عنف جامعي أم عنف مجتمعي؟!
أكثر تعليق واقعي وصف ظاهرة المشاجرات في الجامعات على هامش المشاجرة الأخيرة في الجامعة الأردنية قبل يومين ما قاله الدكتور نذير عبيدات رئيس الجامعة الأردنية واصفاً المشاجرة بأنها مشاجرة سخيفة لأسباب سخيفة.. وللإنصاف فإن الجامعة الأردنية وكل الجامعات في بلادنا هي ضحية أخطاء متراكمة أدت إلى بروز ظاهرة المشاجرات الطلابية التي أطلق عليها الكثيرون خطأ وظلماً بأنها عنف جامعي، مع أن الأسباب التي تجعل الطالب داخل أسوار الجامعة متوتراً ويعتبر الجهوية والمناطقية هي عناوين كرامته وتكون تصرفاته على هذا الأساس، هي نتاج البيئة التي تربى بها والتي شحنته بهذه المفاهيم الخاطئة، مع موازاة أن كل مؤسسات المجتمع فقدت أدوارها التي كانت تقوم بها، فالأسرة لم تعد كما كانت المطبخ الأول لتعليم الأبناء وتربيتهم وجعلهم يهضمون القيم السليمة والصحيحة، وتدريبهم على إقامة العلاقة السلمية مع الآخر، ودفع الشاب ينظر إلى من حوله أنهم شركاء لا خصوم من خلال المفهوم الحقيقي للزمالة في الجامعة ، كذلك العلاقة مع الآخرين في المجتمع ليس من باب الجهوية والمناطقية، أما المدارس فحدث ولا حرج، فقد فرّغت من كل مضمون في دورها، فلم تعد تلك المؤسسات التربوية التي تنشيء التلميذ على القيم الوطنية والدينية التي تخاطب عقله وإمكانياته الإيجابية المخزونة لديه، واضمحلت هيبة المعلم ، واضطربت المناهج وغاب الأسلوب التربوي المطلوب في التعامل مع الطلاب.
زمان كان تلميذ المدرسة ينهي الثانوية العامة وهو متسلح بالأخلاق والثقافة في كل مستوياتها وحسن التعامل مع الآخر، لهذا كان عندما يدخل الجامعة يتعامل مع الآخر من منطلق هذه المفاهيم، وبالتالي كانت جامعاتنا خالية تماماً من هذه الظواهر النشاز، وكانت مساحات للحوار والتعارف بين مختلف الطلبة، وينخرط الطالب في الجامعة دراسة ونشاطاً دون أي منغصات، لأنه لا يحمل كما هو كثير من الشباب اليوم قيم خارجة عن المألوف حملوها إلى الجامعة من بيئاتهم ، فمنذ متى كانت جامعاتنا ميدان للمشاجرات، وكانت مرافقها عرضة للتكسير للأسف من قبل طلابها، وفي كل مرة تقع مشاجرة نكتشف أن سببها خلاف بين شخصين على أمر لا قيمة له، وكل واحد منهم يستدعي أبناء عمومته في الجامعة ومن خارجها وفي الغالب لا يكونوا طلاباً ليشدوا من عضده في ميدان "الوغى".
لقد وقعت سياسات التعليم العالي في العقود الأخيرة في أخطاء متعددة، على رأسها إسقاط مبدأ توزيع الطلاب إلى الجامعات بغض النظر عن مكان سكن أسرهم، حيث كانوا يتوزعون على الجامعات على امتداد الجغرافيا الوطنية، أبناء عمّان يذهبون في إلى جامعات إربد، ويذهب عدد كبير من طلاب اربد إلى جامعات الجنوب ويأتي مثلهم من الجنوب إلى جامعات الوسط والشمال، الأمر الذي كان يفتح المجال واسعاً للإختلاط الإيجابي بين أبناء الأردن واكتساب ثقافات جديدة وتوسيع دائرة التعارف بين الشباب.
