وجهات نظر

الأردن يدرك أن مواقفه السياسية مكلفة

الأردن يدرك أن مواقفه السياسية مكلفة

المواقف السياسية الأردنية الثابتة ليست بلا ثمن، فقد قبض الأردن على الجمر بمواقفه من خلال قيادته الواعية المستندة إلى رصيد أسسه جلالة الملك في مجمل علاقاته، وزيارته الواسعة والمتجددة عبر العالم وآخرها سلسلة زياراته الخمس في جنوب شرق آسيا، بعد أوروبا في غربها وشرقها وبعد الولايات المتحدة الأمريكية وما زالت الزيارات مجدولة وقائمة.

لقد بنى الملك على موروث سياسي محترم وصلب ورثه وزاد في البناء بشكل ملموس ويشهد به العالم كله، ولذا كانت مواقف الأردن المستندة لرؤيته الوطنية، ولما أنجزه العالم في الأمم المتحدة من قرارات إستند إليها الأردن، وأيضاً بما يحمله شعبه من أخلاص للأمة وانخراطه في قضاياها بإحساس قومي لا يتفوق فيه أحد عليه.

المواقف السياسية الداعية الى حل الدولتين وبناء دولة فلسطينية مستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشقية، كحل لابديل له الا العنف والحروب، ونشر الجحيم في المنطقة. هذه المواقف يدرك الأردن أنها لن تمر بسهولة وان فيها تحديات كبيرة لا بد من مواجهتها وتحملها والانتصار فيها.

هذا الموقف من الدولة الفلسطينية واصرار الأردن على ذلك، جلب المزيد من التحديات والمتاعب وفتح شهية الطامعين المعتدين ورافضي هذا التوجه والذين شنوا حرب الابادة في غزة وحاصروها بالقتل والتجويع واجتثاث اسباب الحياة فيها وغير ذلك، وكما يحدث الآن ايضاً في الضفة الغربية من تطهير عرقي ومن جرائم موصوفة بحرب تهجير من المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية وهدم بيوت بالجملة كما في طوباس ومخيم جنين وطول كرم وتهجير واسع وقتل المدنين والشباب واتهامهم ظلماً واغلاق الشوارع والاحياء واقامة الآف الحواجز بين المدن والقرى وعلى الطرق وعزل المواطنين.

كل ذلك يضع تحديات يقف الأردن صامداً في وجهها باستنكارها وتعبئة دول ضدها كما يفعل جلالة الملك في جولاته، وهناك استجابات عالمية واسعة تثير حنق الاحتلال وتبني ردود فعل اسرائلية مبيته.

أما الموقف السياسي الآخر الذي استفز دولة الاحتلال، فهو تأكيد الأردن على وحدة سوريا وترابها الوطني وتخليصها من الاحتلال المستجد على أراضيها، مع قدوم نظامها الجديد. المنتخب، حيث أضاف الاحتلال توسعا شمل مساحات من الأرض، بعضها قريب من دمشق حيث اتسير دوريات إسرائيلية، على بعد قريب من دمشق، وحيث يتجول رئيس الحكومة الاسرائيلية الإرهابي نتنياهو ووزير حربه في الأرض السورية، ويركب دراجة هوائية، ثم ويصعد الى جبل الشيخ ويصرح أن قواته ستبقى في هذا المركز الاستراتيجي.

الموقف الأردني الوطني والقومي الواضح من سوريا الجارة التي نتقاسم معها الحدود استفز الموقف العدواني الاسرائيلي وما زالت إسرائيل وبأشكال مختلفة ترد على المواقف الأردنية، ولسنا بحاجة إلى المزيد من التحليل، في هذا فما جرى في الرمثا معروفة ابعاده ومصادره وتوجهات القائمين عليه ودوافعم ومصادر دفعهم وارتباطهم بالبيئة السورية التي ما زالت تحتفظ ببقايا الإرهاب الذي تعمل على الخلاص منه، في حين ما زالت قوى على الارض السورية تحرص على بقائه وعدم الخروج أو تصفية آثار وجوده قبل أن ترحل.

واياً كانت الذرائع، فإن وراء حادث الرمثا الارهابي اصابع معروفة، ولا يجوز المزيد من الاجتهاد أو محاولات البعض البحث عن أغطية أو ذرائع أو الادعاء بأن ابناء الوطن لهم علاقة أو شراكة فكل من دعم الارهاب وتبناه هو ارهابي، أليس أبو لهب هو عم الرسول؟! فلا أبوة لأحد، أو مكانة او جاه أو عزوة، حين يكون الأمن الوطني مستهدفاً، والمؤشرات على ذلك واضحة، وأي أيد تتحرك لخدمة المعتدي الذي يريد زعزعة الأمن في بلادنا، لا بد أن تمنع وتضرب، وحتى تقطع، وهذا ما فعلته قواتنا المسلحة في الرد على الحادث وفي مقدمتهم فرسان الحق من اجل استئصال هذه الخلية الخبيثة وتصفيتها لتظل الرمثا والوطن والمواطن آمنا.

نعم فرسان الحق وقواتنا المسلحة والأمن العام، كانوا حاضرين وقد استعملوا قواعد اللعبة الجديدة وغيروها إذا اقتضى الأمر حيث رأوا أن اللعبة تتغير في المنطقة وأن أطرافاً متعددة غيرت اللعبة، ليس في الرمثا فقط، وإنما في قرية بيت جن السورية التي تصدى ابناؤها للعدو الذي دخل القرية واعتقد أنه في رحلة هينة تختبر المكان تمهيداً لقضمه، ولكن أهل البلدة ردّوا بما يؤلم العدو ويجعله يعيد حساباته ويصعد ويستعمل الطيران. ويتذرع بذرائع واهنة لتوسيع احتلاله في سوريا

الشعوب هي من تدافع عن الأرض وهي التي تقاوم حين يتعرض الوطن للخطر، ولا تستطيع إسرائيل أن تمارس احتلالها وأن تحتفظ به في نفس الوقت وتمنع أهل الأرض من المقاومة، ولدينا نموذج، ولسنا بحاجة إلى التآويل وقراءات أخرى.

الأردن مستعد أن يدافع عن رؤيته وقناعاته الوطنية، وقد فعل سواء قامت التحديات الأمنية " كنموذج الرمثا "، او الاقتصادية كما رأينا أكثر من حالة مستجدة.

الأردن ذاهب إلى التجنيد والى التعبئة، وهو لن يتوانى عندما يواجه الوطن الخطر، ففي قيادته إرادة لذلك، كانت منذ الدفاع عن أسوار القدس، عام 1948 وحتى اليوم، وبمناسبة دفاع الجيش العربي الباسل عن القدس وأسوارها، نقرأ في مذكرات القائد الذي قاتل على أسوار القدس عبد الله التل، عبارته الشهيرة في مذكراته وهي خلاصة خبرته وتجربته في القدس، "أيها الفلسطينيون بيعوا أولادكم واشتروا السلاح".