سوالف

ولدي سندي وعزوتي: كيف نعزز ثقة الابن بنفسه؟

ولدي سندي وعزوتي: كيف نعزز ثقة الابن بنفسه؟

للعلّم - في زمن تتسارع فيه التحديات وتختلط فيه المعايير، أصبح بناء الثقة بالنفس لدى الأبناء أحد أهم ركائز التربية النفسية السليمة.
فالأبناء لا يولدون واثقين بأنفسهم، بل يكتسبون ثقتهم من نظرة والديهم إليهم، ومن الطريقة التي يتحدثون بها عنهم، ومعهم.
ولعل أجمل ما يمكن أن يسمعه الابن من والديه هو: "أنت سندي وعزوتي" — عبارة بسيطة، لكنها تغرس جذور الثقة في قلبه لسنوات طويلة.

الثقة تبدأ من الكلمة

كلمات الوالدين ليست عابرة، بل تُشكِّل البنية النفسية الأولى للطفل.
حين يسمع الابن كلمات التشجيع والإيمان بقدراته، يبدأ بتصديق نفسه، فيتجرأ على التجربة ويؤمن أنه قادر على النجاح.
أما التوبيخ المستمر أو المقارنة بغيره، فتزرع فيه الشك والخوف من الفشل.

الثقة ليست وراثة… بل تُزرع بالكلمة الطيبة، وتسقى بالصبر، وتزهر بالدعم المستمر.

منظور علم النفس: الحاجة إلى الاعتراف

تشير دراسات علم النفس التنموي إلى أن الطفل يحتاج إلى الاعتراف والقبول غير المشروط من والديه ليشعر بالأمان النفسي.
فعندما يُشعره والده بأنه سنده وفخره، ينمو لديه إحساس داخلي بالقيمة، ويصبح أكثر قدرة على اتخاذ القرار، وتحمل المسؤولية، والتعبير عن ذاته دون خوف من الرفض أو الفشل.

كيف نبني ثقة الابن بنفسه عمليًا؟

أظهر له الفخر لا التوقعات فقط:
قل له "أنا فخور بك" بدل "كنت أتمنى أن تكون أفضل". الفخر يغذي الثقة، أما المقارنة فتهدمها.

امنحه فرصة القرار:
اسمح له باختيار ملابسه، أو طريقة حل واجبه. حرية الاختيار الصغيرة تخلق ثقة كبيرة.

شجّعه على التجربة لا الكمال:
علّمه أن الخطأ جزء من التعلم، وأن القوة ليست في عدم السقوط، بل في النهوض بعده.

كن قدوته في الثقة:
الطفل يتعلم من السلوك أكثر مما يتعلم من النصائح. كن صادقًا، واثقًا، متوازنًا… وسيرى فيك المثال الأعلى.

احتوِ خوفه وضعفه:
لا تُضعِف مشاعره بعبارات مثل "لا تبكِ، أنت رجل"، بل علّمه أن التعبير عن المشاعر لا ينتقص من الرجولة شيئًا، بل يعبر عن إنسانية ناضجة.

حين يشعر الابن أنه عزوة أبيه وأمه

عندما يدرك الابن أن والديه يثقان به ويعتمدون عليه، يتكوّن بداخله شعور عميق بالمسؤولية والحب.
فهو لا يريد أن يخيب ظنهما، بل يسعى لأن يكون أهلاً لهذه الثقة.
وهنا يولد الرجُل الحقيقي، لا بالعمر، بل بالوعي والإحساس بالانتماء.

"ولدي سندي وعزوتي" ليست مجرد عبارة…
إنها بذرة تزرع رجلاً يعرف قيمته، ويمنح الأمان لكل من حوله.

الثقة بالنفس ليست هدية تُمنح، بل مسار يُبنى بالحب والاحترام.
حين نرى في أبنائنا الامتداد لا العبء، يصبحون أكثر توازنًا، وأكثر عطاءً.
فكل ابن يسمع من والده وأمه أنه “عزوتهم وسندهم”، سيحمل هذا الشعور معه أينما ذهب…
وسيصبح بدوره سندًا لأسرته ومجتمعه.