دعوة ولي العهد لتوثيق السردية الأردنية
تفتح دعوة ولي العهد، الأمير الحسين، الباب واسعاً لإعادة كتابة تاريخ المكان والإنسان الأردني وكفاحه الطويل حتى أدرك الدولة بكل ما فيها، والدولة هي أعظم إنجاز وصلته البشرية في تكويناتها الاجتماعية.
باب السردية مفتوح، وكان يجب أن يكون ذلك منذ زمن طويل، وكانت هناك محاولات جادة منذ تأسيس الدولة الأردنية وبلوغ مئويتها الثانية في تراكمات متصلة واجهت فيها تحديات كبيرة وبنت في وجهها انجازات كبيرة ايضاً.
في السردية، لا بد من ورود تاريخ المكان،وتاريخ الانسان (المواطن) الذي عمر هذه الأرض وامتلك اسمها وطموحها، وأبرزها للعالمين.
كنت أدركت ذلك قبل سنوات طويلة واعتدّ أن المواطنة لاتقوم إلا بربط الإنسان بالمكان ربطا مصيريا وانتظرت حتى تقاعدت من صحيفة الرأي عام 2011بعد أكثر من ثلاثين سنة من الكتابة اليومية المتصلة بالصحف، ووجدت أنني في تقاعدي يحب أن ابدأ في الكتابة الواسعة في تأليف الكتب، لأن الكتابة الصحيفة اليومية يتلاشى أكثرها، بعد صدور عدد الصحيفة وانتهاء القارئ من قراءة ما يريد منها، وأحببت أن اتخصص في تاريخ المكان، ولذا أسميت سلسلة كتبي (في هوية المكان)، وأصدرت تحت هذا العنوان، 22 كتاباً، بعد ان مارست البحث العلمي، مستفيداً من استاذي الراحل الدكتور، كامل العسلي، أمين مكتبة الجامعة الأردنية، الذي عملت معه طالباً في الاستفادة من وثائق المحاكم الشرعية التي نقلت من القدس الى عمان بعد حرب 1967، ووضعت في مكتبة الجامعة لتقرأ على المايكروفيلم والمياكرموفيش.
وقد ساعدني في تحضير كثير من الوثائق في كتبه عن القدس، وهي كتب حملت اسم الدكتور العسلي الى العالمية لجودتها ولأمانة مؤلفها ودقتة وحرصه، وتوثيقها كما كنت اقرأ في الوثائق يوميات حصار نابليون على عكا وما شهدته المدينة من قسوة الحصار الذي لايعادله في وحشيته الا الاحتلال الاسرائيلي.في غزة
وفي الوثائق وعلى هامش البحث وجدت أنساب الكثير من العائلات، ومنها عائلة المصري التي جاءت موسسها الأصلي من قرية اسمها، (جبا، )في الطريق الى جرش قبل أكثر 205 سنوات وقد خرج جدهم للدراسة في القاهرة في الأزهر، وسمي المصري حين عاد الى نابلس
لم يكن اهتمامي بالعائلات، وإنما بالمدن، فبدأت سلسلة من الكتب حملت اسم (هوية المكان) وقد انجزت تحتها كتاباً عن عمان باسم (ألق الماضي ووهج المستقبل)، وكنت فخوراً حين استشهد به مستشار جلالة الملك معالي كنيعان عطا محمد البلوي، وسط حضور حافل قبل مقابلة جلالة الملك، في تكريم شخصيات مميزة وكان هذا الكتاب قد تناول قضايا في السردية الأردنية عن المدينة التي كانت في التاريخ الحديث، قرية شركسية، هكذا بدأت حيث حلّ فيها الشراكسة في هجرتهم الأولى في عام 1878 وقد كانت قرية مدمرة.
