وجهات نظر

بين الردع والحذر :الأردن على خط النار الصامت

بين الردع والحذر :الأردن على خط النار الصامت

محاولات التسلل الإسرائيلية عبر الحدود الأردنية لم تكن حدثًا منفصلًا أو عارضًا، بل جاءت في إطار مشهد إقليمي متوتر يتقاطع فيه الميدان بالسياسة، حيث تعكس هذه التحركات نزعة إسرائيلية لاختبار صلابة الموقف الأردني واستفزازه أمنيًا في لحظة شديدة الحساسية، فهي من جهة تسعى إلى الإيحاء بقدرتها على فتح جبهات إضافية وتوسيع دائرة الصراع من غزة ولبنان إلى حدود الأردن، ومن جهة أخرى تريد توجيه رسائل ضغط بأن أي محاولة للتهدئة أو الوساطة الأردنية قد تبقى محكومة بظل التهديد الميداني.

ومع ذلك فقد جاء الرد الأردني سريعًا وحازمًا، إذ تعاملت القوات المسلحة مع الموقف بصرامة تؤكد أن السيادة الأردنية خط أحمر لا يقبل المساس، وأن الأردن، رغم كل الضغوط، ليس ساحة رخوة للعبث أو للمغامرات العسكرية، بل دولة قادرة على حماية حدودها وضبط المشهد بما يحفظ أمنها الداخلي دون انزلاقها إلى الفوضى.

وفي هذا السياق يبرز البعد الاستراتيجي الذي يوازن بين الردع والحذر، فالأردن تدرك أن الانجرار إلى مواجهة مفتوحة لا يخدم مصالحها ولا استقرارها، لكنها في الوقت ذاته تعلن يقظة دائمة واستعدادًا لردع أي خرق محتمل، وبذلك فإن التقدير الواقعي يشير إلى أن هذه التحركات الإسرائيلية ستظل محدودة ومقصودة لغايات الاستفزاز والضغط النفسي والسياسي أكثر من كونها مشروع اجتياح، فيما سيواصل الأردن تشديد الرقابة على حدوده وتكثيف الجاهزية الميدانية والأمنية، ليبقى قائمًا في موقع التوازن الصعب وصخرة صلبة أمام محاولات الاختراق.

وفي الوقت نفسه لاعبًا إقليميًا حذرًا يرفض الانجرار إلى مواجهة واسعة قد تزيد المشهد الإقليمي اشتعالًا.