الملك يؤصل السردية الأردنية ويدعو لاحيائها
أطلق سمو ولي العهد الأمير الحسين، فكرة الاهتمام بالسردية، وجاء حديث جلالة الملك الأخير ليؤكد ذلك ويؤصله ويدعو الى الاهتمام بالفترات التاريخية الأردنية، وخاصة في الخمسينات والستينات وما قبل ذلك وبعده، وربط ذلك بالأجيال الجديدة لتطلع عليه وتتفاعل.
العبء في ذلك يقع على المؤسسات، وهي وزارة التربية والتعليم في مناهجها والجامعات أيضاً، وعلى وسائل الاعلام وخاصة الرسمية منها على اختلاف أشكالها.
السردية الأردنية بحاجة الى اعادة رواية وتدوين وبحث وتأكيد، فهي ما زالت في مناجمها وملفاتها وذاكرة الأجيال السابقة منّا.
لقد حاولت ذلك منذ عشر سنوات، وفطنت الى أهمية ذلك، وبدأت في كتابة تاريخ المدينة لأصل الى عشرين كتاباً عن المدن الأردنية والفلسطينية، ولكل مدينة مجلد كامل مزود بالصور والوثائق، وقد شجعني الكثير من القراء على الاستمرار في ذلك، وبدأت وتوفرت لبعض هذه الكتب رعايات،وأبرزها رعاية جلالة الملك لكتابين منها هما كتاب "المقامات والأضرحة والمساجد القديمة في الأردن"، وكتاب عن "المسجد الأقصى مهفى القلوب"، وقد جاء ذلك بعد أن قبل رئيس الديوان الملكي الراحل، فايز الطراونة، الفكرة وشجعها ومكنني من الحديث مع جلالته الذي كرمني بكتاب شكر وتشجيع لكل ما اصدرت من كتب عن المدن الأردنية، وقد ساعدني الأمين العام في الديوان آنذاك، رئيس الديوان الملكي الآن معالي يوسف العيسوي، على أن يتوفر لكتابي عن الأضرحة والمقامات رعاية مكنتني من طبع الكتاب وتوزيعه مجاناً، وهي الطريقة التي رأيت أنها من الأنسب لوصول الكتاب الى القراء، فالراعي للكتاب يدفع الكلفة ويحظى القراء على مختلف مستوياتهم بالحصول على نسخة منه.
وذكرت في مقابلة في هذا السياق أن جلالة الملك وجهني قائلاً، الجغرافياً أصدق من التاريخ،وعليك الاهتمام بذلك، وذكرت لجلالته أنني أنوي المواصلة بجهد فردي، فبارك ذلك ووصلتني رسائل عن كتبي بتوجيهه اعتز بها وتشكل دافعاً لمزيد من الانجاز.
كنت وجدت أن السردية الأردنية عن المكان مبتورة أو غائبة احياناً وأنه لا بد أن يكون العمل فيها مؤسسياً ومدروساً، سيما وأن لدينا ثلاثين جامعة ومعهدا، ولدينا أعداد كبيرة من الباحثين والمفكرين والكتاب يمكنهم النهوض بذلك.
كنت قد وجدت ما هو جدير بالذكر في سردية المكان، فأسميت سلسلة الكتب في "هوية المكان، "لأنني اعتقد أن المواطنة تأتي من ربط الانسان بالمكان، وأحداث تفاعل ايجابي ليصنع الانتماء، فانت تحب المكان حين تعرفه وتعيشه ولاتهتم بما لاتعرف
لقد تمكنت من تقديم مداخلة بين يدي جلالة الملك في لقاء جمع رئيس الوزراء آنذاك نادر الذهبي، ووزراء الداخلية عيد الفايز ووزير التربية الدكتور خالد العمري وآخرون ، وكان اللقاء على اثر حادث باص على طريق جرش أودى بحياة ركاب فيه، فكان الاجتماع للجنة السير المركزية العليا، وحين سمح لي بالحديث، وأنا غير معني في هذا المجال من الكتابة، وتسائلت، لماذا نهتم بتاريخ الفراعنة والآشوريين وغيرهم ممن لم يكونوا هنا، وأهملنا تاريخ العمونيين والعموريين والمؤابيين والأنباط ، وهم من بنوا حضارة على هذه الأرض، ما زالت مدنها في الطفيلة والكرك وعمان والبترا، وغيرها شاهد على ذلك
وكنت بعد تأليف سلسلة من كتبي، قد وجدت من أشكو اليه، وهو الدكتور محمد ذنيبات، وزير التربية والتعليم، أثناء محاضرة له في نادي الفيحاء في عمان، وذكرت له أن لدي مؤلفات عن مدن العقبة والكرك وعمان والزرقاء وأم الرصاص والفحيص والسلط، وعن الأردن والثورة العربية الكبرى، وانني على استعداد أن اتبرع بحقوق التاليف مجاناً، وأن تطبع التربية ما تراه مناسباً منها في طبعات شعبية وتزويدها للمكتبات الى الطلاب في المدارس.