كنا في اليرموك في ثمانينات القرن الماضي حيث كانت الجامعة تشكّل باقة جميلة من أبناء الأردن من مختلف مناطق المملكة، فتعرفنا على طلاب من معان والكرك والطفيلة والزرقاء، نحن أبناء اربد، مع الإشارة أننا كنا أقل نسبة في جامعة اليرموك، حيث كما ذكرت كان الطلاب يتوزعون على محافظات المملكة، وقامت بين الجميع علاقات متينة لا زالت قائمة حتى اليوم، ناهيك عن فئة أبناء المغتربين الأردنيين في الخارج الذين كانوا أيضاً يطلعوننا على ثقافات جديدة وكان هذا الواقع في جميع جامعاتنا.. ومما زاد الأمر اليوم تعقيداً للمشكلة وتعميق تأثير المفاهيم السلبية المسيطرة البيئة وبالتالي تأثيرها على نفسية وتصرفات الشباب أن سياسة القبول في الجامعات أصبحت كسياسة في القبول في المدارس، حيث أصبح طلاب المنطقة الواحدة يحشرون في جامعة قريبة من مناطق سكنهم، وبالتالي حرمانهم من الاختلاط بثقافات جديدة والتعرف على الزملاء وأصدقاء جدد الأمر الذي يزيد من ظاهرة الجهوية، ناهيك أيضاً أن المناهج في الجامعات في كثير من الأحيان لا زالت تعتمد على الحفظ ولا تدفع الطالب لقضاء وقت طويل في المكتبات باحثاً عن المعلومة، وقلة النشاطات الرياضية والثقافية الأمرالذي يترك عنده فراغاً أو متسعاً من الوقت لا يعرف كيف يقضيه.
الحديث عن المشاجرات التي تحدث في جامعاتنا طويل ومتشعب، والمقام هنا لا يسمح ولكن لا بد من التأكيد أن الجامعات مظلومة في هذا الموضوع لأنها تستقبل طلاباً كما أشرت مشحونون بكل أسباب التوتر والتشنج والثقافات المشوهة التي اكتسبوها من بيئاتهم ولا بد من الضرب بيد من حديد دون رحمة، على من يمارس هذه الظاهرة لأن الموضوع لم يعد فقط يعني من هو داخل أسوار الجامعة، بل تعداه منذ زمن إلى الإساءة إلى سمعة جامعاتنا في الخارج كذلك ، فإن من يرى هذه المناظر فإنه لا بد أن يشكك في أمن واستقرار البلد...
يجب إعادة النظر بكل أداء المؤسسات التي من واجبها تأسيس الإنسان على أسس سليمة من البيت إلى المدرسة ، كذلك محاولة ترسيخ مفاهيم سليمة في المجتمع بدل تلك المفاهيم المشوهة التي نتجت عنها ظواهر كثيرة ومشوهة تهدد سلمية الجميع في كل مجالات الأحتكاك بين الناس وأولها كان الجامعات..
مرة أخرى العنف لا ينمو في الجامعات بل نتاج بيئة مريضة تصدره إلى الجامعات من خلال شباب هم أيضا ضحية لهذه الأمراض والتشوهات!!
									زمان كان تلميذ المدرسة ينهي الثانوية العامة وهو متسلح بالأخلاق والثقافة في كل مستوياتها وحسن التعامل مع الآخر، لهذا كان عندما يدخل الجامعة يتعامل مع الآخر من منطلق هذه المفاهيم، وبالتالي كانت جامعاتنا خالية تماماً من هذه الظواهر النشاز، وكانت مساحات للحوار والتعارف بين مختلف الطلبة، وينخرط الطالب في الجامعة دراسة ونشاطاً دون أي منغصات، لأنه لا يحمل كما هو كثير من الشباب اليوم قيم خارجة عن المألوف حملوها إلى الجامعة من بيئاتهم ، فمنذ متى كانت جامعاتنا ميدان للمشاجرات، وكانت مرافقها عرضة للتكسير للأسف من قبل طلابها، وفي كل مرة تقع مشاجرة نكتشف أن سببها خلاف بين شخصين على أمر لا قيمة له، وكل واحد منهم يستدعي أبناء عمومته في الجامعة ومن خارجها وفي الغالب لا يكونوا طلاباً ليشدوا من عضده في ميدان "الوغى".
