سوالف

القرابة لا تكفي: عندما يكون الغريب سندًا

القرابة لا تكفي: عندما يكون الغريب سندًا

للعلّم - أحيانًا يكون الغريب أحنّ من القريب… حين تغيب المودّة في أقرب الدوائر

يُقال إن "الدم لا يصير ماءً"، لكن الواقع أحيانًا يكشف أن الماء قد يكون أصفى وأصدق من الدم! فكم من إنسان وجد في الغريب قلبًا يحتويه، وفي القريب جفاءً يوجعه. ليست القرابة وحدها ما تصنع الحنان، بل القلب وما يحمله من صدق ومروءة. حين يغيب الاهتمام والتقدير بين الأقارب، تصبح كلمة “غريب” مجرد وصف اجتماعي لا أكثر، بينما يكتسب الغريب بفعله ومحبته مكانة “الأهل الحقيقيين”.

القرابة ليست ضمانًا للمحبة

القرب الجسدي أو العائلي لا يعني بالضرورة قربًا عاطفيًا. فهناك من يربطك به النسب، لكنه لا يراك إلا عند الميراث أو المصلحة، وهناك من لا تجمعك به صلة دم، لكنه يسأل عنك في مرضك ويدعو لك في غيابك. القلب هو من يقرّب الناس لا شجرة العائلة.

حين يتحول القريب إلى ناقد دائم

بعض الأقارب يضعون أنفسهم في موقع الحكم، لا الدعم. ينتقدونك حين تنجح، ويشمتون حين تخطئ، ويقيسونك بمعايير الغيرة لا الفرح. هذا النوع من القرابة المتعبة يجعل الشخص يبحث عن “دفء آخر” خارج العائلة، حيث يجد القبول دون شروط.

الغريب الذي يصبح سندًا

قد يكون زميل عمل، أو جارًا طيبًا، أو حتى صديقًا التقيت به صدفة. لكن في لحظة صدق، يصبح أقرب إليك من بعض الأقارب الذين تربطك بهم سنوات. فالعلاقات لا تُقاس بطول الزمن، بل بعمق الموقف. هناك غرباء منحونا ما لم يمنحه لنا القربى: كلمة طيبة، دعم في وقت الشدّة، أو حضور صادق في لحظة وجع.

الخذلان من القريب أشدّ ألمًا

ما يؤلم في برود الأقارب ليس فقط غياب المساندة، بل كسر التوقّع. فنحن ننتظر من القريب أن يكون حضنًا آمنًا، فإذا بنا نجد التجاهل والانتقاد. ذلك الألم لا ينسى بسهولة، لكنه أيضًا يعلّمنا أن نمنح الحب بوعي، لا بعرفٍ اجتماعي.

حين نفهم… نرتاح

ليس من الضروري أن نقطع من لا يهتم، ولا أن نبالغ في لومهم. فبعض الناس محدودون في عاطفتهم، لا يعرفون كيف يُعبّرون. الأفضل أن نحافظ على احترام المسافة، وأن نُبقي قلوبنا مفتوحة للذين يختارون البقاء برغبتهم، لا بواجب القرابة.

أحيانًا، يكون الغريب أكثر دفئًا لأنه يحب دون مصلحة، ويسمع دون حُكم، ويُساند دون انتظار مقابل. ليس المهم من أين جاء الشخص، بل ما الذي يحمله في قلبه لك.
فالقرب الحقيقي ليس في النَسب، بل في النية، وليس في اللقب، بل في الوفاء. فابحث دائمًا عن الذين يمنحونك دفء الروح، لا مجرد صلة الدم.