موضة

بيلا حديد تتألق بأبرز إطلالات الموضة في عيد ميلادها

بيلا حديد تتألق بأبرز إطلالات الموضة في عيد ميلادها

للعلّم - رغم سنوات طويلة من المعاناة مع داء لايم العصبي المزمن، والذي أجبرها مرارًا على التراجع عن عروض الأزياء وتخفيف حضورها الإعلامي، إلا أن العارضة الأمريكية ذات الأصول الفلسطينية بيلا حديد لم تفقد شغفها بالموضة، بل حولتها إلى سلاح ناعم تتحدى به الألم والضعف. في كل ظهور لها، سواء على السجادة الحمراء أو في الشوارع الأوروبية، كانت بيلا تقدم رسالة صامتة مفادها أن الأناقة يمكن أن تكون وسيلة استشفاء، وأن الجمال ليس مجرد مظهر، بل طاقة داخلية تُستعاد من خلال الفن والثقة بالنفس.

الأناقة كقوة داخلية

بيلا حديد نجحت في تحويل الموضة إلى انعكاس لحالتها النفسية، فبينما كان المرض ينهش جسدها، كانت أناقتها تروي حكاية امرأة تتعافى ببطء، وتقاوم بالصورة والابتسامة. إطلالاتها الأخيرة جسدت هذا التحول بوضوح، إذ لم تعد مجرد عارضة ترتدي ما يقدمه المصممون، بل أصبحت تختار بعناية ما يعبر عن قوتها وشخصيتها.

في أحدث ظهور لها على منصة سان لوران، خطفت الأنظار بزي لامع بلون ذهبي نحاسي، بتصميم واسع عند الأكتاف وخصر محدد يبرز القوام بقوة، لتبدو بيلا كأنها درع من الأناقة يلمع في وجه المرض. النظارات الكبيرة والأقراط الضخمة المرصعة بالحجارة كانت بمثابة تفاصيل تعبّر عن شجاعة واضحة: لا إخفاء بعد اليوم، بل مواجهة بريق الحياة وجهاً لوجه.

جذورها الفلسطينية في قلب الموضة

لم تكن الأناقة لدى بيلا حديد مجرد استعراض للجمال، بل وسيلة للتعبير عن الهوية والانتماء. ففي واحدة من أجمل لحظاتها خلال عام 2024، ظهرت في مهرجان كان بفستان مستوحى من الكوفية الفلسطينية، قطعة تراثية تحولت بين يديها إلى رمز عالمي للأصالة والمقاومة الناعمة. الفستان صُمم من قماش الكوفية الشهير باللونين الأبيض والأحمر، مزدان بطبقات كشكش وشراشيب ناعمة، منحها مزيجاً من القوة والرقة في الوقت نفسه.

أما في إطلالة أخرى، فقد قررت دعم مصممة فلسطينية شابة من علامة REEMAMI، فارتدت فستاناً أبيض بتصميم "هالتر" مكشوف الظهر ومزين بتطريزات عربية وكلمات مثل "أحبك"، ليصبح الفستان لوحة فنية تنبض بالمشاعر والرموز الثقافية. بهذا المزيج بين الفخر والتراث والجرأة، أثبتت بيلا أن الموضة يمكن أن تكون صوتاً سياسياً وإنسانياً دون كلمات.

عودة قوية على السجادة الحمراء

بعد غيابها المؤقت عن الفعاليات الكبرى، عادت بيلا إلى الأضواء بإطلالات سهرة تنبض بالهدوء والثقة. في مهرجان كان 2025، تألقت بفستان أسود حريري من سان لوران يتميز بفتحة ساق دراماتيكية وظهر مكشوف، يعكس النضج والصلابة أكثر من الإغراء. الحذاء الرفيع والأقراط المرصعة بالزمرد من شوبارد أكملتا المشهد بأنوثة متقنة.

كما تألقت بفستان نيود من توقيع زهير مراد، صُمم من قماش لامع منسدل بانسيابية هادئة، مطرز بالخرز والشراشيب، مع ذيل طويل يرمز إلى الاستمرار والتجدد. هنا اختارت بيلا أن تبعث برسالة ضمنية: الشفافية والنعومة ليست ضعفاً، بل شكل من أشكال القوة المتصالحة مع الذات.

وفي مناسبة أخرى، ظهرت بفستان كريمي طويل بحمالات كريستالية تتدلى على ظهرها بانسيابية شاعرية، كأنها تقول: “أنا أتعافى، لكنني لم أفقد بريق روحي.” المجوهرات المرصعة التي اختارتها من شوبارد أضافت لمسة من اللمعان الهادئ الذي يعكس نضوجها الداخلي.

الأناقة اليومية كعلاج

حتى في لحظاتها البعيدة عن عدسات المصورين، لم تتخل بيلا عن أسلوبها الفريد. فبينما تميل معظم النجمات إلى الراحة التامة خارج المناسبات، نجدها تختار قطعاً تجمع بين العملية والرقي — مثل الكنزات الضيقة بالألوان الدافئة والبنطلونات الكلاسيكية المستقيمة، لتخلق توازناً يعكس راحة الجسد وهدوء الذهن.

وفي إحدى الإطلالات اللافتة، ارتدت فستاناً قصيراً بتصميم يشبه البدلة الرسمية بخطوط رمادية وبيضاء، ليبدو كدرع ناعم أنيق يعبّر عن امرأة خرجت من الأزمة أكثر قوة وثقة.

ما وراء الأناقة: فلسفة بيلا حديد

الأناقة بالنسبة لبيلا لم تعد مجرد مهنة، بل أصبحت طريقها للتعبير عن النهوض من الانكسار. بعد عقد من المعاناة مع داء لايم، لم تعد تهتم بإخفاء الندوب أو التعب، بل تحوّل حضورها إلى تأكيد أن الشجاعة يمكن أن تكون جميلة.

بيلا اليوم ليست فقط “عارضة العام” كما صنفتها جوائز الأزياء البريطانية عام 2022، ولا واحدة من أكثر الشخصيات تأثيراً في العالم بحسب مجلة تايم، بل هي نموذج للمرأة التي تستمد قوتها من ضعفها، وتحوّل الألم إلى فنّ وبهاء.

في النهاية، تثبت بيلا حديد أن الموضة ليست ترفاً، بل لغة مقاومة، وأن الفستان يمكن أن يكون بياناً جريئاً عن الشفاء والهوية والإصرار على العيش بكرامة وأناقة، مهما اشتدت العواصف.