وجهات نظر

استباحة غير مسبوقة

استباحة غير مسبوقة

على الرغم من إقرار مجلس الوزراء اللبناني مؤخراً سحب أسلحة حزب الله، وأن نتنياهو شخصياً أشاد بالقرار، وأن هناك اتفاقاً مع إسرائيل بوقف الأعمال العدائية، إلا أن إسرائيل لم توقف اعتداءاتها على لبنان بما في ذلك العاصمة بيروت، لتعود هذا المساء وتقصف بنايات مدنية في بلدات ميس الجبل، وكفر تبنيت، ودبين، والشهابية، وبرج قلاوية بطائرات مقاتلة، وكميات كبيرة من المتفجرات التي غطت سماء الجنوب، وقبل ذلك استهدفت النبطية وبعلبك.

وبالأمس هاجمت إسرائيل سوريا، وقبل أيام اليمن، إضافة إلى استهداف الدوحة في استباحة وعنجهية وعدائية غير مسبوقة منذ احتلال إسرائيل للأراضي العربية في فلسطين عام 1948، وما يحدث أخطر من خطير، وينبئ بمستقبل لا إشراقة فيه ولا أمن ولا استقرار، وعند قراءة المشهد مع ما يحدث في غزة، وما يحدث في الضفة الغربية، ليس من الجيش المحتل فقط، بل من قطعان المستوطنين المسعورين كالكلاب الضالة، يسرقون المواشي، يقتلون، يصادرون الأراضي، ويحرقون البيوت والسيارات، يقتلعون الأشجار، يمنعون المزارعين من أهل فلسطين للوصول إلى أراضيهم، يمنعونهم من قطف العنب حتى يفسد، بل يقطفونه ويبيعونه على أطراف الأراضي الزراعية على مرآى من أصحاب الأرض.

إذا ربطنا هذا مع ذاك من الاعتداءات المتواصلة، وهدم بيوت المواطنين، واعتقال العشرات يومياً، وقتل الشباب بدعوى الشروع في عمليات طعن، نستطيع أن نقرأ خارطة المستقبل مع وجود هذا المحتل الذي لم يعد يحسب حساباً لأحد، لا في الشرق ولا في الغرب، وهذا إرهاب منظم للمنطقة بأسرها، ولكل دولة عربية دون استثناء، إنها رسائل حرب، واستفزاز بشع يسعى إلى افتعال الحروب، وزيادة حجم الاحتقان في المنطقة.

أسطورة إسبارطة التي يحلم بها نتنياهو تقوم على عسكرة دولة الاحتلال، وأن تصبح الحروب مصدراً للدخل، وليس الهيمنة فقط، وإذا استمر الحال على ما هو عليه دون أن تتخذ دول المنطقة كل ما يلزم من أجل لجم هذا المحتل، ووقفه عند حدّه، فإن تهجير أهل غزة سيصبح أمراً واقعاً، وستنجح لا سمح الله سياسات التفريغ، ليس في غزة فقط، وإنما أيضاً في الضفة الغربية تحت مسميات "التهجير الطوعي"، وأما الدول العربية فإنها ستفقد مع الوقت المزيد من منعتها وقدرتها على المواجهة، وستصل يد إسرائيل إلى دول أخرى، ولكل عدوان إسرائيلي مبرر زائف.