وجهات نظر

نبوس الارض تحت نعالكم

نبوس الارض تحت نعالكم

انا اصدق الدوافع الانتقامية التي اشار لها نتنياهو لاستعجال تنفيذ هجوم الدوحة لكن ليس ردا على عملية رامون – القدس كما قال بل على عملية عسكرية سبقتها بيوم تريد القيادة الاسرائيلية الف مرة إخفاءها لفرط ما فيها من معان ودلالات باهرة تمجّد المقاومة وتخزي الاحتلال. عملية لا يمكن محو اثرها الا بعملية أمنية استخبارية صاعقة تبهر العالم وتحسم الحرب كما حصل مع قيادات حزب الله وايران.

ما حصل في الميدان أنه بينما كانت قوات الاحتلال تمارس استعراضا جبانا نذلا بتدمير الابراج المدنية بالقصف عن بعد وقنص طالبي المساعدات وقصف الخيام المتهالكة قام مقاومون بعمل فيه من الشجاعة والاتقان والنبل والاقدام ما لا نراه الا في الأفلام. ووفق رواية العدو نفسه فإن مجموعة من ثلاثة او اربعة مقاومين اقتربوا من مجمع للدبابات واشتبكوا من مسافة صفر مع دبابة الحراسة خارج الساتر الترابي. اولا اطلق مقاوم النار وقتل قائد الدبابة الذي اطل برأسه من البرج ثم تسلق مقاوم آخر الدبابة والقى قنبلة من الباب المفتوح للبرج فقتل جميع من في الداخل ثم الصق ثالث عبوة متفجرة بالدبابة قبل ان تنسحب المجموعة بسلام. واين حدث هذا العمل الخارق ؟! في شمال القطاع، في جباليا التي داست قوات الاحتلال طوال عامين ونصف كل شبر فيها وهدمت كل منزل! يا للرجال.. نبوس الارض تحت نعالكم كما قال الشاعر الفلسطيني المرحوم توفيق زياد. ولعلهم ما كانوا ينتعلون احذية او بساطير بل شباشب كما رأينا في بعض فيديوهات المقاومة.

لو نجح الهجوم في قتل قيادات حماس لما اوقف شيء نتنياهو عن رفع حذاءه في وجه الجميع عربا واجانب بما في ذلك اهالي "المخطوفين" الذين يتظاهرون امام بيته لوقف الحرب واستعادة ابنائهم ولكان استمر بخيلاء وثقة لتنفيذ المشهد الأخير لجريمة العصر في غزة. لكن شاءت العناية الإلهية هذه المرة ان يفشل الهجوم وتلحق الفضيحة كاملة بنتنياهو وسياسته في استهبال العالم بإدعاءات مزيفة وتمويه وقح على جرائم الاحتلال.

الفضيحة اظهرت اسرائيل متلبسة بوضع دولة ارهاب مارقة وهي تستهدف بالاغتيال الوفد المفاوض لوقف الحرب وفي البلد الوسيط والمضيف لطرفي التفاوض الفلسطيني والاسرائيلي!! ولعل احد اسباب الفشل هو نتنياهو نفسه اذ لم يترك للقيادات الميدانية العسكرية والاستخبارية ادارة القرار وفق اعتباراتها المختلفة عن اعتباراته الخاصّة. وقد تم بالفعل تداول انباء عن تغييب جهات امنية وعسكرية عن القرار في هذه العملية. ومن المؤكد ان الداخل الاسرائيلي سيحمل نتنياهو مسؤولية الفشل الفاضح وقد بدأ الحبل يلتف حول رقبته الا اذا تصرف العرب بطريقة ترخي له الحبل وتعطيه مساحة كافية للمناورة وآية التراخي الاكتفاء بالشكاوى لدى الأمم المتحدة وانتظار قرارت من مجلس الأمن سيكون الفيتو الامريكي لها بالمرصاد.

لقد اشار وزير الخارجية القطري الى ان الرد على نتنياهو يجب ان يكون من كل المنطقة وهذا ايحاء بتوجه قطر لتنسيق رد موحد مع المحيط العربي والردّ بالتأكيد ليس مخاطبة العالم لفعل شيء ومعاقبة اسرائيل ونحن ابتداء لا نفعل شيئا.

في مقال سابق بعد ان اتضح ان نتنياهو ادار الظهر نهائيا للاتفاق وينوي الاستمرار بمشروع الاحتلال والقتل والتجويع حتى "النصر الكامل" قلنا ان الوقت قد حان لإجراءات رادعة بالمقاطعة والعقوبات الشاملة وان المناخ موات لتجاوب اسلامي ودولي نرى بوادره اليوم. والآن بعد هذه العملية – الفضيحة هل بقي من عذر للضعف والتردد؟!