عجلون في السردية، بوابة تحرير القدس
أستأذن رئيس التحرير أن أواصل الكتابة عن المكان في سياق مواصلة السردية الأردنية، وسياقها التاريخي المكاني الذي دعا له سمو الأمير الحسين ولي العهد، في الطفيلة.
فقد انصرفت قليلًا لهذا عن متابعته، ايقاع الخبر السياسي الذي ما زال يهز المنطقة باستمرار العدوان الاسرائيلي على غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا في سلسلة متوترة من الأفعال العدوانية الاسرائيلية المستمرة.
وعودًا الى سياق السردية الأردنية، فإنني اتوقف في هذه المقالة عند مدينة أردنية جديدة، هي عجلون، وقد أسميت الكتاب الواقع في 310 صفحات، (عجلون بوابة تحرير القدس)، لأن قوات صلاح الدين الأيوبي نزلت من القلعة المسماة الآن، قلعة الربض، الى سهل حطين لتشتبك مع قوات الفرنجة (الصليبيين) في معركة حطين التي انتصر فيها صلاح الدين وهزمهم، هزيمة نكراء، وقد دخل بعد النصر إلى القدس وحررها من الاحتلال الفرنجي، الذي دام قرنا من الزمن وقد حول المحتلون المسجد المرواني، وهو جزء من المسجد الأقصى، الى اسطبل لخيولهم، وما زالت حلقات ربط الخيول في الجدران شاهدة على ذلك.
لقداختار السيد عصام سلفيني، عجلون ليرعى لي كتاباً عنها بدعم من بنك الاتحاد، سألته لماذا عجلون؟ فرد، انها مقر كنيسة "مار الياس" المشهورة باسم النبي الياس في "النسب" وهي احدى مواقعها المشهورة.
وقد وجدت في المصادر ايضاً أن عجلون هي اسم ملك مؤاب، وقد جرى اغتياله، وسميت مدينة عجلون باسمه، ولاغتياله قصة في بعض المصادر. لن ارويها هنا
وعجلون في مصادر أخرى كانت معبراً لقوافل النبي يوسف التي مرّت منها الى مصر، وقد اشتهرت عجلون بأنها أحد أهم مراكز المسيحية الشرقية، وهذا جعل لها مكاناً استراتيجياً يربط بلاد الشام بمصر.
وهي أيضاً مدخل فلسطين، وحشد فيها صلاح الدين، جيوشه الفاتحة في طريقها الى حطين حيث معركة فتح القدس، وكان الأموريون وهم شعب حكم أرض شرق الأردن وبلاد الشام الجنوبية، وهم أول من سمّى المدينة عجلون، وكانت على طريق الحج الشامي الى الحجاز.
عجلون ثرية بالآثار، ابتداء من العصر النحاسي والبرونزي والحديدي، ومروراً بالفارسي والنبطي والروماني والاسلامي العثماني، وحتى قيام حكومة عجلون قبل تأسيس الدولة الأردنية على يد الأمير عبد الله بن الحسين طيب الله ثراه
عجلون كانت غنية، وللأسف الآن هي من افقر المحافظات، وقد جاء في وصفها أنها "جنان الأردن"، وفي عجلون مراقد كثير من الصحابة، منهم عكرمة بن أبي جهل، واتخذها القادة والسلاطين مركزا لاهتمامهم في العهد الأيوبي والممولكي، وقبل ذلك في العهد الأموي لما يتوفر فيها من فاكهة وزيت زيتون ومصادر مياه عذبة.
وكان الخليفة عبد الملك بن مروان، يطلب أن يأتيه شيئاً من ثمارها، حتى وهو في دمشق، أو في طريقه للحج، وأوصى أن يأتوه برمان جرش الذي نال لدى الخليفة شهرة عالية.
ويرى الناظر من مرتفعاتها القدس حيث تهفو القلوب، ولذا وحرصا على موقعها، أقاموا قلعتها في العهد الأيوبي، وهي الآن قلعة الربض، المقامة على جبل، عوف، وقد أسميت ايضاً، حصن عجلون.