وهذا ما وجه اليه سمو الأمير علي بن الحسين، الذي رعى كتابي في أمانة عمان عن الثورة العربية الكبرى، وقال لا بد أن يكون هذا في مدارس التربية والتعليم.
وأذكر أن الدكتور ذنيبات، علم أنني لم اتمكن من اصدار كتاب عن معان، فقام برعاية الكتاب من جانب شركة الفوسفات، مشكوراً باسم "معان لينا وحقها علينا"،
ترك الدكتور ذنيبات موقعه كوزير للتربية والتعليم وجمدت الفكرة وبقيت معلقة، وقد تذكرت ذلك، اخيرا ثم استأذنت الزميل الدكتور ماجد الشقران، رئيس تحرير الرأي، أن اكتب شيئاً عن المدن الأردنية، تجسيداً للفكرة التي أطلقها الأمير الحسين في الطفيلة، وقد رحب بذلك ونشرت خمس حلقات في عمودي في الرأي.وها أنا اتمم
إن اقتناء هذه الكتب في الوزارة على ما ازعم أهم من اقتناء العديد من الكتب الدينية ذات الروايات المغلوطة،فما الفائدة من اقتناء كتاب عذاب القبر، وزواج الجن، وغيرها من دون رقابة، في حين يستعصي علينا ادخال كتب لها علاقة بالسردية الأردنية وتاريخ المكان وحتى اكون موضوعياً، فإن هذا كان في الوزارة في زمن سابق قبل قدوم الوزير الدكتور ابراهيم بدران،
من المفارقات في الرواية السردية، ما كنت كتبته عند زيارتي الى قبرص وقد اخذنا الدليل الى مكان في جوار مدينة لارنكا، حيث أقيم مسجد صغير قديم على بحيرة الملح من صالة وغرفتين صغيرتين احداهما لم تفتح لنا، وقد اصابني الفضول وطلبت من الدليل أن يفتحها، فقال ذلك ممنوع، وحاولت معه وأظهرت اهتمامي، فقال انتظر حتى تخرج المجموعة، وبالفعل فتح الغرفة ولم يسمح لي بالتصوير ووجدت ضريحين مغطيين بقطيفة خضراء ومكتوب عليهما بالعربية (هذا ضريح أم حرام) والآخر لصفية بنت خليل باشا الصدر الأعظم المبعد من اسطنبول الى قبرص، وكانت الدولة العثمانية تبعد المعارضين لسياساتها الى جزيرة قبرص، حيث كان الشريف حسين مبعد من الإنجليز اليها وكان يرافقه ابنه زيد في خدمته، وكان في الابعاد ايضاً في نفس الفترة مجموعة من الهاشميين ومن العثمانيين، وقد وقعت مصاهرة إذ تزوج ابن عم الشريف حسين وهو الأمير فؤاد بن علي من صفية بنت الصدر الأعظم خليل باشا، والتي انجبت الأمراء، فاطمة وعبد الله، وقد دفنت جوار أم حرام، وقد جاء في السير أن أم حرام هي زوجة أبو عبيدة عامر بن الجراح، فاتح فلسطين والذي ضريحه في الغور، وقد أقام الملك الراحل الحسين، عليه بناء مسجد وضريح يليق به، وكان لأم حرام الصحابية قصة أنها خرجت مع المجاهدين في غزوة ذات السلاسل في سفن ارسلها معاوية الى قبرص وعددها 90وأنها سقطت بعد نزولها وهي تركب بغلاً على الأرض، فتوفيت ودفنت في الضريح المقام لها في لارنكا.
وفي السرديات تفيد كثير من المعلومات التي لم ترو في المناهج مثلا العهدة المحمدية لأهل ايليا، والتي منحها الرسول (ص) للقس أمير العقبة، وقرأها حنه بن رؤبة في تبوك حين زار القس الرسول اثناء غزة تبوك وقد اهدى القس للرسول بغلاً أبيض في حين اهداه الرسول (ص) بردةوعصا وكتب له الآمنة، أي العهدة، وقد نشرتها في كتابي عن العقبة بالعربية والانجليزية، وهي أول وثيقة تكتب لأهل آيلة خارج الجزيرة، كما أنها،أي الوثيقة، مسوؤلة عن بقاء المسيحيين العرب في جنوب الأردن وخاصة أن منهم من تحول الى الاسلام وغالبيتهم من الغساسنة، وقد بقيت الوثقية سارية حتى زمن عمر بن عبد العزيز الخليفةالأموي عام 93 للهجرة
أطلق سمو ولي العهد الأمير الحسين، فكرة الاهتمام بالسردية، وجاء حديث جلالة الملك الأخير ليؤكد ذلك ويؤصله ويدعو الى الاهتمام بالفترات التاريخية الأردنية، وخاصة في الخمسينات والستينات وما قبل ذلك وبعده، وربط ذلك بالأجيال الجديدة لتطلع عليه وتتفاعل.
