البرلمان .. بيت العقل والحكمة
مما لا شك فيه أن مجلس النواب أحد الأعمدة الرئيسة في بنية الدولة، فهو صوت الشعب ومجسد إرادته، وركيزة التوازن بين السلطات، ودوره يتجاوز التشريع ليشمل الرقابة على أداء الحكومة ومساءلتها عن إدارة المال العام والسياسات العامة، ومن أبرز محطات هذا الدور تأتي مناقشات الموازنة العامة، التي تشكل اختباراً حقيقياً لمدى نضج الحياة البرلمانية وتغليب المصلحة الوطنية والنأي بها عن الحسابات الضيقة والمكاسب الشعبوية.
ولما كانت الموازنة العامة بمثابة خطة وطنية تحدد أولويات الدولة في الإنفاق والاستثمار، وتترجم رؤيتها الاقتصادية والاجتماعية، فإن مناقشتها تحتاج إلى قراءة دقيقة للأرقام والسياسات بعيداً عن الخطابات الانفعالية أو محاولات كسب الرأي العام على حساب المصلحة العليا للدولة، فكل بند في الموازنة يعني مشروعاً أو خدمة تمس حياة الناس، وأي تعديل غير مدروس قد ينعكس على استقرار الاقتصاد وفرص العمل ومستوى المعيشة.
وفي هذا السياق، تقتضي المسؤولية الوطنية من السادة النواب أن يتحركوا ضمن منطق الدولة، وأن ينظروا إلى الموازنة بعين شمولية تتجاوز حدود الدوائر الانتخابية إلى رحابة الوطن كله، فالرقابة لا تعني الصدام، والمعارضة لا تعني التعطيل، بل السعي إلى تصويب المسار وتجويد الأداء في إطار من الشراكة والتكامل مع السلطة التنفيذية، لذلك يفترض أن تكون المداولات تحت القبة مساحة للوعي والمسؤولية، لا ساحة للمغالبة أو المزايدات التي تضعف الثقة بالمؤسسات وتشوه صورة العمل النيابي.
إن الابتعاد عن الشعبوية في نقاش الموازنة ليس مطلباً سياسياً فقط، بل ضرورة وطنية لحماية الاقتصاد والحفاظ على مصداقية البرلمان، فالشعبوية لا تبني اقتصاداً، والمغالبة لا تصنع إصلاحاً، فمثل هذه الممارسات قد ترضي العاطفة على المدى القصير، لكنها ستضعف الموقف الوطني على المدى الطويل، وفي المقابل، يمنح النقاش المسؤول الموازنة شرعية شعبية، ويحول البرلمان إلى شريك في صناعة القرار.
لقد أثبتت التجارب أن الدول التي تمتلك برلمانات فاعلة وقادرة على إدارة النقاش المالي بعقلانية، هي الأقدر على تحقيق الإصلاح الاقتصادي المستدام، لأنها تبني قراراتها على التوافق لا على التنازع، وفي الأردن، تتعاظم أهمية هذا الدور في ظل التحديات الاقتصادية التي تتطلب من الجميع -حكومة ونوابا-خطابا واقعيا يوازن بين الطموح والإمكانات، وكذلك بين العدالة الاجتماعية والانضباط المالي.
إن مناقشات الموازنة يفترض أن تكون ساحة للعقل والحكمة والمسؤولية مثلما أنها تعد فرصة لتجسيد روح الدولة، وتجديد الثقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وإثبات أن البرلمان شريك في البناء، ويؤمل أن تظل المصلحة العامة هي البوصلة التي تهدي المداولات، لأن قوة الدولة تبدأ من قوة مؤسساتها ومن دفاع ممثلي الشعب عن مصالح الوطن بعقل راشد وإرادة مخلصة، فحين يرتقي الخطاب البرلماني إلى مستوى التحديات، تتحول قبة البرلمان إلى منبر وطني يوازن بين النقد المسؤول والدعم الواعي، ويمنح الدولة دفعة جديدة نحو الاستقرار والنمو.