وقد حاصرها المغول، وخاصة قلعتها قبل أن يهزموا في معركة عين جالوت على يد القائد سيف الدين قطز، والظاهر بيبرس عام 1260 م، وهم قادة جيش المماليك الذي جاؤوا من مصر لمحاربة المغول، على هذه الأرض في عجلون، في حين كان قائد المغول، هو متبعا نوين.
وقد زارها الرحالة الشهير، ابن بطوطة، وذكر تطورها وتقدمها، كما وصفها مستشرقون ورحالة أجانب، مروا بها، وكتب عنها باحثون أردنيون في الجامعات وخاصة في مرحلة تأسيس الدولة الأردنية المعاصرة، والكتابة عن موقعها، وعن شخصياتها الوطنية، ولعل جهود رؤوف أبو جابر وعدنان البخيت في الكتابة عنها في مرحلة غياب التاريخ عنها قبل قرنين، هو ما أغرى المؤرخين يوسف الغوانمة وهند أبو الشعر، لاستكمال صورة عجلون وإبرازها في التاريخ المدون مرة أخرى.
ولعل ما كتبه الدكتو عدنان البخيت، وقد غطى الفترة المملوكية والعثمانية تحت عنوان (بلاد شرقي الأردن في مطلع العهد العثماني)، وأظهر أن نيابة الكرك كانت تابعة الى لواء عجلون حيث قسمت مناطق اللواء الى نواح شملت قرى وطوائف وجماعات، حيث يشير دفتر مفصل عجلون ذاكراً اسماء قرى وجماعات وطوائف من المسلمين والمسيحيين،
وكان الاستقرار أبرز سمة عند أهل عجلون، وما يحيط بها لمرور قافلة الحج من أراضي لوائها، ولم تكن عجلون تضطرب الا حين كانت تتأخر الدولة العثمانية في دفع (الخاوة) السنوية لشيوخ العشائر.
كانت عجلون مكانا للجوء السكان الحضر من غزوات البدو، وكانت جزءا من أراضي جلعاد القديمة التي هي من مدن الديكابولس ، في عهد الرومان، وقد جاء اسم جبل عوف الذي اقيمت عليه القلعة منسوباً الى قبيلة عوف العربية الشهيرة التي حكمت عجلون في عهد الفاطميين واقامت القلعة فوق دير قديم.
وكان لواء عجلون مقاطعة تابعة لولاية دمشق في زمن العثمانيين وكان الأكثر غنى وسكاناً في منطقة شرق الأردن.
وكان الحاكم في دمشق، العثماني، راشد باشا عام 1867، قد اعتبر عجلون ركيزة الوجود العثماني في شرق الأردن، ولذا أنشأ القضاء ضمن متصرفية حوران، وفي عام 1882 مسحت أراضي عجلون وحولت أراضيها المشاع الى ملكيات خاصة وكانت المتصرفية أكثر المناطق في حوران انتاجاً زراعياً.
واشتهرت فيها قرية تبنة بانتاج الزبيب، وكانت تقيم في القرية 280 أسرة، وفيها 10 الاف شجرة زيتون في الملكيات الخاصة، رغم أنها في ارض مشاع، وكانت المنازل تبنى من الحجارة المحلية وتحوي غرفة واحدة واسعة على سقف يسمى (عقود)، أما النشاط العائلي فيجري على مصطبة كبيرة تبنى فوق حظيرة الحيوانات للاستفادة من الحرارة الناجمة عن وجود الحيوانات في الطابق السفلي.
عجلون اليوم، زاهرة وفيها آثار مهمة، وفيها تلفريك عجلون، ينشط سياحتها ويفترض أن تقوم فيها مشاريع أخرى كبيرة، وقد زارها الملك عبد الله الثاني، ووجه الى الاهتمام وإنشاء منطقة صناعية الكترونية، وما زالت عجلون لموقعها ومناخها بحاجة الى استثمارات كبيرة، فقد اصبحت مدينة داخلية بعد نشوء سكة الحديد وحان الوقت لإعادة الوهج اللازم اليها.
