وجهات نظر

احذروا التوقعات

احذروا التوقعات

تنشط التوقعات وخصوصا مع تصاعد الأحداث وسرعة تناقل تلك التوقعات والمدهش تحولها لواقع مصدق ومرجع للحديث وضرب الحائط بالتحليل المتزن المستند على المعلومات والمصادر والوثائق.

لدي سؤال واضح: لماذا يتم الاهتمام بتلك التوقعات والوثوق بها وقد ثبت أن وراءها أهدافاً عديدة للتأثير وقطف ثمار التلاعب بالكلمات والمشاهد والأحداث وايجاد نمط من التشاؤم والإحباط وحتى التخلف؟

قراءة ما يجري واستشراف المستقبل علم وتخصص وله أهله، والغريب تعلق البعض في بروج الطالع وتوقعات من يرجون لأنفسهم في العديد من القنوات الفضائية على أن ما يدلون به صحيح ويحدث.

بعض التوقعات تتعرض للأردن وتتناول جوانب معينة هدفها واضح وغايتها ليست نقية أبدا، ولهذا يجب على من يروق لهم سماع تلك التوقعات الحذر والحرص واليقظة. لدينا والحمد لله من المحللين الواثقين والعلماء من لديهم قوة الحجة والمنطق والتخصص وهم ينبغي اعتبارهم المرجع السليم عند سماع ما يتفضلون به من قول وازن.

عتب خاص على بعض المحطات والقنوات المحلية والتي لا تهتم كثيراً باستضافة شخصيات ذات قيمة علمية وخبرة واتزان وحرص وتستضيف بعض النماذج التي لا تعبر بدقة وموضوعية في قراءتها للأحداث وتعتمد على الصوت وردة الفعل الانفعالية فقط.

لعل الوازع الحقيقي المطلوب هو البحث الجاد عن المعلومة بدقة ونشر السليم منها والوعي بخطورة تأثير ما يتم تداوله من توقعات حول الكثير من الأحداث ومنها انهاء حرب غزة، أحداث للعام القادم، مصير سوريا ولبنان، الاستثمار في الذهب، الكوارث الطبيعية القادمة وكذلك الأوبئة، وحتى بعض العلاجات من الأمراض المزمنة.

يستخدم الذكاء الاصطناعي لترويج بعض التوقعات ولصقها بشخصيات ورموز سياسية واجتماعية مهمة ونشر العديد منها والتي تجد رواجا كبيرا لدى فئات وشرائح حول العالم وتتداول وبلغات وتأثيرات مدروسة؛ لا بد من الانتباه من عواقب ذلك وخصوصا لدى مجموعات تتلقف تلك التوقعات بلهفة وشوق لنشرها بسرعة ودون تدبر.

عام 2026 على الأبواب وتكثر التوقعات لأحداث قادمة على مستوى العالم والدول والأفراد وتنشط قراءة من يسمون أنفسهم بالفلكينين وذلك اعتداء واضح على التخصص والعلم ، وتبدأ التوقعات بالانتشار على المستويات كافة وسرعان ما تصبح حقيقة لدى البعض لا مجال للتشكيك فيها أبدا .

الثقة والوعي والإيمان عناصر ينبغي توفرها لعيش الحياة والقناعة بالقدر والعمل والسعي والمثابرة والإيجابية وروح التفاؤل والصبر والتحمل ؛ لا بد من حكمة ربانية لما يحدث ويجري في العالم والذي أصبح صغيرا بفعل التكنولوجيا الحديثة وسرعة انتشار الخبر.

ليس كل ما يلمع ذهباً، حكمة نكررها وربما غابت عن الأذهان ولكننا في هذا الوقت الراهن مطالبون بالبحث والتقصي والتحقق بما يكفي لتحري مخافة الله فيما نقول ونفعل وننشر وننفعل ونتصرف.

ليس ما نواجه شرا ولكنه خير وخير إذا أحسنا التصرف بحكمة ورشد واتزان وتسليم بأن "وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ" (109)( آل عمران )؛ لنمضي قدما في هذه الحياة بيقين واطمئنان.