العبء في ذلك يقع على المؤسسات، وهي وزارة التربية والتعليم في مناهجها والجامعات أيضاً، وعلى وسائل الاعلام وخاصة الرسمية منها على اختلاف أشكالها.
السردية الأردنية بحاجة الى اعادة رواية وتدوين وبحث وتأكيد، فهي ما زالت في مناجمها وملفاتها وذاكرة الأجيال السابقة منّا.
لقد حاولت ذلك منذ عشر سنوات، وفطنت الى أهمية ذلك، وبدأت في كتابة تاريخ المدينة لأصل الى عشرين كتاباً عن المدن الأردنية والفلسطينية، ولكل مدينة مجلد كامل مزود بالصور والوثائق، وقد شجعني الكثير من القراء على الاستمرار في ذلك، وبدأت وتوفرت لبعض هذه الكتب رعايات،وأبرزها رعاية جلالة الملك لكتابين منها هما كتاب "المقامات والأضرحة والمساجد القديمة في الأردن"، وكتاب عن "المسجد الأقصى مهفى القلوب"، وقد جاء ذلك بعد أن قبل رئيس الديوان الملكي الراحل، فايز الطراونة، الفكرة وشجعها ومكنني من الحديث مع جلالته الذي كرمني بكتاب شكر وتشجيع لكل ما اصدرت من كتب عن المدن الأردنية، وقد ساعدني الأمين العام في الديوان آنذاك، رئيس الديوان الملكي الآن معالي يوسف العيسوي، على أن يتوفر لكتابي عن الأضرحة والمقامات رعاية مكنتني من طبع الكتاب وتوزيعه مجاناً، وهي الطريقة التي رأيت أنها من الأنسب لوصول الكتاب الى القراء، فالراعي للكتاب يدفع الكلفة ويحظى القراء على مختلف مستوياتهم بالحصول على نسخة منه.
وذكرت في مقابلة في هذا السياق أن جلالة الملك وجهني قائلاً، الجغرافياً أصدق من التاريخ،وعليك الاهتمام بذلك، وذكرت لجلالته أنني أنوي المواصلة بجهد فردي، فبارك ذلك ووصلتني رسائل عن كتبي بتوجيهه اعتز بها وتشكل دافعاً لمزيد من الانجاز.
كنت وجدت أن السردية الأردنية عن المكان مبتورة أو غائبة احياناً وأنه لا بد أن يكون العمل فيها مؤسسياً ومدروساً، سيما وأن لدينا ثلاثين جامعة ومعهدا، ولدينا أعداد كبيرة من الباحثين والمفكرين والكتاب يمكنهم النهوض بذلك.
كنت قد وجدت ما هو جدير بالذكر في سردية المكان، فأسميت سلسلة الكتب في "هوية المكان، "لأنني اعتقد أن المواطنة تأتي من ربط الانسان بالمكان، وأحداث تفاعل ايجابي ليصنع الانتماء، فانت تحب المكان حين تعرفه وتعيشه ولاتهتم بما لاتعرف
لقد تمكنت من تقديم مداخلة بين يدي جلالة الملك في لقاء جمع رئيس الوزراء آنذاك نادر الذهبي، ووزراء الداخلية عيد الفايز ووزير التربية الدكتور خالد العمري وآخرون ، وكان اللقاء على اثر حادث باص على طريق جرش أودى بحياة ركاب فيه، فكان الاجتماع للجنة السير المركزية العليا، وحين سمح لي بالحديث، وأنا غير معني في هذا المجال من الكتابة، وتسائلت، لماذا نهتم بتاريخ الفراعنة والآشوريين وغيرهم ممن لم يكونوا هنا، وأهملنا تاريخ العمونيين والعموريين والمؤابيين والأنباط ، وهم من بنوا حضارة على هذه الأرض، ما زالت مدنها في الطفيلة والكرك وعمان والبترا، وغيرها شاهد على ذلك
وكنت بعد تأليف سلسلة من كتبي، قد وجدت من أشكو اليه، وهو الدكتور محمد ذنيبات، وزير التربية والتعليم، أثناء محاضرة له في نادي الفيحاء في عمان، وذكرت له أن لدي مؤلفات عن مدن العقبة والكرك وعمان والزرقاء وأم الرصاص والفحيص والسلط، وعن الأردن والثورة العربية الكبرى، وانني على استعداد أن اتبرع بحقوق التاليف مجاناً، وأن تطبع التربية ما تراه مناسباً منها في طبعات شعبية وتزويدها للمكتبات الى الطلاب في المدارس.
