وجهات نظر

ترامب صانع السلام في الشرق الأوسط

ترامب صانع السلام في الشرق الأوسط

فصل سياسي جديد يوشك أن يبدأ في المنطقة ، بعد توقيع اتفاق غزة ، ومع ذلك فقد ذكّرني خطاب ترامب أمام الكنيست الإسرائيلي ، بذاك الذي ألقاه السادات ، قبل خمسة عقود تقريبا ، حين ساد الاعتقاد بعده لدى الجميع ، بأن حرب تشرين ربما تكون هي آخر الحروب ، وهو الأمر الذي لم يحدث قط ، نظراً لأن إسرائيل ، لم يكن بنيتها أصلا معالجة المسألة الأساسية التي سببت كل تلك الحروب ، ولا أظن أنها ستفعلها هذه المرة ، حيث اثبتت حرب غزة

الاخيره ، مرورا بغيرها من انتفاضات الشعب الفلسطيني ،وحروب إسرائيل الاخرى في المنطقة ، أن القوة العسكرية الاسرائيلية، تمنح تل أبيب نشوة مؤقتة، لكنها لاتصنع نصرا كاملا ، ولا تنهي الحروب ، ولا تصنع سلاماً دائماً .

هذا المشهد المفعم بالتفاؤل بتحقيق السلام، الذي اشاعه حضور ترامب للمنطقة ، يخشى أن تتكرر معه المراوغة الاسرائيلية مرة أخرى ، تلك التي تعودت عليها دول المنطقة، إذ لم يذكر ترامب في خطابه ، أي شيء يتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني، أو أية ذكرٍ للدولة الفلسطينية ، بعد أن محى ترامب بخطابه ومعه نتنياهو ايضا من جديد ، تاريخا كاملا من نضال الشعب الفلسطيني، على امتداد عقود طويلة ، وتاريخ آخر من الإفلات الاسرائيلي من العقاب ، وتاريخ من التطهير العرقي المتكرر في الفكر الصهيونى ، مارست فيه إسرائيل في حربها على غزة ، كل الحيل السياسية لتنفيذه ، لولا الموقف الحاسم الأردني والمصري ، الذي حال دون دفع سكان غزة نحو الهجرة القسرية .

ترامب الذي سمع تأكيد نتنياهو في خطابه ، بأن الضفة الغربية هي جزء من أرض إسرائيل ، ولم يعلق عليه ، بدا وكأنه موافق على ما ورد ، إذ لم يشر مثلا إلى قرارات الأمم المتحدة ، المتعلقة بفلسطين أو المبادرة العربية بهذا الخصوص ، وغيرها من المحاولات التي هدفت للتوصل إلى تسوية ، توقف الحروب بشكل أو بآخر في هذه المنطقة .

بدا ترامب امام الكنيست ، وكأنه يخاطب ممثلي ولاية أمريكيه ، وبلغ منسوب الثقة لديه ، أن حشر نفسه في شأن إسرائيلي داخلي ، حين طلب من الرئيس الاسرائيلي ، العفو عن نتنياهو من التهم الموجهة إليه ، لقد وصل نتنياهو في حرب غزة ، بنظر ترامب ، إلى نقطة كادت أن تغضبه ، وتطيح بمصالح الولايات المتحدة، خاصة عندما شعر الاخير ، أن القضية الفلسطينية وغزة تحديداً ، باتت حاضرة في صناديق الاقتراع في انتخابات حلفائه في أوروبا ، وربما خشي أن تصل هذه الظاهرة ، إلى انتخابات الكونغرس النصفية ، بعد تلك الاحتجاجات التي حدثت في الجامعات الأمريكية .

هي لحظة فارقة في تاريخ المنطقة ، ومع أن دلائلها ونهايتها معروفة تماماً ، في ظل وجود هذه الحكومة المتطرفة، إلا أنها كشفت بشكل واضح ، أن مفاتيح الحرب والسلام بين إسرائيل والفلسطينيين ، كانت وستبقى بيد واشنطن وحدها.