وجهات نظر

غزة .. صباح الحياة والأمل

غزة ..  صباح الحياة والأمل


من لم يستطع أن ينتصر لغزة بالقتال، فيستطيع أن ينتصر لها بالمال والتبرع والعطاء، فغزة الآن بحاجة لكل دعم مهما كان، بحاجة الى الطعام والدواء والملابس والمال، وحتى الأطباء والمستشفيات والوقود والسيارات والى الاطباء النفسيين للأطفال والى كل الأشكال التي تبث الحياة في الحياة وتعيد بناء النفس البشرية التي دمرّها العدوان الاسرائيلي.

لا ضرورة للانتظار دقيقة واحدة، فقد انتفت الذرائع التي كان يتذرع بها البعض مما قالوا شغلتنا أموالنا وأهلونا، ووضعوا أنفسهم في صف المتخلفين.

استطيع أن أحيي الموقف الأردني الذي لم يتوقف فيه المجتمع الأردني لحظة واحدة عن المطالبة بمد يد المساعدة لأهل غزة والذي عمل بوسائل غير متوقعة ليصل بالمساعدات الى غزة، وقد انتظر هذه اللحظة الآن بفارغ الصبر.

نعتز جميعاً بالموقف الملكي الذي لبى نداء غزة، وكانت العائلة المالكة في المقدمة، وحيث الخطر حين ارسلت المساعدات بالجو وظلت المحاولات البرية في بعض الأوقات هي الوحيدة التي تدخل الى غزة، رغم الحصار القاسي.

يتطلع الأردن أن يبدأ العالم كله فوراً لتوفير أسباب الحياة لشعب غزة، إذ لم تتوقف الجهود السياسية والدبلوماسية والاتصالات الأردنية على كافة المستويات ابتداء من جلالة الملك وجلالة الملكة وسمو ولي العهد مع مختلف دول العالم لخدمة هذا التوجه الذي سيكون ملموساً في الساعات القادمة.

غزة بحاجة الى إعادة حياة، بحاجة الى اسعاف سريع وبحاجة الى وسائل رفع الانقاض وانتشال الجثث، الى مهندسين ومتطوعين ودفاع مدني وخبراء كوارث، غزة التي بدأ جرحها يبرد لتعيش الأمل الصعب الآن، حين ينظر الناس من حولهم فلا يجدون شيئاً سوى الدمار وروائح الموت والجوع والعطش والمعاناة.

أرجو أن يفتح باب التطوع في عالمنا العربي والاسلامي لايصال كل الضروريات الى غزة من أطباء ومسعفين ورجال دفاع مدني ومن متطوعين، ليبدأ تواصل الأمة مع غزة وشعبها وتخليص الكثيرين من الشعور بالإثم، أنهم لم يستطيعوا الانتصار لغزة وقت الحرب لأسباب معلومة.

نعم لفتح باب التبرعات بالتلثون الحي في كل العالم العربي الاسلامي وفي هذا فليتنافس المتنافسون ولتكن زكاة هذا العام لغزة وليكن لاهلها اضاحي العيد والفطر وليسجل الناس أنفسهم، أنهم مع غزة ومع أمتهم ودينهم وشعبهم، وليصنع أثرياء فلسطين في المنافي والمهاجر التمرين الحي بالتبرعات والدعم وكفالة الأيتام والطلاب... بالمساعدات والعطاء وليتدفق على غزة ما تحتاج، فلن تبقى ذرائع بعد اليوم، وربما كان في كل دقيقة وفي كل مساعدة انقاذ روح لم تزهقها الحرب.

ليكن جبر خواطر أهل غزة موصولاً وبمظاهر واضحة، تجبر فيها أرواح ذوي الشهداء والجرحى والمفقودين، وليكن التطوع لتدريس ابناء غزة وتوفير الكتب الدراسية والكراريس والألواح والأقلام والطباشير، فقد، صادرت الحرب من أعمارهم الدراسية سنتين وتخلفوا عن بقية العالم.

نعم، لتعقد الصفوف في أي مكان حتى في الهواء الطلق... فهذه النكبة الجديدة تفوق نكبة عام 1948، في مجرياتها وأعراضها، ولتكن الصفوف في الخيام التي خرجّت أعوام الخمسينات من القرن الماضي أجيالاً فلسطينية مميزة.

ليسرع المتبرعون لمواجهة الشتاء القادم الآن وليحفظوا ما تبقى من أرواح الفلسطينيين، ولتتحرك الجسور الجوية العربية إلى مصر والأردن والى اقرب المواقع لفلسطين لنقل المرضى والمصابين الى المستشفيات، لانقاذ من أصيبوا بأقوى كارثة في حرب الابادة والتطهير العرقي فاقت آثار الزلازل الطبيعة من خلال العدوان الاسرائيلي الذي استمر لسنتين وقد اسقط جيش الاحتلال على غزة ما يعادل عشر قنابل ذرية من وزن قنبلة هيروشيما الأميركية على اليابان،

غزة تستحق أن يدخل العالم الآن في حالة طوارئ، من اجلها، وعلينا أن نلبي الدعوة الملكية التي انطلقت مبكرا ومازال صداها يتردد ووضعت برسم الانطلاق بقوة عشية وقف الحرب، لنصنع النموذج الذي على العالم أن يراه ويتبعه وسلامتك يا غزة ويا صباح الخير والامل..