لقد وقعت سياسات التعليم العالي في العقود الأخيرة في أخطاء متعددة، على رأسها إسقاط مبدأ توزيع الطلاب إلى الجامعات بغض النظر عن مكان سكن أسرهم، حيث كانوا يتوزعون على الجامعات على امتداد الجغرافيا الوطنية، أبناء عمّان يذهبون في إلى جامعات إربد، ويذهب عدد كبير من طلاب اربد إلى جامعات الجنوب ويأتي مثلهم من الجنوب إلى جامعات الوسط والشمال، الأمر الذي كان يفتح المجال واسعاً للإختلاط الإيجابي بين أبناء الأردن واكتساب ثقافات جديدة وتوسيع دائرة التعارف بين الشباب.
كنا في اليرموك في ثمانينات القرن الماضي حيث كانت الجامعة تشكّل باقة جميلة من أبناء الأردن من مختلف مناطق المملكة، فتعرفنا على طلاب من معان والكرك والطفيلة والزرقاء، نحن أبناء اربد، مع الإشارة أننا كنا أقل نسبة في جامعة اليرموك، حيث كما ذكرت كان الطلاب يتوزعون على محافظات المملكة، وقامت بين الجميع علاقات متينة لا زالت قائمة حتى اليوم، ناهيك عن فئة أبناء المغتربين الأردنيين في الخارج الذين كانوا أيضاً يطلعوننا على ثقافات جديدة وكان هذا الواقع في جميع جامعاتنا.. ومما زاد الأمر اليوم تعقيداً للمشكلة وتعميق تأثير المفاهيم السلبية المسيطرة البيئة وبالتالي تأثيرها على نفسية وتصرفات الشباب أن سياسة القبول في الجامعات أصبحت كسياسة في القبول في المدارس، حيث أصبح طلاب المنطقة الواحدة يحشرون في جامعة قريبة من مناطق سكنهم، وبالتالي حرمانهم من الاختلاط بثقافات جديدة والتعرف على الزملاء وأصدقاء جدد الأمر الذي يزيد من ظاهرة الجهوية، ناهيك أيضاً أن المناهج في الجامعات في كثير من الأحيان لا زالت تعتمد على الحفظ ولا تدفع الطالب لقضاء وقت طويل في المكتبات باحثاً عن المعلومة، وقلة النشاطات الرياضية والثقافية الأمرالذي يترك عنده فراغاً أو متسعاً من الوقت لا يعرف كيف يقضيه.
الحديث عن المشاجرات التي تحدث في جامعاتنا طويل ومتشعب، والمقام هنا لا يسمح ولكن لا بد من التأكيد أن الجامعات مظلومة في هذا الموضوع لأنها تستقبل طلاباً كما أشرت مشحونون بكل أسباب التوتر والتشنج والثقافات المشوهة التي اكتسبوها من بيئاتهم ولا بد من الضرب بيد من حديد دون رحمة، على من يمارس هذه الظاهرة لأن الموضوع لم يعد فقط يعني من هو داخل أسوار الجامعة، بل تعداه منذ زمن إلى الإساءة إلى سمعة جامعاتنا في الخارج كذلك ، فإن من يرى هذه المناظر فإنه لا بد أن يشكك في أمن واستقرار البلد...
يجب إعادة النظر بكل أداء المؤسسات التي من واجبها تأسيس الإنسان على أسس سليمة من البيت إلى المدرسة ، كذلك محاولة ترسيخ مفاهيم سليمة في المجتمع بدل تلك المفاهيم المشوهة التي نتجت عنها ظواهر كثيرة ومشوهة تهدد سلمية الجميع في كل مجالات الأحتكاك بين الناس وأولها كان الجامعات..
مرة أخرى العنف لا ينمو في الجامعات بل نتاج بيئة مريضة تصدره إلى الجامعات من خلال شباب هم أيضا ضحية لهذه الأمراض والتشوهات!!