أستأذن رئيس التحرير أن أواصل الكتابة عن المكان في سياق مواصلة السردية الأردنية، وسياقها التاريخي المكاني الذي دعا له سمو الأمير الحسين ولي العهد، في الطفيلة.
فقد انصرفت قليلًا لهذا عن متابعته، ايقاع الخبر السياسي الذي ما زال يهز المنطقة باستمرار العدوان الاسرائيلي على غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا في سلسلة متوترة من الأفعال العدوانية الاسرائيلية المستمرة.
وعودًا الى سياق السردية الأردنية، فإنني اتوقف في هذه المقالة عند مدينة أردنية جديدة، هي عجلون، وقد أسميت الكتاب الواقع في 310 صفحات، (عجلون بوابة تحرير القدس)، لأن قوات صلاح الدين الأيوبي نزلت من القلعة المسماة الآن، قلعة الربض، الى سهل حطين لتشتبك مع قوات الفرنجة (الصليبيين) في معركة حطين التي انتصر فيها صلاح الدين وهزمهم، هزيمة نكراء، وقد دخل بعد النصر إلى القدس وحررها من الاحتلال الفرنجي، الذي دام قرنا من الزمن وقد حول المحتلون المسجد المرواني، وهو جزء من المسجد الأقصى، الى اسطبل لخيولهم، وما زالت حلقات ربط الخيول في الجدران شاهدة على ذلك.
لقداختار السيد عصام سلفيني، عجلون ليرعى لي كتاباً عنها بدعم من بنك الاتحاد، سألته لماذا عجلون؟ فرد، انها مقر كنيسة "مار الياس" المشهورة باسم النبي الياس في "النسب" وهي احدى مواقعها المشهورة.
وقد وجدت في المصادر ايضاً أن عجلون هي اسم ملك مؤاب، وقد جرى اغتياله، وسميت مدينة عجلون باسمه، ولاغتياله قصة في بعض المصادر. لن ارويها هنا
وعجلون في مصادر أخرى كانت معبراً لقوافل النبي يوسف التي مرّت منها الى مصر، وقد اشتهرت عجلون بأنها أحد أهم مراكز المسيحية الشرقية، وهذا جعل لها مكاناً استراتيجياً يربط بلاد الشام بمصر.
وهي أيضاً مدخل فلسطين، وحشد فيها صلاح الدين، جيوشه الفاتحة في طريقها الى حطين حيث معركة فتح القدس، وكان الأموريون وهم شعب حكم أرض شرق الأردن وبلاد الشام الجنوبية، وهم أول من سمّى المدينة عجلون، وكانت على طريق الحج الشامي الى الحجاز.
عجلون ثرية بالآثار، ابتداء من العصر النحاسي والبرونزي والحديدي، ومروراً بالفارسي والنبطي والروماني والاسلامي العثماني، وحتى قيام حكومة عجلون قبل تأسيس الدولة الأردنية على يد الأمير عبد الله بن الحسين طيب الله ثراه
عجلون كانت غنية، وللأسف الآن هي من افقر المحافظات، وقد جاء في وصفها أنها "جنان الأردن"، وفي عجلون مراقد كثير من الصحابة، منهم عكرمة بن أبي جهل، واتخذها القادة والسلاطين مركزا لاهتمامهم في العهد الأيوبي والممولكي، وقبل ذلك في العهد الأموي لما يتوفر فيها من فاكهة وزيت زيتون ومصادر مياه عذبة.
وكان الخليفة عبد الملك بن مروان، يطلب أن يأتيه شيئاً من ثمارها، حتى وهو في دمشق، أو في طريقه للحج، وأوصى أن يأتوه برمان جرش الذي نال لدى الخليفة شهرة عالية.
ويرى الناظر من مرتفعاتها القدس حيث تهفو القلوب، ولذا وحرصا على موقعها، أقاموا قلعتها في العهد الأيوبي، وهي الآن قلعة الربض، المقامة على جبل، عوف، وقد أسميت ايضاً، حصن عجلون.
