وجهات نظر

العيارات النارية .. رصاص طائش يفتك بالمجتمع

العيارات النارية ..  رصاص طائش يفتك بالمجتمع

ما زال رصاص الفرح والحماقة يفتك بأبناء مجتمعنا، وما زلنا نشاهد مشاهد الدم والحزن تُلطّخ مناسبات كان من المفترض أن تكون للبهجة والسرور. ومع كل حادثة جديدة، تتكشف حقيقة مرعبة: نحن أمام ظاهرة تتجاوز حدود الخطأ الفردي لتتحول إلى مرض اجتماعي يهدد حياة الناس وأمنهم.

أي عذر يمكن أن يبرر إطلاق رصاصة عابثة في سماء مكتظة بالبشر؟ أي عقل يرضى أن يكون مظهر القوة والرجولة مشروطاً بحمل السلاح والضغط على الزناد؟ أليس العبث بالعيارات النارية هو الوجه الآخر للفوضى والاستهتار بأرواح الناس وكأنها بلا قيمة؟

المؤسف أننا أمام مشهد يتكرر: بيانات استنكار، تشديد أمني، وعود بالردع ، وثائق شرف ، ثم لا يلبث أن يتبخر كل شيء مع أول مناسبة جديدة ، نحن لا نفتقد للقوانين ولا للضبط الأمني، بل نفتقد لشيء أبسط وأعمق: الوعي والمسؤولية والاحترام لحق الحياة.

إن إطلاق العيارات النارية ليس “خطأ غير مقصود”، بل جريمة مكتملة الأركان، لأنها تمارس بإرادة واختيار ، هي جريمة ضد المجتمع كله، لأنها تسلب الطمأنينة من البيوت، وتزرع الخوف في قلوب الأمهات، وتحوّل الفرح إلى عزاء.

لا يمكن لمجتمع يحترم نفسه أن يقبل استمرار هذه الظاهرة ، لا بد من وقفة صارمة من مؤسسات الدولة ومعها ، وقبل ذلك من الشعب الأردني بجميع مكوناته ، ليُعلنوا أن السلاح مكانه الجيش والأمن لا ساحات الأفراح ، إن صمتنا أو تبريرنا لهذه الأفعال ليس حياداً، بل مشاركة ضمنية في الجريمة.

اليوم نحن أمام مفترق طرق: إما أن نواجه هذا النزيف الإنساني بعقوبات رادعة ووعي جمعي يضع حداً لهذه المأساة، أو نستمر في دفن الأرواح البريئة وضحايا الرصاص الطائش، ومزيد من الضحايا والجرحى والمصابين والحزن والخوف، ونبقى نلعن الفوضى بعد فوات الأوان.