضعيف ومفكك، ويصيبه التشتت والتمزق، ويتمكن منه عدوه، وسوف يكون تابعاً لكل شيء، وفي حال النظر في خصائص المجتمع الاسلامي عبر تاريخ الأمة العربية والإسلامية القديم والحديث فسوف يجد الشواهد على ذلك، والله تعالى أعلم.
سمات بناء المجتمع المسلم
السكينة والرحمة.
صلاح الزوجين.
منازله قائمة على الإيمان.
أفراده ملتزمون بالصلاة.
أَفراده ملتزمين بالذكر والطاعة.
تبدأ تلك السمات التي خص بها الله عباده المؤمنون من الفرد وتنعكس على العائلة وبالتالي على المجتمع، ولقد أنعم الله تعالى على عباده الصالحين بأن هيَّأ لهم بيوتاً يأوون إليها ويسكنها لتقيهم حر الصيف وبرد الشتاء ولتستر عوراتهم وجعل بينهم مودةً ورحمة وجعلها سكينة لهم، كما جاء في سورة النحل قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا}، وفيما يلي أبرز سماته:
السكينة والرحمة: خص الله تعالى منازل عباده الصالحين بالسكينة والرحمةً، وألبسهم لبس الموَّدة، يعد البيت الَلبِنة الأساسية التي يتم عليها بناء المجتمع الملتزمِ بالقيم التي أمرنا الله عز وجل أن نعلمها لأولادنا من أجل بناء مجتمع قوي مسلح بدين الإسلام.
صلاح الزوجين: فأساس بيت المسلم الزوجين الصالحين، فالبيت الذي صلحت أعمدته (الزوج والزوجة) صلح بقية أفراده، لذا على الرجل اختيار الزوجة الصالحة ليكون بيته صالح بإذن الله، وقد روى أبو هريرة -رضى الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ أنه قَالَ: “تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك”.
منازله قائمة على الإيمان: عندما يكون بيت المسلم قائم على العمل الصالح والإيمان، فستكون الرابطة بينهم بالإيمان وسوف يلحق الأبناء بوالديهم الصالحين ويكونوا مثلهم، قال تعالى في سورة الطور الآية 21: {والَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}.
أفراده ملتزمون بالصلاة: فإحدى أبرز سمات بيت المسلم التزام أهله بالصلاة، فرجاله يسرعون للصلاة في المساجد، ونسائهم تصلي الفرائض في منزلها، وعلى الرجال الحرص بأداء الصلوات النافلة والسنن أيضًا، بدليل ما ورد في صحيح مسلم عن النبي أنه قال: “إِذَا قَضَى أَحَدُكُمُ الصَّلاَةَ فِي مَسْجِدِهِ فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبًا مِنْ صَلاَتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلاَتِهِ خَيْرًا”، لأن الصلاة تنير البيوت وقلوب أصحابها.
أَفراده ملتزمين بالذكر والطاعة: لأن الذكر حصن للمسلم، وطاعة للخالق، ويبعد عن المنزل الجن والشياطين.
سمات أخرى: (العلم والعمل – الحياء والابتعاد عن الرذيلة والخلق السيء الذميم – التعاون على البر والتقوى وعلى طاعة الله ورسوله الكريم – إكرام الجار والضيف – المحافظة على الفطرة السليمة فعلى الرجل أن يحافظ على رجولته والمرأة على أنوثتها.
ضوابط بناء المجتمع المسلم
أداء الأمانات وتحمل المسؤولية.
العدل.
إقامة شعائر الدين الإسلامي، وتعظيم لشريعة، وترسيخ الإيمان.