وقد نزلوا في المدرج الروماني وتحديدا في غرف الغيار في المسرح، وهم أول من أدخلوا العربة التي تجرها الثيران، وقد كتب عنهم المستشرق الرحالة يوهان بيركهات، مكتشف البترا الذي جاء الى عمان من السلط، وقد استأجر اثنين من السلط بعد أن دفع لهم ثلاث ليرات من الذهب ليأخذوه الى عمان ويحموه من الوحوش وقطاع الطرق، ليزور موقع سبيل الحوريات التاريخي، إذ كانت عمان وقتها قرية غير ماهولة على السيل الذي علاه البعوض، والقوارض، وقد انقطعت عن تاريخها القديم حين كانت ربة عمون الشهيرة ذات الحضارة الممتدة لأكثر من ثمانية الآف سنة، وكان امتداد عمان آنذاك هي في المدرج الروماني وجبل القلعة المقابل على مساحة كيلو متر مربع فقط، وبعدد من السكان لا يزيد عن 150 نسمة، وحين وصل القطار عام 1907الى قرية عمان في المحطة، التي أقيمت في الزمن العثماني استقبل القطار فيمابعد والذي يحمل حجاجاً من سوريا ولبنان وفلسطين، رئيس المجلس القروي الشركسي، اسماعيل بابوق، عام 1909 حيث أسست البلدية الاولى في عمان وطلب من الأهالي أن يبنوا فرناً للخبز من أجل سد حاجة الحجاج والوافدين بالقطار، فكان أول مشروع في عمان هو بناء مخبز، والحديث ممتد في ذلك.
كما قدمت بعد ذلك كتابي عن الزرقاء باسم (الزرقاء النموذج الأردني، )
وكشفت فيه عن تاريخ المكان في زمن البابلين وحضارة ما بين النهرين حين سميت الزرقاء زراكا وهي مؤنث الأزرق، المجاور ولها تاريخ عريق.
أما تاريخها المعاصر، فقد كانت معسكراً للجيش العثماني حيث، الجاندرمه، قبل أن يدخلها الانجليز ويبنوا معسكرا وقد قصف الإنجليز في الحرب مع الأتراك القطار القادم لعمان من دمشق واستشهد السائق وهو من الشيشان وكان جد صديقي محمد ارسلان، رحمه الله، وقد تحولت الزرقاء الى معسكر باسم، (خو، )ويقال إن خو، اسم ضابط بريطاني ووصف النهر الواصل لها بالمسحور، وهو سيل الزرقاء الذي يأتي من عمان ويختفي تحت طبقات الأرض ليخرج ثانية، وسمي بالمسحور لأنه يختفي ويؤسس نبع ماء هو الشهير الذي كان يتجمع عليه الحج الشامي والعراقي، قبل أن ينطلقوا بمائهم الى الحج، ولسردية الزرقاء بقية اواصلها غدا وبقية المدن الأردنية وأهلها المنزرعين فيها منذ تاريخ طويل ممتد،
غدا نكمل.
تفتح دعوة ولي العهد، الأمير الحسين، الباب واسعاً لإعادة كتابة تاريخ المكان والإنسان الأردني وكفاحه الطويل حتى أدرك الدولة بكل ما فيها، والدولة هي أعظم إنجاز وصلته البشرية في تكويناتها الاجتماعية.
باب السردية مفتوح، وكان يجب أن يكون ذلك منذ زمن طويل، وكانت هناك محاولات جادة منذ تأسيس الدولة الأردنية وبلوغ مئويتها الثانية في تراكمات متصلة واجهت فيها تحديات كبيرة وبنت في وجهها انجازات كبيرة ايضاً.
في السردية، لا بد من ورود تاريخ المكان،وتاريخ الانسان (المواطن) الذي عمر هذه الأرض وامتلك اسمها وطموحها، وأبرزها للعالمين.
كنت أدركت ذلك قبل سنوات طويلة واعتدّ أن المواطنة لاتقوم إلا بربط الإنسان بالمكان ربطا مصيريا وانتظرت حتى تقاعدت من صحيفة الرأي عام 2011بعد أكثر من ثلاثين سنة من الكتابة اليومية المتصلة بالصحف، ووجدت أنني في تقاعدي يحب أن ابدأ في الكتابة الواسعة في تأليف الكتب، لأن الكتابة الصحيفة اليومية يتلاشى أكثرها، بعد صدور عدد الصحيفة وانتهاء القارئ من قراءة ما يريد منها، وأحببت أن اتخصص في تاريخ المكان، ولذا أسميت سلسلة كتبي (في هوية المكان)، وأصدرت تحت هذا العنوان، 22 كتاباً، بعد ان مارست البحث العلمي، مستفيداً من استاذي الراحل الدكتور، كامل العسلي، أمين مكتبة الجامعة الأردنية، الذي عملت معه طالباً في الاستفادة من وثائق المحاكم الشرعية التي نقلت من القدس الى عمان بعد حرب 1967، ووضعت في مكتبة الجامعة لتقرأ على المايكروفيلم والمياكرموفيش.
