مراكز تعليم العربية لغير الناطقين بها في الجامعات .. بوابة نحو العالمية
تشهد الجامعات الأردنية في السنوات الأخيرة إقبالاً متزايداً من الطلبة الأجانب الراغبين في تعلم اللغة العربية، لما تتمتع به المملكة من مكانة أكاديمية مرموقة، وبيئة آمنة ومنفتحة، وتراث ثقافي غني يجعل من الأردن وجهة مميزة لتعلم لغة الضاد.
لكن هذا الإقبال، رغم أهميته، يحتاج إلى مزيد من التفعيل والتطوير ليواكب تطلعات التعليم العصري، ويعزز مكانة الجامعات الأردنية كمراكز إشعاع ثقافي في المنطقة والعالم.
اللغة العربية... جسر للتفاهم بين الشعوب.
تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها ليس مجرد مهمة لغوية، بل رسالة حضارية وإنسانية. فحين يتعلم الأجنبي العربية، فإنه لا يكتسب مفردات جديدة فحسب، بل يدخل إلى عالمٍ واسعٍ من الفكر والتاريخ والقيم.
ومن خلال هذه التجربة، يصبح الطالب سفيراً لثقافتنا، ينقل صورة حقيقية عن العالم العربي بعيداً عن الصور النمطية، ويسهم في مدّ جسور الفهم المتبادل بين الأمم.
وتشير دراسات حديثة إلى أن اللغة العربية تشهد نهضة في عدد من الجامعات العالمية، ما يفتح أمام الأردن فرصة لتصدير خبرته الأكاديمية في هذا المجال، مستفيداً من موقعه الجغرافي ومكانته العلمية.
واقع المراكز الجامعية بين الطموح والتحدي
تضم معظم الجامعات الأردنية اليوم مراكز متخصصة في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، مثل مركز اللغات في جامعة اليرموك، والجامعة الأردنية، وجامعة مؤتة، وغيرها.
غير أن واقع هذه المراكز يكشف تفاوتاً في الإمكانات والبنية التحتية والبرامج الأكاديمية. فبعضها يعتمد مناهج حديثة وأدوات تكنولوجية متقدمة، بينما لا يزال بعضها الآخر بحاجة إلى تطوير شامل في المناهج، وأساليب التدريس، وتجهيزات القاعات، والوسائط التعليمية.
يؤكد خبراء أن نجاح هذه المراكز لا يتحقق إلا من خلال الاستثمار في الكادر الأكاديمي المؤهل، وتوفير برامج تدريب مستمرة للأساتذة في مجالات تعليم اللغات الأجنبية، إلى جانب توظيف التكنولوجيا الحديثة مثل التطبيقات التفاعلية ومنصات التعلم عن بُعد، لتسهيل التواصل مع الطلبة في أي مكان في العالم.
تجربة الأردن في التعليم اللغوي... نموذج قابل للتطوير
الأردن يتميز بتجربة رائدة في مجال تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها منذ ثمانينات القرن الماضي، إذ كانت جامعة اليرموك من أوائل الجامعات العربية التي أسست مركزاً متخصصاً في هذا المجال.
واليوم، يضم المركز العديد من الجنسيات المختلفة، ما يجعل قاعاته الدراسية نموذجاً للتنوع الثقافي والإنساني.
شراكات دولية وآفاق عالمية
من أجل تفعيل دور هذه المراكز، تسعى الجامعات الأردنية إلى بناء شراكات استراتيجية مع مؤسسات أكاديمية وثقافية عالمية.
فقد وقعت بعض الجامعات اتفاقيات تعاون مع جامعات آسيوية وأوروبية لإيفاد طلبة ضمن برامج تبادل أكاديمي، فيما أطلقت مراكز أخرى مبادرات رقمية تتيح التعلم عن بُعد للراغبين في دراسة العربية من بلدانهم.
ويرى خبراء التعليم العالي أن هذه الشراكات تسهم في تعزيز مكانة الأردن كمركز إقليمي لتعليم العربية، وتفتح في الوقت ذاته مجالات اقتصادية جديدة، من خلال ما يُعرف بـ"السياحة التعليمية"، إذ يُنفق الطلبة الأجانب على السكن والمعيشة والخدمات المحلية، ما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني.
التحديات... تمويل وتنسيق وسياسات موحدة
رغم النجاحات الملحوظة، تواجه هذه المراكز مجموعة من التحديات أبرزها محدودية التمويل، وضعف التنسيق بين الجامعات، وغياب سياسة وطنية موحدة لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.
كما أن بعض المراكز تعاني من نقص الكادر المتخصص، وصعوبة الاستمرارية في استقطاب الطلبة بسبب المنافسة الإقليمية من دول مثل مصر والمغرب وقطر التي تقدم برامج مماثلة.
ويؤكد مختصون أن الحل يكمن في إنشاء هيئة وطنية أو لجنة مشتركة بين الجامعات ووزارة التعليم العالي تتولى وضع معايير موحدة للمناهج والمستويات، وتعمل على ترويج الأردن عالمياً كمقصد رئيسي لتعلم اللغة العربية.
رؤية نحو المستقبل
في ضوء التوجهات العالمية نحو التعليم الرقمي والعابر للحدود، يرى الأكاديميون أن الفرصة سانحة أمام الجامعات الأردنية للريادة في مجال تعليم اللغة العربية رقمياً.
يمكن لهذه المراكز أن تقدم برامج إلكترونية متكاملة بشهادات معتمدة، ما يسهل وصولها إلى طلبة في مختلف القارات، ويعزز حضور اللغة العربية في الفضاء الرقمي العالمي.
