متداول تكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي يهدد نصف الوظائف .. هل حان وقت اختفاء الموظف؟

الذكاء الاصطناعي يهدد نصف الوظائف ..  هل حان وقت اختفاء الموظف؟

للعلّم - تشهد كثير من الشركات حول العالم في مختلف القطاعات سباقاً محموماً لاستبدال العاملين بالذكاء الاصطناعي، دون أن تنتظر التأكد مما إذا كانت هذه التقنية مؤهلة فعلاً للقيام بالمهام المطلوبة بكفاءة.
يراهن الرؤساء التنفيذيون على أن تطور الذكاء الاصطناعي سيتسارع بما يكفي لتبرير تقليص أعداد الموظفين حالياً، مع افتراض أنهم لن يعانوا من نقص في اليد العاملة لاحقاً.
ورغم أن أدوات الذكاء الاصطناعي تعزز من إنتاجية الموظفين في بعض الأحيان، فإنها لا تزال غير قادرة في معظم الحالات على أداء المهام بكفاءة أو استقلالية أو موثوقية تسمح لها بحلولٍ تام محل الإنسان.
لكن كبار المطورين في هذا المجال يؤكدون أن الأمر مسألة وقت فقط — ربما عام أو اثنان — وهو ما يدفع الرؤساء التنفيذيين لاتخاذ قراراتهم بسرعة.
الرهان الكبير
إذا صدقت حسابات هؤلاء القادة، فسيكونون قد تقدموا على منافسيهم في "سباق الذكاء الاصطناعي" العالمي.
أما إذا أخطأوا، واضطروا للتراجع كما فعلت بعض الشركات فعلاً، فسيكونون قد تسببوا في اضطراب ذاتي واسع النطاق، ربما يندمون عليه كما يندم الموظفون المفصولون.
التحذير القاسي
داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة Anthropic، حذّر في مقابلة حديثة مع موقع "Axios" من أن الذكاء الاصطناعي قد يُطيح بنحو نصف الوظائف المكتبية للمبتدئين خلال فترة تتراوح بين سنة وخمس سنوات، ما قد يرفع معدلات البطالة إلى ما بين 10% و20%.
وأكد أمودي على ضرورة التوقف عن "تجميل الواقع"، قائلاً إن ما نواجهه هو "مجزرة مهنية" ستطال قطاعات مثل التكنولوجيا، والمال، والاستشارات، والقانون، وغيرها من المهن البيضاء.
"المهن البيضاء" هو مصطلح يُستخدم للإشارة إلى مجموعة من الوظائف التي تتميز بطابعها المكتبي أو المهني، وغالباً ما تتطلب مستوى تعليمياً عالياً ومهارات ذهنية متقدمة، وتُمارس في بيئة عمل نظيفة ومنظمة، بعيداً عن الجهد البدني الشاق، منها المحاماة والطب والهندسة والتدريس الجامعي والمحاسبة وإدارة الأعمال ووظائف التكنولوجيا والمعلومات والصحافة والتسويق والإعلان والعمل في البنوك والمؤسسات المالية.
لكن... هناك من يعارض
يرى عدد من الاقتصاديين أن التأثير قد يكون أقل حدة، ويستشهدون بموجات التحول التكنولوجي السابقة مثل دخول الحواسيب والإنترنت، التي رافقها الحديث عن فقدان واسع للوظائف، لكنه لم يتحقق.
في المقابل، يعتبر بعض المنتقدين أن شخصيات مثل أمودي تسعى لتضخيم حجم التغيير القادم بهدف تبرير جمع التمويل اللازم لتطوير الذكاء الاصطناعي.
مؤشرات مبكرة
تشير دراسة جديدة من "أوكسفورد إيكونوميكس" إلى أن البطالة بين الخريجين الجدد ترتفع بوتيرة أسرع من باقي الفئات، وهو ما يُعد مؤشراً مبكراً لتأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل المكتبي.
وبحسب الدراسة، بلغ معدل البطالة في الولايات المتحدة خلال أبريل بين حملة البكالوريوس ممن تتراوح أعمارهم بين 22 و27 عاماً نحو 6%، مقارنة بـ4% فقط بين عموم القوى العاملة.
شركات تتراجع
بعض الشركات التي سارعت للإعلان عن اعتماد واسع على الذكاء الاصطناعي بدأت في التراجع عن قراراتها.
فشركة Klarna، الرائدة في خدمات "اشتر الآن وادفع لاحقاً"، أعلنت عام 2023 أنها ستكون منصة اختبار مفضلة لدى OpenAI لاستبدال الموظفين بالذكاء الاصطناعي، لكنها عادت مؤخراً لتوظيف مزيد من موظفي الدعم استجابةً لرغبات العملاء الذين يفضلون التعامل مع أشخاص حقيقيين.
أما شركة IBM، فكانت قد توقعت عام 2023 استبدال نحو 8,000 وظيفة، إلا أن رئيسها التنفيذي أوضح لاحقاً أن ما جرى فعلياً هو استبدال بضع مئات فقط من موظفي الموارد البشرية، في حين زادت الشركة من تعيين مطوري البرمجيات ومندوبي المبيعات.
خلفية تاريخية
شهدت كل مرحلة تكنولوجية كبرى اضطرابات في سوق العمل — من الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، إلى أتمتة خطوط الإنتاج في القرن العشرين، وصولاً إلى العولمة في مطلع الألفية الثالثة.
لكن رغم تلك الصدمات، خرجت الاقتصادات عادةً بحجم أكبر وعدد وظائف أكثر.
الاختلاف هذه المرة، وفقاً لبعض الخبراء، يكمن في سرعة التغيير غير المسبوقة. بينما يرى آخرون أن الذكاء الاصطناعي يمثل نقلة نوعية تتطلب إعادة تصور كاملة لسوق العمل، وربما تطبيق سياسات جديدة كالدخل الأساسي الشامل.