وقد ساعدني في تحضير كثير من الوثائق في كتبه عن القدس، وهي كتب حملت اسم الدكتور العسلي الى العالمية لجودتها ولأمانة مؤلفها ودقتة وحرصه، وتوثيقها كما كنت اقرأ في الوثائق يوميات حصار نابليون على عكا وما شهدته المدينة من قسوة الحصار الذي لايعادله في وحشيته الا الاحتلال الاسرائيلي.في غزة
وفي الوثائق وعلى هامش البحث وجدت أنساب الكثير من العائلات، ومنها عائلة المصري التي جاءت موسسها الأصلي من قرية اسمها، (جبا، )في الطريق الى جرش قبل أكثر 205 سنوات وقد خرج جدهم للدراسة في القاهرة في الأزهر، وسمي المصري حين عاد الى نابلس
لم يكن اهتمامي بالعائلات، وإنما بالمدن، فبدأت سلسلة من الكتب حملت اسم (هوية المكان) وقد انجزت تحتها كتاباً عن عمان باسم (ألق الماضي ووهج المستقبل)، وكنت فخوراً حين استشهد به مستشار جلالة الملك معالي كنيعان عطا محمد البلوي، وسط حضور حافل قبل مقابلة جلالة الملك، في تكريم شخصيات مميزة وكان هذا الكتاب قد تناول قضايا في السردية الأردنية عن المدينة التي كانت في التاريخ الحديث، قرية شركسية، هكذا بدأت حيث حلّ فيها الشراكسة في هجرتهم الأولى في عام 1878 وقد كانت قرية مدمرة.
وقد نزلوا في المدرج الروماني وتحديدا في غرف الغيار في المسرح، وهم أول من أدخلوا العربة التي تجرها الثيران، وقد كتب عنهم المستشرق الرحالة يوهان بيركهات، مكتشف البترا الذي جاء الى عمان من السلط، وقد استأجر اثنين من السلط بعد أن دفع لهم ثلاث ليرات من الذهب ليأخذوه الى عمان ويحموه من الوحوش وقطاع الطرق، ليزور موقع سبيل الحوريات التاريخي، إذ كانت عمان وقتها قرية غير ماهولة على السيل الذي علاه البعوض، والقوارض، وقد انقطعت عن تاريخها القديم حين كانت ربة عمون الشهيرة ذات الحضارة الممتدة لأكثر من ثمانية الآف سنة، وكان امتداد عمان آنذاك هي في المدرج الروماني وجبل القلعة المقابل على مساحة كيلو متر مربع فقط، وبعدد من السكان لا يزيد عن 150 نسمة، وحين وصل القطار عام 1907الى قرية عمان في المحطة، التي أقيمت في الزمن العثماني استقبل القطار فيمابعد والذي يحمل حجاجاً من سوريا ولبنان وفلسطين، رئيس المجلس القروي الشركسي، اسماعيل بابوق، عام 1909 حيث أسست البلدية الاولى في عمان وطلب من الأهالي أن يبنوا فرناً للخبز من أجل سد حاجة الحجاج والوافدين بالقطار، فكان أول مشروع في عمان هو بناء مخبز، والحديث ممتد في ذلك.
كما قدمت بعد ذلك كتابي عن الزرقاء باسم (الزرقاء النموذج الأردني، )
وكشفت فيه عن تاريخ المكان في زمن البابلين وحضارة ما بين النهرين حين سميت الزرقاء زراكا وهي مؤنث الأزرق، المجاور ولها تاريخ عريق.
أما تاريخها المعاصر، فقد كانت معسكراً للجيش العثماني حيث، الجاندرمه، قبل أن يدخلها الانجليز ويبنوا معسكرا وقد قصف الإنجليز في الحرب مع الأتراك القطار القادم لعمان من دمشق واستشهد السائق وهو من الشيشان وكان جد صديقي محمد ارسلان، رحمه الله، وقد تحولت الزرقاء الى معسكر باسم، (خو، )ويقال إن خو، اسم ضابط بريطاني ووصف النهر الواصل لها بالمسحور، وهو سيل الزرقاء الذي يأتي من عمان ويختفي تحت طبقات الأرض ليخرج ثانية، وسمي بالمسحور لأنه يختفي ويؤسس نبع ماء هو الشهير الذي كان يتجمع عليه الحج الشامي والعراقي، قبل أن ينطلقوا بمائهم الى الحج، ولسردية الزرقاء بقية اواصلها غدا وبقية المدن الأردنية وأهلها المنزرعين فيها منذ تاريخ طويل ممتد،
غدا نكمل.