بهذه الرؤية، تمضي الجامعات الأردنية نحو ترسيخ رسالتها التعليمية والثقافية، وتؤكد أن اللغة العربية ليست مجرد مادة دراسية، بل هُوية ورسالة إنسانية تتجدد في قاعات جامعاتنا كل يوم.
* د. منى ملكاوي / مساعد مدير مركز اللغات – جامعة اليرموك.
لكن هذا الإقبال، رغم أهميته، يحتاج إلى مزيد من التفعيل والتطوير ليواكب تطلعات التعليم العصري، ويعزز مكانة الجامعات الأردنية كمراكز إشعاع ثقافي في المنطقة والعالم.
اللغة العربية... جسر للتفاهم بين الشعوب.
تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها ليس مجرد مهمة لغوية، بل رسالة حضارية وإنسانية. فحين يتعلم الأجنبي العربية، فإنه لا يكتسب مفردات جديدة فحسب، بل يدخل إلى عالمٍ واسعٍ من الفكر والتاريخ والقيم.
ومن خلال هذه التجربة، يصبح الطالب سفيراً لثقافتنا، ينقل صورة حقيقية عن العالم العربي بعيداً عن الصور النمطية، ويسهم في مدّ جسور الفهم المتبادل بين الأمم.
وتشير دراسات حديثة إلى أن اللغة العربية تشهد نهضة في عدد من الجامعات العالمية، ما يفتح أمام الأردن فرصة لتصدير خبرته الأكاديمية في هذا المجال، مستفيداً من موقعه الجغرافي ومكانته العلمية.
واقع المراكز الجامعية بين الطموح والتحدي
تضم معظم الجامعات الأردنية اليوم مراكز متخصصة في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، مثل مركز اللغات في جامعة اليرموك، والجامعة الأردنية، وجامعة مؤتة، وغيرها.
غير أن واقع هذه المراكز يكشف تفاوتاً في الإمكانات والبنية التحتية والبرامج الأكاديمية. فبعضها يعتمد مناهج حديثة وأدوات تكنولوجية متقدمة، بينما لا يزال بعضها الآخر بحاجة إلى تطوير شامل في المناهج، وأساليب التدريس، وتجهيزات القاعات، والوسائط التعليمية.
يؤكد خبراء أن نجاح هذه المراكز لا يتحقق إلا من خلال الاستثمار في الكادر الأكاديمي المؤهل، وتوفير برامج تدريب مستمرة للأساتذة في مجالات تعليم اللغات الأجنبية، إلى جانب توظيف التكنولوجيا الحديثة مثل التطبيقات التفاعلية ومنصات التعلم عن بُعد، لتسهيل التواصل مع الطلبة في أي مكان في العالم.
تجربة الأردن في التعليم اللغوي... نموذج قابل للتطوير
الأردن يتميز بتجربة رائدة في مجال تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها منذ ثمانينات القرن الماضي، إذ كانت جامعة اليرموك من أوائل الجامعات العربية التي أسست مركزاً متخصصاً في هذا المجال.
واليوم، يضم المركز العديد من الجنسيات المختلفة، ما يجعل قاعاته الدراسية نموذجاً للتنوع الثقافي والإنساني.
شراكات دولية وآفاق عالمية
من أجل تفعيل دور هذه المراكز، تسعى الجامعات الأردنية إلى بناء شراكات استراتيجية مع مؤسسات أكاديمية وثقافية عالمية.
فقد وقعت بعض الجامعات اتفاقيات تعاون مع جامعات آسيوية وأوروبية لإيفاد طلبة ضمن برامج تبادل أكاديمي، فيما أطلقت مراكز أخرى مبادرات رقمية تتيح التعلم عن بُعد للراغبين في دراسة العربية من بلدانهم.
ويرى خبراء التعليم العالي أن هذه الشراكات تسهم في تعزيز مكانة الأردن كمركز إقليمي لتعليم العربية، وتفتح في الوقت ذاته مجالات اقتصادية جديدة، من خلال ما يُعرف بـ"السياحة التعليمية"، إذ يُنفق الطلبة الأجانب على السكن والمعيشة والخدمات المحلية، ما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني.
التحديات... تمويل وتنسيق وسياسات موحدة
رغم النجاحات الملحوظة، تواجه هذه المراكز مجموعة من التحديات أبرزها محدودية التمويل، وضعف التنسيق بين الجامعات، وغياب سياسة وطنية موحدة لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.
كما أن بعض المراكز تعاني من نقص الكادر المتخصص، وصعوبة الاستمرارية في استقطاب الطلبة بسبب المنافسة الإقليمية من دول مثل مصر والمغرب وقطر التي تقدم برامج مماثلة.
ويؤكد مختصون أن الحل يكمن في إنشاء هيئة وطنية أو لجنة مشتركة بين الجامعات ووزارة التعليم العالي تتولى وضع معايير موحدة للمناهج والمستويات، وتعمل على ترويج الأردن عالمياً كمقصد رئيسي لتعلم اللغة العربية.
رؤية نحو المستقبل
في ضوء التوجهات العالمية نحو التعليم الرقمي والعابر للحدود، يرى الأكاديميون أن الفرصة سانحة أمام الجامعات الأردنية للريادة في مجال تعليم اللغة العربية رقمياً.
يمكن لهذه المراكز أن تقدم برامج إلكترونية متكاملة بشهادات معتمدة، ما يسهل وصولها إلى طلبة في مختلف القارات، ويعزز حضور اللغة العربية في الفضاء الرقمي العالمي.
بهذه الرؤية، تمضي الجامعات الأردنية نحو ترسيخ رسالتها التعليمية والثقافية، وتؤكد أن اللغة العربية ليست مجرد مادة دراسية، بل هُوية ورسالة إنسانية تتجدد في قاعات جامعاتنا كل يوم.
* د. منى ملكاوي / مساعد مدير مركز اللغات – جامعة اليرموك.