الطلبة والاستدامة في الجامعات: شراكة تصنع المستقبل
لم تعد الجامعات اليوم مجرد مؤسسات للتدريس وتخريج الكفاءات، بل أصبحت مختبرات حقيقية لإيجاد حلول للتحديات التي تواجه المجتمعات، وعلى رأسها تحدي الاستدامة. وفي هذا السياق، يلعب الطلبة دورًا محوريًا، إذ إنهم ليسوا فقط محور العملية التعليمية، بل هم أيضًا قوة تغيير فاعلة تستطيع أن تدفع بالجامعات الأردنية إلى مصاف المؤسسات الأكثر التزامًا بالمسؤولية البيئية والاجتماعية.
فالاستدامة في الجامعات لا تعني مجرد سياسات إدارية أو مبانٍ موفرة للطاقة، بل تعني وعيًا متجذرًا في عقول الشباب. الطلبة حين يشاركون في مشاريع التدوير، أو في حملات ترشيد المياه والكهرباء، أو في مبادرات التشجير داخل الحرم الجامعي، فإنهم يرسخون ثقافة جديدة تنعكس على المجتمع بأسره. إنها ممارسات صغيرة في ظاهرها، لكنها عميقة في أثرها، لأنها تجعل من الاستدامة سلوكًا يوميًا لا مجرد شعار.
دور الطلبة يتجاوز المشاركة الرمزية إلى أن يكونوا قادة فكر ومبادرة. فالجامعة تمنحهم مساحة للبحث العلمي والإبداع، وهم قادرون على تحويل أفكارهم إلى حلول عملية. مشاريع الطاقة الشمسية، أنظمة الري الذكية، تطبيقات مراقبة الاستهلاك، كلها أمثلة على إبداعات طلابية أثبتت أن الاستدامة يمكن أن تكون ثمرة تعاون بين المعرفة النظرية والقدرة على الابتكار.
وفي الأردن، حيث يواجه الوطن تحديات حقيقية في الموارد الطبيعية، يكتسب دور الطلبة في هذا المجال أهمية مضاعفة. فالمياه محدودة، والطاقة مكلفة، والبيئة بحاجة إلى حماية. الجامعات هنا ليست فقط مواقع للتعليم، بل هي بيئة حاضنة للتغيير. والطلبة حين ينخرطون في العمل البيئي والاجتماعي، فإنهم لا يخدمون جامعاتهم وحدها، بل يرسلون رسالة إلى المجتمع بأن جيل المستقبل واعٍ ومستعد لتحمل المسؤولية.
كما أن مشاركة الطلبة في مجال الاستدامة تُعزز من إحساسهم بالانتماء للجامعة والوطن. الطالب الذي يرى أن جهده يُثمر في حرم جامعته يشعر بأن صوته مسموع وأن مبادرته محل تقدير، وهذا الإحساس بالجدوى يعمّق ولاءه للأردن. فالانتماء لا يولد من الكلمات وحدها، بل من الأفعال التي تمنح الشاب شعورًا بأنه قادر على صناعة الفرق.
الجامعات الأردنية يمكن أن تتحول، بفضل طلبتها، إلى مراكز استدامة حقيقية إذا ما فُتح أمامهم المجال. فالأنشطة الطلابية، الجمعيات العلمية، الأندية البيئية، والمبادرات التطوعية جميعها منصات تُتيح للطلبة التعبير عن وعيهم وممارسة دورهم في بناء مستقبل أخضر. ومن خلال هذه المنصات، يتعلم الطلبة أن الاستدامة ليست رفاهية، بل ضرورة وطنية تضمن بقاء الأردن قويًا أمام تحديات الغد.
ومؤسسات التعليم العالي التي تمنح الطلبة المساحة للإبداع في هذا المجال لا تخدم البيئة فقط، بل تعزز أيضًا من سمعتها الأكاديمية. فالجامعة المستدامة اليوم هي الجامعة التي ينظر إليها العالم كقدوة، والطلبة هم سفراؤها الذين يحملون رسالتها إلى الداخل والخارج. لذلك فإن الاستثمار في الوعي الطلابي تجاه الاستدامة هو استثمار في مكانة الجامعة نفسها وفي قوة الأردن على الساحة العالمية.
الطلبة، إذن، ليسوا مجرد جيل ينتظر الفرص، بل هم صانعوها. هم القادرون على تحويل الاستدامة من فكرة إلى ممارسة، ومن سياسة إلى ثقافة، ومن شعار إلى واقع. وبهم تتحول الجامعات الأردنية إلى بيئات تُعلّم لا فقط المناهج، بل أيضًا القيم الكبرى التي يحتاجها الوطن.
إننا اليوم أمام لحظة فارقة: الاستدامة لم تعد خيارًا، بل شرطًا للبقاء. والطلبة هم خط الدفاع الأول والأمل الأكبر في مواجهة هذا التحدي. فإذا ما وُضعت بين أيديهم الأدوات، وفُتح أمامهم المجال، فإنهم قادرون على أن يجعلوا من جامعات الأردن نموذجًا يُحتذى، ومن وطنهم بيتًا يحيا بالكرامة والمسؤولية معًا.
