وجهات نظر

ثنائية القانون والأخلاق

ثنائية القانون والأخلاق

كنت قد كتبت سابقاً عن التراجع القيمي لدى فئة من الأردنيين في احترام القانون والتعامل مع الآخر. ولكن ما نلمسه اليوم ان الحكومة ما زالت تتصرف وكأن الأمر خارج اختصاصها، تاركة المجتمع يتآكل من الداخل.

ما يدفعني دايماً للعودة إلى هذا الموضوع هو الممارسات اليومية التي نراها في الشارع من تنمر على القانون، تجاوز للقيم، وانحدار في أسلوب التعامل، يظهر بوضوح في القيادة المتهورة، والاعتداءات اللفظية والجسدية، وتحديداً تجاه النساء. هذه ليست مجرد مخالفات بل مؤشر على تراجع خطير في العلاقة بين الفرد والمجتمع وبين السلوك والقانون.

إن الأخلاق إذا بقيت مجرد شعارات مفصولة عن الواقع، فالأمن المجتمعي يصبح مهدداً، ولا أوضح من ذلك من تزايد جرائم القتل والمشاجرات العنيفة التي نشهدها بين فترة وأخرى. ومع ذلك تبقى استعادة الانسجام بين القانون والأخلاق ممكنة إذا توافرت الإرادة الجادة.

المطلوب هو جهد استثنائي من المؤسسات التعليمية والإعلامية والدينية إلى جانب الأجهزة الأمنية، وذلك لترسيخ ثقافة احترام الآخر، وإعادة بناء علاقة المواطن بالقانون على أساس العدالة لا الخوف.

ان تعزيز التربية المدنية في المدارس والجامعات، وإطلاق برامج توعية مجتمعية، سيعيد الاعتبار للقيم الأردنية الأصيلة التي شكلت دوماً سياجاً يحمي المجتمع من التفكك. فالقانون بلا أخلاق يصبح أداة قمع والأخلاق بلا قانون تظل وعظاً فارغاً. أما الجمع بينهما فهو ما يضمن أمن المجتمع واستقراره، ويحول دون انزلاقه إلى دوامة الفوضى.