وجهات نظر

الملك عبدالله الأول وهزاع وأم كلثوم

الملك عبدالله الأول وهزاع وأم كلثوم

الاعوام تمضي سريعا ، وتبقى الذكريات الخالدة التي هي مكونات التاريخ ، وفيها يمكن للمرء أن يجد الانصاف للشخصيات ، وأيضا يمكنه أن يصنع الاتهام ويزخرفه بقالب مقنع .
ونحن في حضرة ذكرى الشهيد هزاع المجالي بعد 65 عاما على حادثة رئاسة الوزراء التي كانت بتخطيط عربي وبتنفيذ عربي ، نقلب في صفحات مذكرات هزاع التي كتبها بخط يده ، وطبعت ودار حولها ندوات ومحاضرات ، فقد تصادف في مذكراته قصة حادثة قد رواها ، تتفق مما اشار الشهيد الملك عبدالله الاول في مذكراته اليها .

القصة في حرب فلسطين 48 ، وكان الملك عبدالله هو القائد العام للجيوش العربية ولم يكن فعليا يمارس القيادة الا على الجيشين الاردني والعراقي فقط مع رفض بقية الجيوش العربية الامتثال لهذه القيادة .

وكانت رؤية الملك عبدالله للحرب هو أن تستمر دون قبول اية هدنة ،لأن الموقف العسكري في صالح العرب وأن اية هدنة هي لصالح العدو ليعيد تنظيم نفسه واستقبال موجات الهجرة وامدادات السلاح .

ولكن تم فرض الهدنة الاولى التي بدأت في 11 حزيران الى 8 تموز 1948 عن طريق مجلس الامن ، واستغل الملك الشهيد عبدالله الاول الهدنة لزيارة كل من بغداد والرياض والقاهرة لتنظيم الحشد العربي واتباع تكتيكات جديدة ، وبالفعل قد زار بغداد واجتمع مع الوصي على العرش الامير عبدالاله ، وزار الرياض ، ومن ثم كانت زيارته للقاهرة .

وبعد الهدنة انقلب الموقف العسكري وتحول العرب للدفاع فقط وبقي الجيش الاردني يقاتل على جبهته وحافظ على القدس العربية .

استقبله الملك فاروق وانتقلا الى قصر انشاص، وأقام الملك عبدالله في جناحه المخصص له ، ولم تكن هناك أية بادرة لاجتماع تنسيقي ، وحل المساء وليل صيف حزيران ، ومن ثم جاءت الدعوة لجلالته لحضور مأدبة العشاء على شرف جلالته في حديقة القصر وحول البركة وسط عزف موسيقي طربي . وحضر جلالة الملك عبدالله الاول المأدبة وجلس الى جوار مضيفه الملك فاروق ، والموسيقى تعزف الحانا طربية عاطفية ثم تبدأ راقصة باستعراض ومن بعد ظهرت أم كلثوم لتغني . هنا اشار الملك عبدالله الى هزاع المجالي الذي كان رئيسا للتشريفات ويرافق جلالته وهمس في أذنه يجب أن أجد العذر لمغادرة هذا الصخب في وقت الحرب، واتفقا بأن يقول هزاع " للياور" وهو مرافق الملك فاروق بأن الملك عبدالله لا يمكنه الاستمرار في السهر لأنه ينام باكرا وهذا موعد تناوله للدواء، وأبلغ الياور الملك فاروق بالرسالة ووافق، فاستأذن الملك عبدالله وغادر حفلة أنشاص .
لا يمكن وصف مشاعر الملك عبدالله بعدها وغادر في اليوم الثاني عائدا الى عمان بلا أية نتيجة .

في مذكرات هزاع تفصيلا أكثر ومواقف طريفة مع الوفد المرافق لجلالته .

رحم الله الشهيدين الملك عبدالله الاول وهزاع بركات المجالي ورحم الله الشهيد وصفي التل لأن العامل المشترك بين الشهداء الثلاثة هو الاخلاص للعرب والوفاء لقضية فلسطين.