وقد حاصرها المغول، وخاصة قلعتها قبل أن يهزموا في معركة عين جالوت على يد القائد سيف الدين قطز، والظاهر بيبرس عام 1260 م، وهم قادة جيش المماليك الذي جاؤوا من مصر لمحاربة المغول، على هذه الأرض في عجلون، في حين كان قائد المغول، هو متبعا نوين.
وقد زارها الرحالة الشهير، ابن بطوطة، وذكر تطورها وتقدمها، كما وصفها مستشرقون ورحالة أجانب، مروا بها، وكتب عنها باحثون أردنيون في الجامعات وخاصة في مرحلة تأسيس الدولة الأردنية المعاصرة، والكتابة عن موقعها، وعن شخصياتها الوطنية، ولعل جهود رؤوف أبو جابر وعدنان البخيت في الكتابة عنها في مرحلة غياب التاريخ عنها قبل قرنين، هو ما أغرى المؤرخين يوسف الغوانمة وهند أبو الشعر، لاستكمال صورة عجلون وإبرازها في التاريخ المدون مرة أخرى.
ولعل ما كتبه الدكتو عدنان البخيت، وقد غطى الفترة المملوكية والعثمانية تحت عنوان (بلاد شرقي الأردن في مطلع العهد العثماني)، وأظهر أن نيابة الكرك كانت تابعة الى لواء عجلون حيث قسمت مناطق اللواء الى نواح شملت قرى وطوائف وجماعات، حيث يشير دفتر مفصل عجلون ذاكراً اسماء قرى وجماعات وطوائف من المسلمين والمسيحيين،
وكان الاستقرار أبرز سمة عند أهل عجلون، وما يحيط بها لمرور قافلة الحج من أراضي لوائها، ولم تكن عجلون تضطرب الا حين كانت تتأخر الدولة العثمانية في دفع (الخاوة) السنوية لشيوخ العشائر.
كانت عجلون مكانا للجوء السكان الحضر من غزوات البدو، وكانت جزءا من أراضي جلعاد القديمة التي هي من مدن الديكابولس ، في عهد الرومان، وقد جاء اسم جبل عوف الذي اقيمت عليه القلعة منسوباً الى قبيلة عوف العربية الشهيرة التي حكمت عجلون في عهد الفاطميين واقامت القلعة فوق دير قديم.
وكان لواء عجلون مقاطعة تابعة لولاية دمشق في زمن العثمانيين وكان الأكثر غنى وسكاناً في منطقة شرق الأردن.
وكان الحاكم في دمشق، العثماني، راشد باشا عام 1867، قد اعتبر عجلون ركيزة الوجود العثماني في شرق الأردن، ولذا أنشأ القضاء ضمن متصرفية حوران، وفي عام 1882 مسحت أراضي عجلون وحولت أراضيها المشاع الى ملكيات خاصة وكانت المتصرفية أكثر المناطق في حوران انتاجاً زراعياً.
واشتهرت فيها قرية تبنة بانتاج الزبيب، وكانت تقيم في القرية 280 أسرة، وفيها 10 الاف شجرة زيتون في الملكيات الخاصة، رغم أنها في ارض مشاع، وكانت المنازل تبنى من الحجارة المحلية وتحوي غرفة واحدة واسعة على سقف يسمى (عقود)، أما النشاط العائلي فيجري على مصطبة كبيرة تبنى فوق حظيرة الحيوانات للاستفادة من الحرارة الناجمة عن وجود الحيوانات في الطابق السفلي.
عجلون اليوم، زاهرة وفيها آثار مهمة، وفيها تلفريك عجلون، ينشط سياحتها ويفترض أن تقوم فيها مشاريع أخرى كبيرة، وقد زارها الملك عبد الله الثاني، ووجه الى الاهتمام وإنشاء منطقة صناعية الكترونية، وما زالت عجلون لموقعها ومناخها بحاجة الى استثمارات كبيرة، فقد اصبحت مدينة داخلية بعد نشوء سكة الحديد وحان الوقت لإعادة الوهج اللازم اليها.