مما لا شك فيه أن مجلس النواب أحد الأعمدة الرئيسة في بنية الدولة، فهو صوت الشعب ومجسد إرادته، وركيزة التوازن بين السلطات، ودوره يتجاوز التشريع ليشمل الرقابة على أداء الحكومة ومساءلتها عن إدارة المال العام والسياسات العامة، ومن أبرز محطات هذا الدور تأتي مناقشات الموازنة العامة، التي تشكل اختباراً حقيقياً لمدى نضج الحياة البرلمانية وتغليب المصلحة الوطنية والنأي بها عن الحسابات الضيقة والمكاسب الشعبوية.
ولما كانت الموازنة العامة بمثابة خطة وطنية تحدد أولويات الدولة في الإنفاق والاستثمار، وتترجم رؤيتها الاقتصادية والاجتماعية، فإن مناقشتها تحتاج إلى قراءة دقيقة للأرقام والسياسات بعيداً عن الخطابات الانفعالية أو محاولات كسب الرأي العام على حساب المصلحة العليا للدولة، فكل بند في الموازنة يعني مشروعاً أو خدمة تمس حياة الناس، وأي تعديل غير مدروس قد ينعكس على استقرار الاقتصاد وفرص العمل ومستوى المعيشة.
وفي هذا السياق، تقتضي المسؤولية الوطنية من السادة النواب أن يتحركوا ضمن منطق الدولة، وأن ينظروا إلى الموازنة بعين شمولية تتجاوز حدود الدوائر الانتخابية إلى رحابة الوطن كله، فالرقابة لا تعني الصدام، والمعارضة لا تعني التعطيل، بل السعي إلى تصويب المسار وتجويد الأداء في إطار من الشراكة والتكامل مع السلطة التنفيذية، لذلك يفترض أن تكون المداولات تحت القبة مساحة للوعي والمسؤولية، لا ساحة للمغالبة أو المزايدات التي تضعف الثقة بالمؤسسات وتشوه صورة العمل النيابي.
إن الابتعاد عن الشعبوية في نقاش الموازنة ليس مطلباً سياسياً فقط، بل ضرورة وطنية لحماية الاقتصاد والحفاظ على مصداقية البرلمان، فالشعبوية لا تبني اقتصاداً، والمغالبة لا تصنع إصلاحاً، فمثل هذه الممارسات قد ترضي العاطفة على المدى القصير، لكنها ستضعف الموقف الوطني على المدى الطويل، وفي المقابل، يمنح النقاش المسؤول الموازنة شرعية شعبية، ويحول البرلمان إلى شريك في صناعة القرار.
لقد أثبتت التجارب أن الدول التي تمتلك برلمانات فاعلة وقادرة على إدارة النقاش المالي بعقلانية، هي الأقدر على تحقيق الإصلاح الاقتصادي المستدام، لأنها تبني قراراتها على التوافق لا على التنازع، وفي الأردن، تتعاظم أهمية هذا الدور في ظل التحديات الاقتصادية التي تتطلب من الجميع -حكومة ونوابا-خطابا واقعيا يوازن بين الطموح والإمكانات، وكذلك بين العدالة الاجتماعية والانضباط المالي.
إن مناقشات الموازنة يفترض أن تكون ساحة للعقل والحكمة والمسؤولية مثلما أنها تعد فرصة لتجسيد روح الدولة، وتجديد الثقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وإثبات أن البرلمان شريك في البناء، ويؤمل أن تظل المصلحة العامة هي البوصلة التي تهدي المداولات، لأن قوة الدولة تبدأ من قوة مؤسساتها ومن دفاع ممثلي الشعب عن مصالح الوطن بعقل راشد وإرادة مخلصة، فحين يرتقي الخطاب البرلماني إلى مستوى التحديات، تتحول قبة البرلمان إلى منبر وطني يوازن بين النقد المسؤول والدعم الواعي، ويمنح الدولة دفعة جديدة نحو الاستقرار والنمو.