فالجامعات تصنع العقول، والطلبة يصنعون المستقبل. والاستدامة لن تكون واقعًا إلا إذا حملها الشباب في قلوبهم وأفعالهم، لتبقى الجامعات الأردنية منارات مضيئة، لا بالعلم وحده، بل بالوعي الذي يربط العلم بالوطن والحياة.
"الرأي"
فالاستدامة في الجامعات لا تعني مجرد سياسات إدارية أو مبانٍ موفرة للطاقة، بل تعني وعيًا متجذرًا في عقول الشباب. الطلبة حين يشاركون في مشاريع التدوير، أو في حملات ترشيد المياه والكهرباء، أو في مبادرات التشجير داخل الحرم الجامعي، فإنهم يرسخون ثقافة جديدة تنعكس على المجتمع بأسره. إنها ممارسات صغيرة في ظاهرها، لكنها عميقة في أثرها، لأنها تجعل من الاستدامة سلوكًا يوميًا لا مجرد شعار.
دور الطلبة يتجاوز المشاركة الرمزية إلى أن يكونوا قادة فكر ومبادرة. فالجامعة تمنحهم مساحة للبحث العلمي والإبداع، وهم قادرون على تحويل أفكارهم إلى حلول عملية. مشاريع الطاقة الشمسية، أنظمة الري الذكية، تطبيقات مراقبة الاستهلاك، كلها أمثلة على إبداعات طلابية أثبتت أن الاستدامة يمكن أن تكون ثمرة تعاون بين المعرفة النظرية والقدرة على الابتكار.
وفي الأردن، حيث يواجه الوطن تحديات حقيقية في الموارد الطبيعية، يكتسب دور الطلبة في هذا المجال أهمية مضاعفة. فالمياه محدودة، والطاقة مكلفة، والبيئة بحاجة إلى حماية. الجامعات هنا ليست فقط مواقع للتعليم، بل هي بيئة حاضنة للتغيير. والطلبة حين ينخرطون في العمل البيئي والاجتماعي، فإنهم لا يخدمون جامعاتهم وحدها، بل يرسلون رسالة إلى المجتمع بأن جيل المستقبل واعٍ ومستعد لتحمل المسؤولية.
كما أن مشاركة الطلبة في مجال الاستدامة تُعزز من إحساسهم بالانتماء للجامعة والوطن. الطالب الذي يرى أن جهده يُثمر في حرم جامعته يشعر بأن صوته مسموع وأن مبادرته محل تقدير، وهذا الإحساس بالجدوى يعمّق ولاءه للأردن. فالانتماء لا يولد من الكلمات وحدها، بل من الأفعال التي تمنح الشاب شعورًا بأنه قادر على صناعة الفرق.
الجامعات الأردنية يمكن أن تتحول، بفضل طلبتها، إلى مراكز استدامة حقيقية إذا ما فُتح أمامهم المجال. فالأنشطة الطلابية، الجمعيات العلمية، الأندية البيئية، والمبادرات التطوعية جميعها منصات تُتيح للطلبة التعبير عن وعيهم وممارسة دورهم في بناء مستقبل أخضر. ومن خلال هذه المنصات، يتعلم الطلبة أن الاستدامة ليست رفاهية، بل ضرورة وطنية تضمن بقاء الأردن قويًا أمام تحديات الغد.
ومؤسسات التعليم العالي التي تمنح الطلبة المساحة للإبداع في هذا المجال لا تخدم البيئة فقط، بل تعزز أيضًا من سمعتها الأكاديمية. فالجامعة المستدامة اليوم هي الجامعة التي ينظر إليها العالم كقدوة، والطلبة هم سفراؤها الذين يحملون رسالتها إلى الداخل والخارج. لذلك فإن الاستثمار في الوعي الطلابي تجاه الاستدامة هو استثمار في مكانة الجامعة نفسها وفي قوة الأردن على الساحة العالمية.
الطلبة، إذن، ليسوا مجرد جيل ينتظر الفرص، بل هم صانعوها. هم القادرون على تحويل الاستدامة من فكرة إلى ممارسة، ومن سياسة إلى ثقافة، ومن شعار إلى واقع. وبهم تتحول الجامعات الأردنية إلى بيئات تُعلّم لا فقط المناهج، بل أيضًا القيم الكبرى التي يحتاجها الوطن.
إننا اليوم أمام لحظة فارقة: الاستدامة لم تعد خيارًا، بل شرطًا للبقاء. والطلبة هم خط الدفاع الأول والأمل الأكبر في مواجهة هذا التحدي. فإذا ما وُضعت بين أيديهم الأدوات، وفُتح أمامهم المجال، فإنهم قادرون على أن يجعلوا من جامعات الأردن نموذجًا يُحتذى، ومن وطنهم بيتًا يحيا بالكرامة والمسؤولية معًا.
فالجامعات تصنع العقول، والطلبة يصنعون المستقبل. والاستدامة لن تكون واقعًا إلا إذا حملها الشباب في قلوبهم وأفعالهم، لتبقى الجامعات الأردنية منارات مضيئة، لا بالعلم وحده، بل بالوعي الذي يربط العلم بالوطن والحياة.
"الرأي"