وجهات نظر

الملك في سنغافورة (مدينة قلب الأسد)

الملك في سنغافورة (مدينة قلب الأسد)


صدح النشيد الوطني السنغافوري أمام جلالة الملك عبد الله، في استقباله المهيب، ومن الرئيس ثارمان شانمو غاراتنام والشعار المرفوع للحكومة يقول "تعالوا رفاقي السنغافوريين دعونا نقدم نحو السعادة معاً، لعل طموحنا النبيل يجلب لسنغافورة النجاح، تعالوا، دعونا نتحد في روح جديدة، فلتعلُ اصواتنا كصوت واحد الى الأمام سنغافورة".

العلاقات الأردنية مع سنغافورة تاسست منذ العام 1988، وقد تطورت بشكل لافت في العديد من المجالات وخاصة في قطاعات التجارة والاستثمار والتعليم والمياه وإدارة القطاع العام والطاقة والتعاون الدفاعي، وقد وصل التبادل التجاري مع سنغافورة أكثر من 60 مليون دولار.

وكانت سنغافورة حين انفصالها عن الوطن الأم ماليزيا بعد صراعات عرقية ودينية، فقيرة جداً، وما زال الكثيريون يتذكرون بكاء مؤسسها ورئسيها على التلفزيون، وهو يشكو عدم وجود مياه كافية للشرب فيها، وقد كان ذلك الشخصية الهامة المؤسسة لسنغافورة، لي كوان يو.

لقد كان الاستقلال في 9 / 8 / 1965، عندما قام مؤسس ماليزيا تنكو عبد الرحمن بالسماح لسنغافورة بالانفصال ووقف كل أشكال التعاون معها، فكانت من أصغر الدول، إذ لا تزيد مساحتها عن 728 كم2 وهي تقارب مساحة عمان الكبرى ، وهي أصغر من البحرين واصغر من لبنان، وضعف مساحة غزة، وبلغ عدد سكانها الآن 5.7 مليون نسمة، وهذا تحد كبير فيها، إذ أن الكثافة السكانية عالية، والهجرة اليها تتزايد، وعدد النساء أكثر من الذكور.

أما رئيس الوزراء الحالي فهو ابن المؤسس، وهو، هو لي هسين يونغ، الذي جاء بعد رئاسة السيدة المسلمة، حليمة يعقوب، والتي زوجها عربي، وهو محمد عبد الله الحبشي، من ماليزيا ولها خمسة أطفال وتعيش في منزل متواضع، وهي في قائمة أشهر السنغافوريين.

سنغافورة بلد ديمقراطي من أكثر الدول اهتماماً بالتعليم ونوعية الجامعات ومن أكثر الدول تقدماً في الصناعة والتكنولوجيا.

كان استقبال الملك عبد الله مهيباً في سنغافورة، إذ استقبل في قصر أستانا، وقد عرفنا أن اسم سنغافورة من مقطعين من اللغة السنسكريتية، وهما (سنغا) الأسد، ويورا، (مدينة) وتصبح مدينة الأسد، واتخذت من رأس الأسد شعاراً، كما جاء في رؤية أميرها الذي اكتشف أرضها لأول مرة.

تحدث الملك عبد الله، عن العلاقات الثنائية وعن منزلة سنغافورة العالمية وتجربتها الفريدة المميزة، من بلد ضربه العطش الى بلد مصدر للخبرات في مجال المياه وتوفيرها والى القدرات التكنولوجية المميزة والى الادارة ايضاً، كما تحدث الملك عن ضرورة الاستفادة من الدور المتقدم والسياسة السنغافورية المحترمة في العالم، وحث سنغافورة على المزيد من العمل في مجال دعم حل الدولتين الذي تؤمن به وعلى المزيد من دعمها لقضية الشعب الفلسطيني ومساعدته أمام ما يجري من أعمال اسرائيلية، وخاصة في غزة، وأبدت سنغافورة استعداداً لذلك، واظهرت تطابقاً في موقفها مع الرؤية الملكية التي يسعى بها جلالة الملك في عديد من دول جنوب شرق آسيا، حيث زار اليابان وفيتنام وسنغافورة، وسيزور الباكستان، وهذه الزيارات العالمية من أوروبا الى آسيا، تصب في نفس الأهداف التي يسعى اليها الأردن في تعزيز وقف اطلاق النار في غزة وانفاذ مبادرة قمة شرم الشيخ دون تعطيل.

سنغافورة نظيفة، ويغرم كل من يحاول أن يلقي أية ملوثات في الشارع بغرامات باهظة، وأذكر أننا دعينا كصحفيين منتصف التسعينيات من القرن الماضي الى زيارة ماليزيا والالتقاء برئيس وزرائها المميز مهاتير بن محمد (محاضر) في مؤتمر صحفي مع صحفيين من دول الجنوب وكنا حوالي 30، وكانت تجلس صحفية أمامه، فقال لها لقد رأيتك المرة الماضية، وتعودين الآن، لماذا؟

فابتسمت، وقالت، آتي من أجل أن أخذ حريتي في التدخين، وقد عرفنا لحظتها ان التدخين مضيق عليه جدا في سنغافورة حتى في الشوارع ممنوع تماما تحت طائلة العقوبة وأن العلكة أيضاً ممنوعة تماماً، ويغرم من يستعملها حتى لا تلوث الشوارع.

في سنغافورة، خامس أكبر ميناء في العالم، وفي شهرتها صناعة المشتقات النفطية والتكرير للنفط.بكميات عالمية

والرئيس السنغافوري، شرفي، وهو ليس حزبيا وينتخب مباشرة واسمه، ثارمان، وشعار الرئاسة هو (قم بها جيداً... قم بها معنا).

وفي الأرشيف مع الأردن، مجموعة كبيرة من الاتفاقيات التي ما زال بعضها يحتاج الى تفعيل، رغم أنها موقعة، ومنها اتفاقية التجارة الحرة عام 2004، واتفاقية تشجيع الاستثمار، واتفاقية التعاون التجاري بين اتحاد الصناعات السنغافورية وجمعية رجال الأعمال الأردنيين، التي أنجزها حمدي الطباع، ومذكرة تفاهم في تنمية الموارد البشرية وأخرى في تطوير القطاع العام ومعهد الإدارة، واتفاقية اعفاء الجوازات الدبلوماسية من التأشيرة واتفاقية بخصوص الأهلية البحرية.

ويبلغ حجم الاقتصاد السنغافوري، كما في البيانات 420 مليار دولار، ومتوسط دخل الفرد 70 ألف دولار، وهو من أعلى الدخول على المستوى العالمي، إذ تعد سنغافورة مركزا صناعيا متقدما جداً، ويعتبر اقتصادها نموذجيا، وظلت كثير من دول العالم تحاول تقليد سنغافورة، والآخذ بتجربتها بنجاحها وتميزها.

وظل الأمير الحسن بن طلال، يتحدث دائماً عن النموذج السنغافوري ويدعو الى تقليده.

الزيارة الملكية التي قام بها الملك عبد الله الثاني، يرافقه فيها نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية، أيمن الصفدي، وسمو الأمير غازي بن محمد، مستشاره للشؤون الدينية الذي زار مساجد في سنغافورة، منها مسجد السلطان، وهو أول مسجد بني فيها عام 1824، كما كان في الوفد، مدير مكتب الملك عبد الله الثاني، علاء البطاينة، وقد شارك ايضا السفير الأردني في سنغافورة، سائد الروابدة.