تعتمد تلك الضوابط على القيم والمبادئ التي نصت عليها النصوص الشرعية في كتاب الله سبحانه وتعالى، والتي يجب على كل مسلم تعليمها لأبنائه من أجل بناء مجتمع آمن ومشرق، يأتي هذا من منطلق قوله تعالى في سورة النساء: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} أي أن أولادكم هي أمانةٌ بين أيديكم، ومن هذه الضوابط نذكر:
أداء الأمانات وتحمل المسؤولية: قال تعالى في سورة النساء: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، فالمسؤولية هي أمانة في أعناق أصحابها قبل أن تكون سلطة، فعلى من يحكم منزل أو شعب أو أمة أن كون أميناً برعيته، وعلى كل فرد من أفراد المجتمع أداء واجباته تجاه مجتمعه.
العدل: فعلى الحاكم المسؤول عن المجتمع أن يحكم فيه بالعدل، قال تعالى في سورة النساء: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}، وهو أمر إلهي يجب الالتزام فيه، وهذا يعني أن المجتمع يجب أن يقوم على أساس الحق لأن الحق هو جوهر العدل، ولا صلاح في مجتمع لم يطبق العدل والحق فيه، وقد ورد في سورة ص أن الحكم بين الناس يكون بالحق، قال تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}.
إقامة شعائر الدين الإسلامي، وتعظيم لشريعة، وترسيخ الإيمان: لا ينشأ مجتمع ما لم يتم توقير أحكام الشريعة فيه، وفي حال لم تتطبق الشريعة فيه فلا يرجى منه لا الصلاح ولا الفلاح ولا النجاح، قال تعالى في سورة النساء: {يَإِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}.
أحاديث عن بناء المجتمع
أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- عباد الرحمن بترسيخ القيم والضوابط الإسلامية في نفوس أبنائهم من أجل بناء جيل يحترم المبادئ الإسلامية ويطبقها، وقد ذكر ذلك في الكثير من الأحاديث النبوية الصحيحة؛ منها نذكر:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: لمَّا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أمر ببناء المسجد، وقال: يا بَنِي النَّجَّارِ ثامِنُونِي بحائِطِكُمْ، قالوا: لا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ، إلَّا إلى اللَّهِ، رواه البخاري ومسلم.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33]، قالَ: وَرَثَةً، (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) قالَ: كانَ المُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا المَدِينَةَ يَرِثُ المُهَاجِرُ الأنْصَارِيَّ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ؛ لِلْأُخُوَّةِ الَّتي آخَى النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} [النساء: 33] نَسَخَتْ، ثُمَّ قالَ: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) إلَّا النَّصْرَ، وَالرِّفَادَةَ، وَالنَّصِيحَةَ، وَقَدْ ذَهَبَ المِيرَاثُ، وَيُوصِي له.
– قَدِمَ عَلَيْنَا عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ، وآخَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَهُ وبيْنَ سَعْدِ بنِ الرَّبِيعِ، وكانَ كَثِيرَ المَالِ، فَقالَ سَعْدٌ: قدْ عَلِمَتِ الأنْصَارُ أنِّي مِن أكْثَرِهَا مَالًا، سَأَقْسِمُ مَالِي بَيْنِي وبيْنَكَ شَطْرَيْنِ، ولِي امْرَأَتَانِ فَانْظُرْ أعْجَبَهُما إلَيْكَ فَأُطَلِّقُهَا، حتَّى إذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا، فَقالَ عبدُ الرَّحْمَنِ: بَارَكَ اللَّهُ لكَ في أهْلِكَ، فَلَمْ يَرْجِعْ يَومَئذٍ حتَّى أفْضَلَ شيئًا مِن سَمْنٍ وأَقِطٍ، فَلَمْ يَلْبَثْ إلَّا يَسِيرًا حتَّى جَاءَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعليه، وضَرٌ مِن صُفْرَةٍ، فَقالَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَهْيَمْ. قالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأنْصَارِ، فَقالَ ما سُقْتَ إلَيْهَا؟. قالَ: وزْنَ نَوَاةٍ مِن ذَهَبٍ، أوْ نَوَاةً مِن ذَهَبٍ، فَقالَ: أوْلِمْ ولو بشَاةٍ.