وهذا ما وجه اليه سمو الأمير علي بن الحسين، الذي رعى كتابي في أمانة عمان عن الثورة العربية الكبرى، وقال لا بد أن يكون هذا في مدارس التربية والتعليم.
وأذكر أن الدكتور ذنيبات، علم أنني لم اتمكن من اصدار كتاب عن معان، فقام برعاية الكتاب من جانب شركة الفوسفات، مشكوراً باسم "معان لينا وحقها علينا"،
ترك الدكتور ذنيبات موقعه كوزير للتربية والتعليم وجمدت الفكرة وبقيت معلقة، وقد تذكرت ذلك، اخيرا ثم استأذنت الزميل الدكتور ماجد الشقران، رئيس تحرير الرأي، أن اكتب شيئاً عن المدن الأردنية، تجسيداً للفكرة التي أطلقها الأمير الحسين في الطفيلة، وقد رحب بذلك ونشرت خمس حلقات في عمودي في الرأي.وها أنا اتمم
إن اقتناء هذه الكتب في الوزارة على ما ازعم أهم من اقتناء العديد من الكتب الدينية ذات الروايات المغلوطة،فما الفائدة من اقتناء كتاب عذاب القبر، وزواج الجن، وغيرها من دون رقابة، في حين يستعصي علينا ادخال كتب لها علاقة بالسردية الأردنية وتاريخ المكان وحتى اكون موضوعياً، فإن هذا كان في الوزارة في زمن سابق قبل قدوم الوزير الدكتور ابراهيم بدران،
من المفارقات في الرواية السردية، ما كنت كتبته عند زيارتي الى قبرص وقد اخذنا الدليل الى مكان في جوار مدينة لارنكا، حيث أقيم مسجد صغير قديم على بحيرة الملح من صالة وغرفتين صغيرتين احداهما لم تفتح لنا، وقد اصابني الفضول وطلبت من الدليل أن يفتحها، فقال ذلك ممنوع، وحاولت معه وأظهرت اهتمامي، فقال انتظر حتى تخرج المجموعة، وبالفعل فتح الغرفة ولم يسمح لي بالتصوير ووجدت ضريحين مغطيين بقطيفة خضراء ومكتوب عليهما بالعربية (هذا ضريح أم حرام) والآخر لصفية بنت خليل باشا الصدر الأعظم المبعد من اسطنبول الى قبرص، وكانت الدولة العثمانية تبعد المعارضين لسياساتها الى جزيرة قبرص، حيث كان الشريف حسين مبعد من الإنجليز اليها وكان يرافقه ابنه زيد في خدمته، وكان في الابعاد ايضاً في نفس الفترة مجموعة من الهاشميين ومن العثمانيين، وقد وقعت مصاهرة إذ تزوج ابن عم الشريف حسين وهو الأمير فؤاد بن علي من صفية بنت الصدر الأعظم خليل باشا، والتي انجبت الأمراء، فاطمة وعبد الله، وقد دفنت جوار أم حرام، وقد جاء في السير أن أم حرام هي زوجة أبو عبيدة عامر بن الجراح، فاتح فلسطين والذي ضريحه في الغور، وقد أقام الملك الراحل الحسين، عليه بناء مسجد وضريح يليق به، وكان لأم حرام الصحابية قصة أنها خرجت مع المجاهدين في غزوة ذات السلاسل في سفن ارسلها معاوية الى قبرص وعددها 90وأنها سقطت بعد نزولها وهي تركب بغلاً على الأرض، فتوفيت ودفنت في الضريح المقام لها في لارنكا.
وفي السرديات تفيد كثير من المعلومات التي لم ترو في المناهج مثلا العهدة المحمدية لأهل ايليا، والتي منحها الرسول (ص) للقس أمير العقبة، وقرأها حنه بن رؤبة في تبوك حين زار القس الرسول اثناء غزة تبوك وقد اهدى القس للرسول بغلاً أبيض في حين اهداه الرسول (ص) بردةوعصا وكتب له الآمنة، أي العهدة، وقد نشرتها في كتابي عن العقبة بالعربية والانجليزية، وهي أول وثيقة تكتب لأهل آيلة خارج الجزيرة، كما أنها،أي الوثيقة، مسوؤلة عن بقاء المسيحيين العرب في جنوب الأردن وخاصة أن منهم من تحول الى الاسلام وغالبيتهم من الغساسنة، وقد بقيت الوثقية سارية حتى زمن عمر بن عبد العزيز الخليفةالأموي عام 93 للهجرة